الجنرال الشيخ
لماذا تفتتنا أوطانا وأقواما، بعد أن تجزأنا قبائل وأعراش، من بعد أن انقسمنا عائلات وأفراد؟ أليس الكل بسبب الأنانية البشرية وحب التملك والغلبة؟ لماذا نصل اليوم إلى حد الاحتراب والمقاطعة بين الجيران، بل ونصل إلى أن نصاب بداء الصراع بين المذاهب، ليس فقط بين مذهبي الشيعة والسنة، بل بين المذاهب السنية نفسها.
لماذا وصلنا إلى أن نفكر في”مفتي” البلاد والمملكة والإمارة؟ تمهيدا ليصبح لكل قرية وتجمع وجماعة مفتيهم الخاص، ثم لكل فرد مفتيه.. وقد وصلنا! هذا التشرذم الذي لم نعرف له مثيلا، هو نتاج تعفن الرأسمالية المادية المتوحشة التي تفتت الجماعات والأسر والأديان وتجعل منا حيوانات استهلاكية فردانية لا نفكر إلا في ذواتنا وتعتبر ما دوننا، دونيا ومنافسا عدوا، حتى مع الأقارب والأرحام أحيانا!
نمت لأجد نفسي مفتي البلاد الذي طالما انتظر شكله وفصله باقي العباد! خرجت إليهم (من القصب) ذات يوم على التلفزيون ليروا شكلي ومضموني لأول مرة بعد أن رضي عني من عينوني ـ كثر الله خيرهم وأعطوني راتبا، بعد أن وقعت العقد مع روراوة مثل المدرب الوطني، لا يقل مرتبي عن مليار سنتيم شهريا، ورحت أفتي بما يفتى إلي، بعد أن بسملت وحمدلت طويلا وحوقلت عريضا، وصليت وسلمت وشكرت كيلومترا، لمدة 20 دقيقة في خطاب 25 دقيقة، رحت في الدقائق الخمسة المتبقية أقرأ زبوري: خطاب التولية الإفتائي: .. أما بعد أيها المسلمون في بلاد الدين والدنيا، والدنيا أكبر من الدين، فإن كل قرارات جناب الرئيس والوزير الأول (والأخير)، والوالي والمير، مطاعة شرعا والخروج عنها يخرج المسلم من الدين، فلا طاعة لخالق في معصية مخلوق! الانتخابات قادمة وكل من لا ينتخب، يعد من الخوارج الصفرية، ومن لا ينتخب مرشح الأمة والإجماع، أي من جمع عليها كبار القوم، فهو من الخوارج الأزارقة، وجبت محاربته في معركة النهراوان أي ما بين واد الرمال وتافنة، وكل من خرج للشارع أو أضرب أو احتج، ملعون في الدنيا والآخرة ومصيره النار وبئس المصير، جزاؤه الحرق أو الخنق والشنق رميا بالنبال والسهام، سنعمل مع مصر لتقريب الفتاوى ضدكم يا من ترهبون عدو الله وعدوكم! لا يجوز نقد الأمير أو الملك أو الرئيس فضلا عن الخروج عليه، والفتنة أشد من القتل.
وأفيق من نومي وأنا خائف: عمري ما انتخبت في حياتي..هل مازلت مسلما أم علي أن أعتنق الإسلام؟