-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الحقُّ ما شهدت به “هآرتس”!

حسين لقرع
  • 2600
  • 0
الحقُّ ما شهدت به “هآرتس”!

بمناسبة الذكرى الأولى لمعركة “سيف القدس” التي خاضتها المقاومة الفلسطينية ضدّ الاحتلال في ماي 2021 وانتهت بانتصارها بعد 11 يوما فقط، نشرت صحيفة “هآرتس” العبرية يوم 9 ماي الجاري مقالا لافتا للانتباه، أحصت فيه التكلفة الاقتصادية الكبيرة التي تكبّدها الاحتلال خلال الحرب، واعترفت بانتصار المقاومة التي أنجزت فيها ما فشلت فيه جيوشُ الدول العربية “بكامل عتادها” في الحروب السابقة، وأسقطت القناعَ عن “الجندي الذي كان لا يُقهر فأصبح يُقتل ويُختَطف”!

نكبة الاحتلال في حربه الرابعة على غزّة لم تقف عند هذا الحدّ، بل إنه صُدم أكثر حينما انتفض فلسطينيو 1948 الذين يسمِّيهم “عربَ إسرائيل”، وتصف “هآرتس” هذه الصدمة بالقول: “لقد فاجأونا بهذه الثورة العارمة ضدّنا بعد أن ظننّا أنهم فقدوا بوصلتهم الفلسطينية، وهذا نذيرُ شؤم على (الدولة) التي تأكّد سياسيوها أن حساباتهم كانت كلها مغلوطة”.

هذا المعطى الجديد دفع الصحيفة العبرية إلى الاعتراف بأنّ الفلسطينيين “هم فعلا أصحابُ الأرض، ومن غيرُ أصحابِ الأرض يدافع عنها بنفسه وماله وأولاده بهذه الشراسة وبهذا الكبرياءِ والتحدي؟!“.

وتستغرب الصحيفة كيف صمد الفلسطينيون طيلة 74 سنة من الصراع برغم كل القمع الذي تعرّضوا له وحملات التشويه والمسخ، وتمسّكوا بأرضهم: “أذقناهم ويلاتنا من قتلٍ وسجن وحصار وفصل، وأغرقناهم بالمخدرات، وغزونا أفكارَهم بخزعبلاتٍ تُبعدهم عن دينهم كالتحرّر والإلحاد والشكّ… لكن الغريب في الأمر أن يكون أحدُهم مدمنَ مخدراتٍ إلا أنّه يهبُّ دفاعا عن أرضه وأقصاه وكأنه شيخٌ بعمامةٍ وصوته يصهل: الله أكبر”!

وتصل “هآرتس” في ختام مقالها إلى استنتاجٍ بالغ الأهمية وهو أنه طالما وصلت صواريخُ المقاومة إلى تل أبيب، فالأفضل للصهاينة التخلّي عن “حلمهم الزائف بإقامة إسرائيل الكبرى” ونصحتهم بالاعتراف بدولةٍ فلسطينية يسالمونها وتسالمهم، قصد “إطالة عمرهم في هذه الأرض بضع سنين”، لكنها بدت واثقة من أنّ ذلك كلّه لن يحول دون النهاية الحتمية لدولة الاحتلال وهي الزوال “إن استطعنا أن نستمرّ لعشر سنوات قادمة كدولةٍ يهودية، فلا بدّ أن يأتي يومٌ ندفع فيه كلّ الفاتورة، فالفلسطينيُّ سيُبعث من جديد، ومن جديد، ومن جديد، وسيأتي راكبا فرسه متّجها نحو تل أبيب”!

هي ثاني صرخة إنذارٍ في ظرف أيام قليلة بعد صرخة رئيس الوزراء الصهيوني السابق إيهود باراك التي توقع فيها زوال الاحتلال في سنة 2028، بفعل “لعنة العقد الثامن” التي أصابت الدول اليهودية السابقة جميعا. ويبدو أنّ صمود فصائل المقاومة في أربعة حروب كاملة، وضربات شباب جنين وأراضي 1948 في قلب تل أبيب وضواحيها منذ 22 مارس إلى الآن، قد جعلت الصهاينة يتأكّدون فعلا أنّ بداية النهاية قد قرُبت، وقد تقتصر على سنواتٍ قليلة باقية. والظاهر أن الاحتلال قد بدأ يتيقّن من قُرب اكتساب المقاومة منظومات دفاع جوّي تمكّنها من تحييد طيرانه الذي يُعَدّ قوَّتَه الضاربة ضد الجيوش العربية والإسلامية مجتمعة؛ فإذا امتلكت المقاومةُ هذه المنظومة، فسيكون ذلك تحوُّلا جذريا هائلا في الصراع، وسيكون بالإمكان إيقاعُ هزيمةٍ كبيرة بجيش الاحتلال على الأرض، وقد تُتبع بتحرير أراضي غلاف غزة كمرحلةٍ أولى تمهّد لتحرير بقية الأراضي الفلسطينية تدريجيًّا وصولا إلى إنهاء الاحتلال.

الغريب أنّنا نقرأ مثل هذه المقالات الموضوعية في صحافة العدوّ، في حين تعجّ أبواقُ الارتزاق الإعلامي لدول الخيانة والانبطاح العربي بمقالاتٍ تنضح مقتًا للفلسطينيين وتودُّدًا للاحتلال العنصري الإجرامي في ذكرى “استقلاله؟!” الـ74، والأمرُ نفسه ينطبق على تعليقات الكراهية التي ينشرها ذبابُها الالكتروني النتن الذي فقد كلّ ذرةٍ من حيائه وتصهْيَن حتَّى النخاع.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!