-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الجمهور الذي لا يجب أن يخسر أبدا.. !

الجمهور الذي لا يجب أن يخسر أبدا.. !
ح.م
جانب من نشاط للأطفال في معرض الكتاب

أسدل الستار مساء الجمعة على معرض الجزائر الدولي للكتاب. بعد 9 أيام ارتفعت فيها شعبية الكتب بين الجزائريين من كل الأعمار إلى أعلى المستويات على ما يبدو. فقد أحصى المعرض ما يزيد عن 1.3 مليون زائر.

وهذا ما يجعلك تطمح فجأة إلى أن يصل حجم الاهتمام بالكتب إلى درجة الاحتفال بها مثلما كنّا سنحتفل بتأهل مستحقّ لمنتخبنا الوطني لكرة القدم إلى مونديال قطر. لولا “الظلم التحكيمي”. 

أقول هذا لأنني وجدت في المعرض، الذي شاء له الله أن يعود إلى جمهور الكتب في الجزائر بعد عامين من الغياب، ما يستحقّ أن نحتفل به ونقلق لأجله أيضا، من خسارة ما بسبب ظلم ما.

“فينكو” و “غمّيضة”.. 

وجدتُ مجّلتين للأطفال تُكافحان منذ سنوات وباسْتِماتة، من أجل أن تبقى هناك مجلة للطفل في الجزائر.

الأولى هي مجلة ”فينكو” التي تحمل تسمية شخصيتها الرئيسية: الفنك الجزائري الصغير الذي يتعلّم في كلّ عدد من أعداد المجلة قيمة تربوية. مثل التحلّي بالأخلاق الحميدة مع رفاق اللعب عندما تكون أنت صاحب الكرة.

قصة مصوّرة من أحد أعداد مجلة “فينكو”

والثانية مجلة ”غمّيضة”، واسمُها من اسمِ اللعبة التي استمتعنا بها صغارًا قبل أن نتعلّم لَعِب الكُرة. وهي لا تقلّ إمتاعا ومؤانسة للطفل عن اللُعبتين. بقصصها المصوّرة عالية الجودة، وبأبوابها الموضوعاتية المتنوّعة أيضا.

ظَهرَت ”فينكو” في الساحة عام 2014، لكنها لم تُصدِر منذ ذلك الحين وإلى غاية اليوم سوى 14 عددًا. بما في ذلك العدد التجريبي.

ولا يختلف الأمر كثيرا بالنسبة ”لغمّيضة” التي أطلقت عددها الثامن في معرض الكتاب. على الرغم من صدور عددها الأول قبل 3 سنوات.

كلتا المجلّتين الجزائريّتين الطموحتين إذن، لا تصدُران بشكل شهري، مثلما هو الحال بالنسبة لشقيقاتها ”العربي الصغير” من الكويت (إلى غاية نوفمبر 2021)، و”علاء الدين” في مصر، و”ماجد” في الإمارات على سبيل المثال.

من العدد الأخير ( العدد 8 ) لمجلة “غمّيضة”

والأسباب كثيرة ومتعدّدة. وهي تبدأ من عدم تعاون الموزّعين، ولا تنتهي عند غلاء سعر الورق مقابل قلّة مصادر التمويل من الإعلانات المناسبة لأعمار وحاجات الفئة المستهدفة. من أجل الحفاظ على سعر مناسب للمجلة (200 دينار بالنسبة لكلتا المجلّتين حاليا).

لكن ولحسن الحظّ، لمستُ من خلال حديثي مع مؤسِّسَي ”فينكو” السيّد محمد بوكردان، و”غمّيضة” السيدة نجاة بلعباس، أنّ أدنى تراجع في الشغف بصحافة وأدب الطفل وبمصلحته الفضلى، لم يكن بين تلك الأسباب، ولن يكون.

لاحظت أيضا أنّ إقبال وتعطّش الطفل الجزائري لقراءة هذه المجلات، وتلهّف الأولياء على وصولها بانتظام إلى متناول أبنائهم، ليس بالأمر الذي يستهان به.

هناك حاجة لهذه المجلات في الجزائر، وهناك طلب عليها، وهناك حاجة لبقائها واستمرارها في الصدور. لكنني لن أكون متشائما عندما أقول إنّ ذلك لن يتحقّق من دون العمل على حلّ معضلتي التوزيع والتمويل.

ماذا لو.. ؟

ماذا لو أبرمت وزارة الثقافة والفنون مثلا، اتفاقا مع وزارة التربية الوطنية، لافتتاح نقاط بيع لمجلّات الطفل عبر كلّ المدارس الابتدائية والمتوسطة أو جُلِّها.

ستصل المجلة إلى قرائها وتحصل المدرسة على مداخيل لتغطية تكاليف حفلة نهاية السنة. وسيكون هناك سوق عمل للعشرات والمئات من الفنانين وحملة بكالوريا الفنون في السنوات المقبلة.

كما يمكن لأي متعامل اقتصادي أو مشروع ناشئ في مجالات الإنتاج والخدمات المتعلّقة بالطفل. أن يستثمر في عقد طويل أو متوسط المدى للإعلان عن منتجاته وخدماته عبر صفحات مجلة موجّهة مباشرة للمستهلك المستهدف. وبالدورية والكثافة الكافيِة من أجل عمر مديد للمجلة.

لقد خسر جمهور أدب الطفل في الجزائر مجلة ”مقيدش” التي كانت تصدر في سبعينات القرن الماضي. وخسر عدّة عناوين عربية وأجنبية بعد توقّفها عن الوصول إلى مكتباتنا، أو ما تبقى من مكتباتنا.

ولا نريد أن نخسر مرة أخرى هذا الجيل الطموح والواعد من العناوين الموجّهة للطفل. لأن الخسارة في مجال صحافة وأدب الطفل لها ثمن باهض جدّا، قد يضطر لدفعه جيل بأكمله.

مؤسّس ومدير نشر مجلة “فينكو” محمد بوكردان في معرض الكتاب

مديرة نشر مجلّة “غمّيضة” نجاة بلعباس على اليمين

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!