-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الجزائر تنتصر لغزة

حسين لقرع
  • 605
  • 0
الجزائر تنتصر لغزة

أخيرا، نجح مجلس الأمن الدولي في إصدار قرار ينص على وقف إطلاق النار في غزة من دون أن تعترضه الولايات المتحدة الأمريكية بـ”حق الفيتو”. القرار ثمرة جهود مضنية بذلتها الدول العشر غير دائمة العضوية بمجلس الأمن وفي مقدّمتها الجزائر، التي أكّدت من قبل أنّها لن تكل ولن تمل حتى يتحمّل مجلس الأمن مسؤوليته كاملة باعتباره المسؤول الأول عن حفظ السلم والأمن الدوليين، ومن ثمّة..

فهو نصر جديد للديبلوماسية الجزائرية ونصر لغزة التي واجهت حرب إبادة جهنّمية طيلة نصف سنة تقريبا، دفعت خلالها أثمانا باهظة في أرواح أبنائها وبنيتها التحتية، لكنّها بقيت صامدة مرابطة تتصدّى للعدو وتفشل مخطّطاته في القضاء على مقاومتها الشريفة وتهجير شعبها إلى سيناء. وبالمقابل، هو هزيمة ديبلوماسية للاحتلال، وخطوة أخرى نحو تكريس عزلته الدولية المتنامية بفعل جرائمه الوحشية المتصاعدة في غزة.

لكنّ الأهم من إصدار القرار هو أن يجد طريقه إلى التطبيق، وهنا تكمن المشكلة؛ ففور صدور القرار، لم يخف العديد من المسؤولين الصهاينة رفضهم له، وأكّدوا مواصلة الحرب إلى غاية تحقيق أبرز أهدافها وفي مقدّمتها القضاء على “حماس” وإسقاط حكمها في غزة وتحرير الأسرى الصهاينة، وما زاد الطين بلّة هو تصريح الإدارة الأمريكية بأنّ “قرار مجلس الأمن الدولي ليس إلزاميّا”، وهذا في الواقع غير صحيح لأنّ قرارات المجلس ملزمة، لكنّ المشكلة أنّ القرار الأخير لم يصدر بموجب الفصل السابع، وهذا ما يفقده الآلية الضرورية لتنفيذه، وإن لم يفقده قوته القانونية والإلزامية.

ومن ثمّة، فإننا لا نتوقّع تنفيذ هذا القرار في ما تبقى من شهر رمضان المبارك كما جاء في نصه، كمقدّمة لوقف دائم لإطلاق النار بعد نهاية الشهر الفضيل، وسيماطل الاحتلال كعادته ولن ينفّذه كما لم ينفّذ من قبل قرار محكمة العدل الدولية، وسيواصل الحرب، لاسيما وأنّ الإدارة الأمريكية قد منحته الضوء الأخضر لمواصلتها، بتركيزها على بدعة عدم إلزامية قرار مجلس الأمن، وأنها لن تغيّر سياستها إزاء الاحتلال، وهو استهتار أمريكي واضح بدماء الفلسطينيين؛ إذ امتنعت الولايات المتحدة عن استعمال “الفيتو” وتركت مشروع القرار يمر بغية تبييض صورتها التي شوّهها استعمال “الفيتو” من قبل ضد ثلاثة مشاريع قرارات لوقف حرب غزة، وفي الوقت نفسه منحت الضوء الأخضر للاحتلال لمواصلة جرائمه بالقطاع، من خلال الإدّعاء بأن قرار مجلس الأمن غير ملزم، ومثل هذه السلوكات الالتفافية الاحتيالية ليست غريبة عن الولايات المتحدة؛ فقد زوّدت الاحتلال بنحو 35 ألف طن من الأسلحة والذخائر التي صبّتها على رؤوس الفلسطينيين طيلة الحرب، وفي الوقت نفسه كانت ترسل طائراتها لتقذف فتات الغذاء على مناطق متفرّقة من غزة، لتظهر بمظهر إنساني راق.

ربّما كان الفلسطينيون بحاجة إلى انتصارات ديبلوماسية دولية تخدم قضيتهم العادلة، حتى وإن لم ينفّذها الاحتلال كما حدث مع قرار محكمة العدل الدولية وقرار مجلس الأمن الأخير، لكنّ الأهم من ذلك أن يواصلوا صمودهم في الميدان ما دامت الحرب الصهيونية الجائرة ستستمر بدعم أمريكي، ونتحدّث هنا عن المقاومة وسكان غزة، فهي حرب تستهدف الطرفين معا بهدف اجتثاث أيّ أثر للمقاومة وإعادة القضية إلى ما كانت عليه قبل 7 أكتوبر، فضلا عن استمرار مخطط التهجير عبر مواصلة التجويع الممنهج وإمكانية القيام باجتياح رفح قريبا حيث يعيش نحو 1.5 مليون فلسطيني سيكونون مخيّرين بين الهروب إلى مصر أو مواجهة مجازر مهولة. الوضع خطير، لكنّ الصمود الأسطوري للمقاومة إلى حدّ الساعة، وللفلسطينيين في أرضهم برغم كل جرائم الإبادة والتجويع الجهنمي، تمنحنا أملا كبيرا بقرب تحقيق النصر النهائي وإجبار العدو الصهيوني على الرضوخ في نهاية المطاف لشروط المقاومة وهي: وقف الحرب، وانسحاب جيشه كاملا من غزة، وعودة النازحين جميعا إلى شمال القطاع، ودخول المساعدات الإنسانية بلا قيود، وتنفيذ صفقة تبادل واسع للأسرى بين الطرفين.. وما النصر إلا صبر ساعة، ولا يتّسع الأمر إلا إذا ضاق.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!