-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الحرب ضد قناة “الجزيرة”

حسان زهار
  • 2523
  • 0
الحرب ضد قناة “الجزيرة”

تخفي الأزمة الخليجية القطرية التي اندلعت مؤخرا، أكثر الجوانب خطورة في هذه المواجهة وهو الجانب الإعلامي، مع أسباب أخرى سياسية وفكرية ثانوية، ولعل أبرز مظاهر هذه المواجهة الساخنة، ما يدور علانية وعبر الكواليس، بين قناة “الجزيرة” القطرية، وقناتي “العربية” السعودية، و”سكاي نيوز عربية” التي تعود ملكيتها إلى الإمارات العربية المتحدة.

وبالعودة إلى الشروط العشرة التي تحدث عنها الإعلام والتي وضعتها السعودية والإمارات والبحرين ومصر، لرفع الحصار أو المقاطعة عن دولة قطر، يظهر شرط توقيف قناة “الجزيرة” بشكل فوري، أهم وأبرز تلك الشروط، لما تلعبه هذه القناة المؤثرة وواسعة الانتشار في تحطيم مخططات تلك الدول، في السيطرة على مقدرات الأمة، وتصفية القضية الفلسطينية، واستيعاب إسرائيل في المنطقة، وتصفية تيار الإسلام السياسي واستئصاله، لصالح تيارات بليدة أو منبطحة أو مدخلية.

ورغم أن رد قناة “الجزيرة” في عمومه على الحملة ضدها، ضمن هذه الحرب المجنونة والشرسة، كان هادئا ومتزنا، بل وغابت فيه حتى ما عهدناه من صراخ الاتجاه المعاكس ولسعات فيصل القاسم، بتوجيهات رسمية بالطبع، إلا أن هجمات الطرف الآخر لم تكن رحيمة أبدا، بل وتجاوزت في حدتها، وهنا الغرابة، الحملات الإعلامية التي يقودها هذا المحور، ضد إيران الفارسية بوصفها العدو الأول، وعلى أذرعها الإعلامية في المنطقة، وتجاوزت الحملة على منظومة الحكم الأسدي في سوريا، بل إنها لا تقارن مع أي حملة في تاريخ المنطقة برمتها، ضد العدو الصهيوني نفسه.. دخلت فيها كطرف بارز قناة “أم بي سي” أيضا، بعد بثها مسلسل “غرابيب سود” أظهرت فيه الإرهابيين بجوازات سفر قطرية، الأمر الذي اضطر الجانب القطري، ممثلا في وكالة الأنباء القطرية (حكومية) إصدار شكوى باسمها ضد كل من قناة “العربية” وقناة “سكاي نيوز عربية”، إلى مؤسسة “افكوم” البريطانية التي تنظم العمل للقنوات التلفزيونية المشاهدة، او التي يُصدر لها تصاريح للبث في بريطانيا، في انتظار ما ستؤول إليه المعركة ضد “أم بي سي”.

لقد تجاوزت قناتا “العربية” و”سكاي نيوز عربية” وربيبتهما في الخليج ومصر، في هذه الحملة ضد قطر و”الجزيرة”، عبر ما بات يعرف بـ”اخترع تهمة”، كل الحدود الأخلاقية.. مع سيل من الهجمات الإلكترونية لحجب وغلق المواقع الإعلامية الإلكترونية ضد القناة المزعجة، وباقي المواقع والصحف والقنوات القطرية، في محاولة لقرصنتها كما حصل مع موقع وكالة الأنباء القطرية (قنا)، والتي كانت الشرارة الأولى لاندلاع هذه المواجهة، وامتدت المواجهة لتشمل غلق مكاتب “الجزيرة” في عدد من الدول العربية، ومنع بث القناة في الأماكن التي يرتادها السياح، وتعريض من يشاهدها من المواطنين إلى عقوبات الغرامة وحتى السجن، إذا ما ضبطوا «متلبسين» بمشاهدة قناة «الجزيرة»، في ما يشبه التهمة المصرية القديمة “التخابر مع قطر”، وقد تحولت فجأة إلى تهمة “التخابر مع الجزيرة”.

وتأكيدا لهذا النهج الصارم للأسف، تم منع قنوات “بي أن سبورت” الرياضية من البث في الإمارات والسعودية، كما تم الاعلان ضمن هذه الحرب عن العد التنازلي لإطلاق أضخم شبكة قنوات سعودية عربية رياضية (بي.بي.اس سبورتس)، بغلاف مالي ضخم  قدر بـ 7 ملايير دولار، وتضم 11 قناة رياضية متخصصة لكسر احتكار “بي أن سبورتس” القطرية، في نقل البطولات العالمية والقارية، خاصة بطولتي كأسي العالم 2018 و2022، والترويج بأنها ستكون مجانية وغير مشفرة.

وأمام هذا الوضع المؤسف، ألا يحق لنا ان نتـساءل ماذا لو وجهت كل هذه الطاقات لخدمة أهداف مشتركة، من توحيد الرؤى والمصالح؟ أليست كل قضايانا العادلة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وقضية الإرهاب، قد خسرناها إعلاميا مع الغرب تحديدا، لأننا فشلنا في إيصال صوتنا للآخر، ومخاطبة العقل الغربي؟ ثم هل مشكلتنا كعرب هي في إطفاء شمعة “الجزيرة”، التي كانت ومازالت شمعة الوعي السياسي الأبرز والوحيد تقريبا في المنطقة، في ظل كل هذا الظلام الدامس؟ أم أن القصة أكبر مما نتوقع بكثير؟

في خلفيات هذه الحرب الطاحنة، حديث رهيب في الكواليس، عن مخطط كبير لتصفية القضية الفلسطينية نهائيا، عبر ضرب آخر معاقل المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الصهيوني لفلسطين التاريخية، وضمن هذا السيناريو الذي سيذهل العالم قبل العرب النائمين، تجري حاليا تحضيرات الجيش الإسرائيلي للقيام بآخر حروبه ضد حماس في قطاع غزة، بعد تصنيفها خليجيا بأوامر أمريكية على أنها حركة إرهابية.. والمطلوب في كل ما يجري أن تتم الجريمة والتصفية والاستئصال لآخر جيوب المقاومة والشرف في الأمة، بلا شهود ولا كاميرات، وتحديدا بلا قناة “الجزيرة”، الصوت الوحيد القادر على تدمير هذه الخطة الشيطانية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!