-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الجالية.. ما لها وما عليها

الجالية.. ما لها وما عليها

من بين التقاليد الحسنة، التي ارتبطت في الفترة الأخيرة بالزيارات الرئاسية إلى بلاد العالم، هي لقاء رئيس الجمهورية بممثلين عن الجالية الجزائرية المتواجدة في البلد المعني بالزيارة، وهو تكريم دولة لجزائريين ساهمت الظروف العامة في أن يعيشوا خارج الوطن. يجب على السلطة أن لا تتركهم بعيدين عن العين وعن القلب والعقل أيضا، على أمل أن تؤدّي القنصليات الجزائرية المتواجدة في الخارج، الدور الذي صامت عنه عقودا، من أجل دمج الملايين من الجزائريين في أي مشروع أمّة كبير، تطلقه الجزائر، خاصة وأن الثورة التكنولوجية سمحت بتقريب المسافات وتحدي الزمان والمكان بطرق سهلة في ميادين الاقتصاد والتعليم والثقافة…

يُقال إن تعداد المهاجرين الجزائريين في قارات العالم الخمس، قد قارب التسعة ملايين نسمة، وهو رقم “شعب” وتعداد قارب تعداد شعوب تنتمي إلى بلاد ضاربة في التاريخ مثل اليونان، ومع ذلك بقيت العلاقة بين هذا “الشعب” المنتشر في بلاد العالم، وأرضه، مشوبة بالفوضى، وأشبه بروايات “الحبّ المجنون” التي لا تفهم لها بداية ولا نهاية، وإلا كيف نفسِّر أن تجني الحكومة المصرية في كل سنة ثلاثين مليار دولار، من تحويلات أبناء مصر العائدين إلى بلادهم في عطلة قصيرة، ولا تجني الجزائر من “شعبها” الذي يعيش خارج الوطن أكثر من ملياري دولار؟ وكيف نفسّر أن عشرات الآلاف من جزائريي الخارج، صاروا يقضون عطلهم لدى جيراننا، لأنهم لا يجدون مقاعد في الطائرة أو الباخرة ولا وسائل استقبال مريحة يمارسون عبرها حبّهم واشتياقهم لبلادهم؟

لقد ساهمت مختلف الحكومات والنظام عموما منذ زمن طويل، في هذا الوضع البائس عندما كانت المقاعد الديبلوماسية في الخارج تُمنح للمتقاعدين والأحباب ولطالبي الراحة، حتى تحوّلت مع مرور الوقت سفارات الجزائر في فيينا وساو باولو والمنامة وغيرها من العواصم، إلى دور للراحة والاستجمام، لا يكاد ينشط فيها “قاطنوها” إلا في حفلات عيد الاستقلال، فحدثت القطيعة بين المهاجر ووطنه، ودخلت العلاقة دائرة الجنون، فصار السوق الموازي للعملة الصعبة، يستقبل سنويا من أموال جاليتنا ما لا يقلُّ عن عشرين مليار دولار، ولا تستقبل بنوك الدولة غير الفُتات، وصارت الدولة تستورد ما يُسمَّى “كفاءات” أجنبية وهي تعلم وجميعنا يعلم، بأن ما تمتلكه الجزائر من كفاءات في أمريكا واليابان وأوربا، قادر على أن يهزّ البلاد هزا في الميدان العلمي والاقتصادي، خاصة بعد أن أنعم الله على البشرية بنعمة التكنولوجيا، التي صارت تُمكِّن من التحاضر عن بُعد ونقل المعارف من دون وجع مشكلات الطيران والإبحار وضيق الوقت والبيروقراطية.

يجب أن لا تبقى العلاقة بين جاليتنا والبلد الأم، مرتبطة بالالتفاف حول مباراة كرة في تصفيات إفريقية أو عالمية أو حفلة غنائية في باريس أو روما، أو ملتقيات فكرية وعلمية في جامعات قسنطينة أو وهران أو تلمسان، لأنَّ التحوُّل إلى الفعل الحقيقي هو الذي سيجعل للجزائر سندا قويا، في كل بقاع العالم، بعد أن أثبت التاريخ منذ زمن الثورة إلى الآن، أنّ قوة الجزائر في أبنائها داخل الوطن وخارجه.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!