-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الحدادة

عمار يزلي
  • 2352
  • 3
الحدادة

وأنا أعبر الحدود بين فرنسا وسويسرا قبل أيام، باتجاه جنيف، وقفت على حجم الخلاف والتخلف الذي نعاني منه على مستوى حدودنا الإقليمية والوطنية! فلا شرطي ولا دركي ولا جمركي يسألك أو حتى يوقفك! دخلنا بسيارة فرنسية وخرجنا من معبر آخر على الطريق السيار، ولا رائحة لمن يقول لك “من أنت أو إلى أين؟”.

ونمت على هذه الصورة، لأجد نفسي أعيش حالة تحد على الحدود! الحدود الجزائرية المغربية المغلقة منذ سنوات بعد أن فتحت لبعض السنوات قبل أن تغلق لسنين! شعرت بنفسي أعبر “مبعر” رفح ما بين مصر وغزة! وجدت نفسي أعيش حلما جميلا: الأوطوروت تربط بين الجزائر والمغرب وما بين الجزائر وتونس، ثم ما بين الدول العربية والمغاربية. لا شرطة حدود ولا جمارك ولا حدود إلا مع اليهود! حدود مغنية، مفتوحة على مصراعيها، لا كيف ولا زطلة ولا خنادق ولا أسلاك شائكة من الطرفين! إخوانا على سرر متقابلين بعد أن كانوا “أعداء على شرر متنافسين”. تعبر الحدود بدون توقف وبدون إشارة، وبلا جواز سفر. سألت نفسي: هل نحن في أوروبا أم في الجنة! نفس قيمة العملة هنا وهناك. الدينار يصرف بالدرهم والدرهم بالدينار وبنفس القيمة.

ثم أفقت وأنا نائم، لأجد نفسي أعيش كابوسا ألعن من الواقع! الحدود ليست وفقط مغلقة برا، بل وقد حفرت الجزائر من جهتها خندقا لا يقل حجما عن الخندق الذي حفر تحسبا لمعركة الأحزاب في المدينة المنورة، بل وزرعت الألغام والهندية حولها، فيما زرع المغرب الأسلاك الشائكة والحشيش! الناس يقطعون الحدود برا “طراباندو” بعد ما اتفق الطرفان على مستوى شعوب “الحدادة” على حفر أنفاق مثل أنفاق غزة، وجسورا ليمر عليها الراجلون لبضعة أمتار بد أن تقلهم السيارات إلى الخط الفاصل بفلوس. الشعب يقيم علاقات جوارية طيبة ويبيع ويشتري ويتبادل مع الآخر، والتفاهم واقع ضمنيا بين الأمن والدرك على أساس قاعدة: “ادفع واتركه يعمل واتركه يمر”. والجمهورية هنا والمملكة هناك، والوضع لا هو طيب المعاش ولا هو مسموم التعايش! حرب باردة، يريد كل واحد أن يميل الكفة لصالحة بدعاوى مختلفة وتبريرات واهية. الحدود البرية مغلقة رسميا في الغرب، ومشددة في الشرق والجنوب، ومتعبة في الشمال رغم إجراءات التسهيل الجمركي والأمني التي اتخذت مؤخرا.

عندما أفقت هذه المرة، كنت لازلت أحلم بوضع لا يقل عن وضع الحدود بين دول مختلفة اللغات والأصول والأجناس والأعراق والسياسات.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • mourad

    اتمنى ان نتحد الجزائر - تونس- ليبيا - موريتانيا- الصحراء الغربية - المغرب- ونسمى - الدولة الاسلامية لشمال افريقيا5

  • djamel

    إذا كنت تريد أن تخبرنا أنك كنت في سويسرا فهذه ليست مودة اليوم أصبح كل من دب وهب يتسكع في سويسرا لكن أقترح عليك أن تنام وتحلم لنا ما مصير أطنان المخدرات التي تعبر حدودنا الغربية كما أطلب منك أن تكف عن خلط الآيات الكريمة في كلامك الساخر ( نصيحة)

  • abdellah

    الله يعطيك الصحة
    اتابع مقالاتك و اتمتع بها لانها في غاية الجد و باسلوب خفيف ساخر مغاربي 100/100
    موضوع اليوم في منثهى الاهمية و اتفاءل خيرا حين اقرا لكاتب جزائري عنه
    كمغربي مؤمن بوحدة المصير مع الجزائريين و التونسيين و الليبيين و المورتانيين اشد على يدك و اقول لك زيدنا شويا مواضيع اربية