-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
توافق سياسي وتعاون وآفاق استراتيجية في أعقاب زيارة رئيسة الوزراء

الجزائر وإيطاليا.. قوة المتوسط

سفيان. ع
  • 6410
  • 0
الجزائر وإيطاليا.. قوة المتوسط
ح.م

أكد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، الاثنين بالجزائر العاصمة، تطابق وجهات النظر بين الجزائر وإيطاليا حول ضرورة العمل معا للمساهمة في إحلال الأمن والسلم في المنطقة المتوسطية، وكذا التقارب الكبير في الرؤى حول القضايا الإقليمية.
وأبدى رئيس الجمهورية، في تصريح صحفي مشترك، رفقة رئيسة مجلس وزراء إيطاليا، جورجيا ميلوني، ارتياحه لـ”تطابق وجهات النظر حول ضرورة الالتزام بالعمل معا من أجل المساهمة في إحلال الأمن والسلم على وجه الخصوص في منطقتنا المتوسطية”، ومن جهة أخرى -يضيف- “فإن ما لمسته لدى ميلوني من مواقف تجاه العديد من القضايا الإقليمية، يترجم التقارب الكبير في الرؤى”.
وقال الرئيس تبون: “لقد عبرنا عن انشغالنا البالغ إزاء تعدد بؤر الصراعات التي تهدد الأمن والاستقرار العالميين، وأدت إلى أزمات مقلقة لها تداعيات سلبية على الأمن الغذائي، وخاصة في القارة الإفريقية”.
وأوضح رئيس الجمهورية أنه تم التأكيد على “ضرورة التوصل إلى حل توافقي بالنسبة للأزمة الليبية، أساسه تنظيم الانتخابات ودعم مسار المصالحة الوطنية في إطار الحوار الشامل الذي تقوده الأمم المتحدة”.

وحول الوضع في مالي، ذكر الرئيس تبون أنه تم التشديد على “وجوب التطبيق الفعلي لاتفاق السلم والمصالحة المنبثق عن مسار الجزائر، وعبرنا عن الإرادة المشتركة بالتنسيق في مسعى مرافقة الإخوة في مالي وتمكينهم من الدعم السياسي والمالي من طرف المجتمع الدولي بما في ذلك عبر تعزيز دور البعثة الأممية “المينيسما” “.
كما تم التطرق إلى قضية الصحراء الغربية، حيث نوه الرئيس تبون “بالموقف الإيجابي والمتوازن لإيطاليا الداعي لإيجاد حل عادل لهذه القضية، في إطار ما نصت عليه قرارات الأمم المتحدة، وبما يمكن الشعب الصحراوي من حقوقه المشروعة”.
ومن هذا المنطلق، يضيف رئيس الجمهورية “فقد تم الاتفاق على دعم المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، ستافان دي ميستورا، والبعثة الأممية من أجل الاستفتاء في الصحراء الغربية”.
وكان للقضية الفلسطينية نصيبها أيضا من اللقاء، حيث تم التأكيد على “الموقف الثابت والمبدئي بالوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني، ومساندته في الدفاع عن حقوقه المشروعة من أجل إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف”، مضيفا أنه تم التأكيد على ضرورة حمل الاحتلال الصهيوني “للانصياع إلى قرارات ولوائح الأمم المتحدة، ووقف الانتهاكات المتكررة في حق الشعب الفلسطيني الذي ما زال يعاني من الاعتداءات المستمرة”.
وأعرب الرئيس تبون عن تطلعه هذه السنة لـ”تمكين دولة فلسطين من العضوية الكاملة في الأمم المتحدة”.

الجزائر حريصة على تعزيز مكانتها كشريك استراتيجي
وفي السياق، جدد رئيس الجمهورية حرص الجزائر على تعزيز مكانتها كشريك استراتيجي لإيطاليا في المجال الطاقوي والتزامها بدورها كممون موثوق إقليميا ودوليا، منوها بمستوى ونوعية العلاقات بين البلدين خصوصا خلال السنوات الأخيرة.
وقال رئيس الجمهورية، “أنوه بمستوى العلاقات الاستراتيجية بين الجزائر وإيطاليا وكذا الجهود المبذولة خلال السنوات الأخيرة لتعزيز الشراكة ودعمها من خلال دفع المبادلات التجارية التي حققت في مدة قصيرة نتائج مميزة”.
وأفاد الرئيس تبون في هذا الصدد أن حجم التبادلات التجارية بين الجزائر وإيطاليا ارتفع من 8 مليار دولار سنة 2021 إلى 16 مليار دولار وهو ما يعتبر “مؤشرا للتقارب والمقاربات التي اعتمدناها لبلوغ ديناميكية متصاعدة في مجالات التعاون المتعددة”.
وأضاف رئيس الجمهورية أن مباحثاته مع ميلوني سمحت له بتجديد حرص الجزائر على تعزيز مكانتها كشريك استراتيجي لإيطاليا في المجال الطاقوي والتزامها بدورها كممون موثوق على الصعيدين الإقليمي والدولي وكذلك الأمر في الاستثمار الصناعي الإيطالي في الجزائر.
كما أبرز الرئيس تبون أيضا أن زيارة رئيسة مجلس الوزراء الإيطالي إلى الجزائر تكتسي أهمية خاصة وتأتي بمناسبة الذكرى العشرين لتوقيع البلدين على معاهدة الصداقة وحسن الجوار.

أنبوب جديد للغاز بين البلدين والتنفيذ في مدة قصيرة
وأكد الرئيس تبون، على أهمية مشروع الأنبوب الجديد لنقل الغاز بين الجزائر وإيطاليا، موضحا “أن هذه المنشأة ستسمح للجزائر أيضا بتصدير الكهرباء والامونياك والهيدروجين”.
وقال الرئيس تبون “مدة التنفيذ أتركها للتقنيين. أعتقد إنها ستكون قصيرة، مشروع الأنبوب في حد ذاته اتفقنا عليه وأمضينا بخصوصه اتفاقية اليوم (الاثنين) على أساس بداية الدراسة ثم الإنجاز، حيث سيكون أنبوبا خاصا ينقل الغاز والكهرباء والهيدروجين والامونياك”.
وأضاف رئيس الجمهورية في الشأن ذاته “إنه مشروع هام جدا سيجعل من إيطاليا موزعا لهذه المصادر الطاقوية عبر أوروبا” منوها بالتعاون الاستراتيجي بين البلدين لا سيما في المجال الطاقوي، حيث تعتبر الجزائر “ممونا أساسيا ونتمنى من الإيطاليين أن ننتقل إلى مرحلة أخرى، حيث ستصبح إيطاليا محطة لتوزيع الطاقة من كهرباء وغاز وامونياك وهيدروجين في أوروبا”، يقول رئيس الجمهورية.

تصنيع سيارات “فيات” بالجزائر في مارس القادم
وفي سياق متصل، أعلن رئيس الجمهورية أن “شركة فيات التابعة لمجمع ستيلانتيس بدأت في فتح ورشاتها وعن قريب جدا، في مارس، يبدأ تصنيع السيارات وكذا تسويق سيارات فيات بما فيها الكهربائية وغيرها”.
كما ينتظر الانطلاق أيضا، يضيف الرئيس تبون، في تصنيع الدراجات النارية من علامة “فيسبا” في قالمة قبل “المرور إلى مراحل أخرى” من الشراكة الثنائية، مؤكدا أن البلدين يسعيان “لتوسيع تعاونهما إلى أوسع ما يمكن”، ومذكرا برمزية إحياء الذكرى الـ20 لتوقيع معاهدة الشراكة والصداقة وحسن الجوار بين البلدين.
وأوضح رئيس الجمهورية أن الجزائر تطمح لأن تصبح إيطاليا “محطة لتوزيع الطاقة (الجزائرية) في أوروبا، سواء الكهرباء أو الغاز، ليس فقط الغاز الطبيعي بل حتى الهيدروجين والامونياك وغيرها”.
وعن الاستثمارات الإيطالية بالجزائر، ذكر رئيس الجمهورية بـ”التجربة الكبيرة” للجزائر مع الصناعة الايطالية، معتبرا أنه “تقريبا كل الجزائريين الذين استثمروا في هذه الصناعة مرتاحون لأن إيطاليا، حسب تحليلنا قد اختارت طريقا سليما لتصبح قوة صناعية، في مجال الصناعات الصغيرة والمتوسطة وهي نموذج يقتدى به”.

ميلوني: الجزائر مؤهلة لتصبح رائدا طاقويا إفريقيا وعالميا
من جهتها، أبرزت ميلوني أهمية زيارة العمل والصداقة التي تؤديها إلى الجزائر والتي تأتي بمناسبة الذكرى الـ20 لتوقيع البلدين على معاهدة الصداقة وحسن الجوار، مؤكدة تطلع بلادها إلى “زيادة الصادرات الجزائرية نحو إيطاليا من الغاز وبالتالي من الجزائر إلى أوروبا”.
وأوضحت ميلوني في هذا الصدد أن الجزائر وإيطاليا تدرسان لهذا الغرض إنجاز أنبوب جديد يسمح أيضا بنقل الهيدروجين والكهرباء، معربة عن تطلع بلادها إلى تنويع شراكتها مع الجزائر لاسيما في مجالات البنى التحتية الرقمية والاتصالات والطب الحيوي والصناعة والطاقات المتجددة.
وأضافت أنه في ظل الأزمة الطاقوية التي تعيشها أوروبا يمكن للجزائر أن “تصبح رائدة على الصعيدين الإفريقي والعالمي وإيطاليا هي باب دخول وتوريد هذه الطاقة نحو أوروبا”.
وردا على سؤال حول قانون الاستثمار الجزائري الجديد، أكدت رئيسة مجلس الوزراء الإيطالي أن هذا الإطار القانوني من شأنه إعطاء دفع للاستثمارات الأجنبية والإيطالية في الجزائر مضيفة أن “العديد من الشركات الإيطالية لديها الرغبة اليوم في إقامة مشاريع بالجزائر، هذا البلد الهام والشريك الاستراتيجي”.
كما تطرقت ميلوني إلى “خطة ماتيي” لتطوير التعاون بين إيطاليا وإفريقيا مؤكدة أنه يتم التركيز، كمرحلة أولى، على منطقة المتوسط وأن “إفريقيا الشمالية لديها الأولوية والجزائر كذلك لأنها الشريك الأساسي الأكثر استقرارا واستراتيجية”.
وأضافت: “نحن نعتبر أن الجزائر شريك بالغ الأهمية في إطار خطة ماتيي لإفريقيا، هذا المشروع الطموح الذي أطلقته الحكومة الإيطالية والذي يستند إلى نموذج من التعاون على قدم المساواة مع بلدان الضفة الجنوبية للمتوسط من أجل تحويل العديد من الأزمات الحاصلة اليوم إلى فرص وإمكانات جديدة”.
وأعربت ميلوني عن رغبة الطرفين الجزائري والإيطالي في بناء نموذج للتعاون بين البلدين يسمح لهما بتحقيق تعاون يرضي كلا الطرفين، مبرزة أن الجزائر تعتبر أول شريك تجاري لإيطاليا في القارة الإفريقية.

التوقيع على إعلان مشترك وأربع مذكرات تفاهم وتعاون
وفي سياق نتائج الزيارة، وقعت الجزائر وايطاليا، الاثنين، على إعلان مشترك وأربع مذكرات تفاهم وتعاون تشمل عدة قطاعات.
وتم التوقيع على إعلان مشترك بمناسبة الذكرى العشرين للإمضاء على معاهدة الصداقة، حسن الجوار والتعاون، من طرف رئيس الجمهورية ورئيسة مجلس وزراء إيطاليا.
كما تم التوقيع، تحت إشراف الرئيس تبون وميلوني، على مذكرتي تفاهم بين مجمع سوناطراك والمجمع الإيطالي إيني، تخص الأولى تحسين شبكات الربط الطاقوي بين الجزائر وإيطاليا من أجل الانتقال الطاقوي المستدام، بينما تتعلق الثانية بالتعاون التكنولوجي لخفض إحراق الغاز والتثمين وتقنيات أخرى لخفض الانبعاثات.
وتم التوقيع أيضا على مذكرة تفاهم بين الوكالة الفضائية الجزائرية والوكالة الفضائية الايطالية، للتعاون في مجال الأنشطة الفضائية للأغراض السلمية.
وتشمل الاتفاقيات الموقعة كذلك مذكرة تفاهم وتعاون بين مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري والكونفدرالية الاقتصادية والصناعية الإيطالية.
يذكر أن التوقيع جاء عقب إجراء الرئيس تبون محادثات على انفراد ثم موسعة مع رئيسة مجلس وزراء إيطاليا، التي قامت الأحد والاثنين بزيارة عمل وصداقة بالجزائر على رأس وفد وزاري هام.
وقبل ذلك، خص رئيس الجمهورية بمقر رئاسة الجمهورية، رئيسة مجلس الوزراء الإيطالي باستقبال رسمي.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!