الشروق العربي
حينما تصبح قوانين الأسرة أداة للتفكك الأسري وانحلال المجتمع

الجزائرية تكتسب حق التطليق والتحرش بالقانون

الشروق أونلاين
  • 13968
  • 0

رفع المشرع الجزائري حدّ الحماية للجزائريات بجملة من القوانين الردعية الجديدة التي تصب في خانة حفظ ماء الوجه، في خطوة لرفع الظلم عنهن، متعلقة أساسا بالطفل والعمل، التحرش والعنف، وهي المبادرة التي قيل بشأنها الكثير ووقف في وجهها الكثيرون بحجة أنها ستشجع على التمرد على المؤسسة الاجتماعية وتساهم في الإنحلال.

وترتبط ثلاثة مشاريع قوانين صادق عليها المجلس، بالنساء، أهمها مشروع إنشاء صندوق النفقة والذي روّج له الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة سابقاً، والذي لاقى استحسان معظم الجمعيات النسائية، والناشطين في مجال حقوق الإنسان، والذيستستفيد منه 50 ألف مطلّقة، على مستوى البلاد.

إلى جانب تعديل قانون العقوبات، من أجل تعزيز مكافحة العنف ضد النساء، ومحاربة التحرش الجنسي ضد المرأة، وإقرار عقوبات تجرّم العنف الممارس ضد الزوجة.

ولأن هذه القوانين أثارت حفيظة الكثيرين اخترنا النزول للشارع للوقوف على المباركات أو  الرافضات، وفي الموضوع تقول سيدة رفضت الكشف عن اسمها:”هذه القوانين تأخرت كثيرا في الصدور، كان لابد منها منذ زمن ففئتنا أهينت كثيرا وعانت الويلات، كم من سيدة شابة تطلقت وعانت الأمرين لرعاية أطفالها؟ وهي تلهث خلف منحة الـ4 آلاف دينار التي لا تكفي حتى ثمن الحليب؟ والأمّر من هذا أن الأزواج يتهربون من دفعها ما يجعل الواحدة تفني أيامها في المحاكم“.

وفضّلت آنسة أخرى الحديث عن قانون التحرش الجديد والذي من شأنه الحد من تجاوزات بعض أشباه الرجال الذين يتخطى عندهم حد المعاكسة المعقول:”القانون الردعي الجديد جاء في صالحنا وهو ضروري لحفظ ماء الوجه”.

أما السيد فريد،كاتب عمومي فقد رحّب بالقانون الذي جاء لحماية النساء المعنفات بينما أثارت حفيظته مدة العقوبة:”أعتقد أن العقوبة قاسية نوعا ما، وستتسبب في تشرد كثير من العائلات. هذا من جهة، ومن جهة أخرى كلنا يعلم أن في الموضوع ضحايا ومذنبات. في رأيي التي تخرج من بيتها متمكيجة وترتدي ثيابا غير لائقة وتتمايل هنا وهناك هي التي تدفع بالشباب لمعاكستها..كان من الأولى وضع حد لمثل هذه الممارسات خاصة وأن القانون سيفتح الكثير من القضايا الكيدية التي سيدفع ثمنها ربما شباب طيبون”. من جهته، يقول”إسماعيل”:هذا القانون الذي يظهر ردعي في ظاهره هو قاهر في باطن، فلا يعقل أن يعاقب الرجل على فعل لا إرادي عنده وضمن الفطرة الإنسانية، والشق العقابي هنا جائر، من يستوعب أن قول كلمة حلوة لفتاة قد تكون”معقدة”تكلف صاحبها ستة أشهر من حيات خلف القضبان؟”

القوانين الجديدة عزّزت حقوق النساء

وأمام كل هذا التضارب قصدنا باب الأستاذة “فلول” محامية متخصصة في شؤون الأسرة والتي رحبت من جهتها بالقوانين التي عززت في مجملها من حقوق المرأة موضحة:”صندوقالنفقة والحمد لله جاء ليحفظ ماء المطلقات الحاضنات وهو عمليٌ الآن، الإستفادة تكون بناء على طلب يقدم إلى القاضي رئيس قسم الشؤون العائلية، خلال مختلف مراحل خلاف الوالدين لغاية الطلاق، بما فيها حالات الإهمال العائلي، وتخضع قيمة النفقة الشهرية لكل طفل للسلطة التقديرية للقاضي الذي يعد الوضع المادي للوالد أهم مؤشر لتحديد قيمتها،كما تراعي حاجيات الأطفال في مختلف الفئات العمرية،ويراعي إن كان الطفل مريضا أم لا، وذلك على نقيض ما هو معمول به في الوقت الراهن، حيث قيمة النفقة لا تتجاوز الـ4 آلاف دينار للطفل. وهذا وفق آلية حددتها وزارة المالية التي ستخصص للصندوق غلافا ماليا بصفة دائمة ودورية. وفي هذه الحال ستتكفل الدولة بالنفقة وستعفي الوالد المتهرب من أي مسؤولية جزائية بعكس ما كان معمول به آنفا، بأن يتعرض الزوج للحبس، بالمقابل سيسترجع النفقة منه بقوة القانون.

وفضل المشرع إلحاق مهمة الدفع لمصالح النشاط الاجتماعي الولائية التابعة لوزارة التضامن الوطني وذلك عن طريق حوالة بنكية أو بريدية وتستمر هذه المصالح في الدفع إلى غاية سقوط حق الانتفاع في النفقة.

وبخصوص القوانين الأخرى المتعلقة بالتحرش والتعنيف والذي تتراوح عقوبته بين الـ6 أشهر وثلاث سنوات حبس نافذ يقول الأستاذ معوشي:”عقوبة المتحرش في الشارع تصل إلى  أشهر حبسا نافذا، أما التعنيف الأسري فتصل عقوبته إلى السجن حتى خمس سنوات بحسب درجة التعنيف سواء كان لفظي أو جسدي، وهي كلها قوانين تصب في صالح المرأة، في مبادرة لنفض غبار الظلم عليها، وهي في مجملها قوانين ردعية وعقابية بعدما ارتفعت درجات التعنيف التي وصلت في بعض الأحيان حد القتل وإزهاق الروح”.

بالمقابل، وجدت بعض الشابات راحتهن في ظل قانون التحرش الجديد، لا لأنه يحميهن بل لأنه سيسمح لهن بمعاكسة الشباب بكل راحة، ومن بينهن”شاهيناز”التي صادفناها على مستوى أحد محلات حسين داي والتي تقول:”شيء جميل هذا القانون، فالشباب اليوم لن يتمكنوا من معاكستنا-تضحك-والمقابل نحن سنستمتع بذلك، لقد قطعنا وعدا أنا وصديقاتي، أي شاب سيعجبنا لن نتوانى عن مضايقته، القانون وإن جاء متأخرا فإنه هنا اليوم وسيمنحنا غطاء قانونيا رائعا وسيكون درع لنا لنعاكس براحة تامة وربما هي طريقة لاصطياد زوج المستقبل”.غير أن الموضوع لم يخلى من المعارضة من قبل بعض الشابات اللواتي يحببن المعاكسات لأنها تشعرهن بأنوثتهن-حسبهن-ومن بينهن شابة تقول:”لا أجدضررا في المعاكسة فهي تشعرني وأخريات بأنوثتي وبأنني”مهمة”و”جذابة”، ولا يعقل أن تكلف كلمة إطراء صاحبها السجن، أنا ضد العقوبة فهي بلا جدى وجائرة في حقنا وفي حقهم”.

ومن بين المعارضين لهذه القوانين الجديدة جملة من الفاعلين في الحقل السياسي والديني والذي يتقدمهم”عبد الفتاح زراوي”رئيس حزب الصحوة-غير المعتمد-، والذي عارض بشدة قانون صندوق النفقة في مجمل خرجاته الإعلامية واعتبره وسيلة إغراء للكثير من النساء واللواتي لن تخفن من الضياع في حال حدوث الطلاق، واتهموه بالمساهمة في التفكك الأسري. وهناك مجموعة من الأئمة التي عارضت في خطبها ليوم الجمعة قانون التحرش الذي أغفل شق معاقبة النساء المتحرشات مقارنة بما يتجولن به في الشوارع والأسواق، فيما اتفق الجميع على فعالية قانون تجريم المعتدي على زوجته بالضرب أو شقيقته أو..”.

القوانين مرحب بها طالما لم تخالف الشرع

ولأن شريعتنا لمتدع بدا للسؤال، عرّجنا في موضوعنا على فضيلة إمام والذي رحّب بكل ما استجد طالما لم يخالف ما تنص عليه شريعتنا السمحاء، إذ يقول:”إن الحمد لله نحمده ونشكره، والصلاة والسلام على أفضل خلق الله أجمعين، نبينا وحبيبنا ورسولنا محمد الأمين صلوات الله وسلامه عليه وعلى من تبعه بإحسان إلى يوم الدين وبعد: قوانين الأسرة الجديدة قيل بشأنها الكثير، نحن نرحّببصندوق النفقة الذي سيكفي المطلقات وأطفالهن حق السؤال، كما سيساعد الأزواج المتعسرين في دفع النفقة التي تتكفل بها الدولة المسؤولة عن رعاياها، ومن واجبها-شرعا-التكفل برعاياها.

فيما بوّب قانون التعنيف ضمن مقاصد الشريعة التي تنهى عن الضرب ومعاملة الإنسان بشدة وبطش مؤكدا أن ديننا السمح نهى عن تعنيف الحيوان فما بالك بالإنسان الذي كرّمه الله بالعقل.غير أنه طلب إعادة النظر في قانون التحرش بالنساء، موضحا أنه في كثير من الأحيان الفتيات هن اللواتي يتحرشن بالشباب باللباس الفاضح والتمايل في المشية وكلها أمور نهى عنها الشرع بالحجة والدليل.

مقالات ذات صلة