-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
مقدّمة حركة القرآن المجيد في النّفس والمجتمع والتّاريخ

الحلقة (5): وبالحقّ نزل

أبو جرة سلطاني
  • 975
  • 0
الحلقة (5): وبالحقّ نزل

القرآن كلام الله -جل جلاله- ليس فيه لجبريل -عليه السّلام- إلاّ شرف التّنزّل به بأمـر ربه: ((وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا)) (مريم: 64)، وليس فيه لمحمّد -صلّى الله عليه وسلّم- إلاّ معجزة التّلقّي والحفظ والنّقل والبلاغ المبين: ((مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ)) (المائدة: 99)، وصناعة القدوة من نفسه بما يأمره به ربّه وبما ينهاه عنه. وما وراء ذلك فهو بشر مثل من يدعوهم إلى عبادة الله الواحد، اصطفاه ربّه -جل جلاله- بالوحي وعصمه بالتّنزيل: ((قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا)) (الكهف: 110).

ففي بشريّة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- تقرير بأنّ الإسلام دينٌ واقعيّ أنزله الله على بشر فأنفذه في حياته حتّى كأنه قرأنٌ يمشي على الأرض ردّا على من تعجّبوا كيف يصطفي الله -جل جلاله- من البشر رسولا ولا يرسله من بين ملائكته: ((وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ * وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ)) (الأنعام: 8 -9)، لو نزل ملكا لهلكوا وقالوا: أنّى لنا إنفاذ أوامر الله ونواهيه وما تستطيعها سوى ملائكته؟

لو تأمّل الذين كفروا في مواضع عتاب القرآن الكريم للرّسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وفي كشْف بعض أسرار بيته!! في سورة الأحزاب والطّلاق والتّحريم وعبس.. وفي غير ما موضع، لأيقنوا أنّ المرء لا يعاتب نفسَه بما هو من خاصّته ثم يخرج على النّاس يتلو عليهم ما لم يكونوا يعرفونه عنه دون خشية مما سيقال عنه من أنّ ربّ محمّد يعاتبه ويقلاه ويأمره بتقواه في زوجاته ويحذّره من العبوس والتّولّي: ((عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى)) (عبس: 1- 2)، وأكبر منها ما جاء في سورة التّحريم: ((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)) (التّحريم: 1)، ومعظم ما نزل عليه في سورة الأحزاب من عتاب في الزّواج والتبنّي. فالمرءُ لا يعاتب نفسَه إلاّ في سريرته، وإذا فعل لا يعلن ذلك على الملأ. أليست آيات العتاب دليلا على أنّ القرآن كلام الله -جل جلاله-، وأنّ محمّدا -صلّى الله عليه وسلّم- مبلّغ ما يتنزّل عليه من ربّه؟ فلو كان لمحمّد -عليه الصّلاة والسّلام- شيء من أمر القرآن الكريم لذكر فيه أزواجه وأبناءه ومن أحبّ. لكنّنا وجدنا سورا باسم آل عمران ومريم ولقمان وقريش… ولم نجد سورة باسم خديجة ولا عائشة ولا رقيّة ولا أمّ كلثوم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!