-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الحمد لله ثلاثا، ورابعا…

محمد سليم قلالة
  • 4116
  • 17
الحمد لله ثلاثا، ورابعا…

كنا شعبا يئن تحت نير الاستعمار، لا نعرف الماء ولا الكهرباء، مساكننا من الحجارة أو الطوب أقرب إلى الأكواخ منها إلى المنازل، ننام إلى جانب حيواناتنا، ونقضي حاجتنا حيث تقضي، نغتسل ونأكل ونجلس حيث ننام، لا نخشى القُمّل إذا ما التصق بملابسنا… لا نعرف الطبيب أو الصيدلي ولا نحلم بالمدرسة أو المحفظة، نقضي الصيف حافيي الأقدام، ونرمي بلا أسف مع كل ربيع، تلك الأحذية المرقّعة التي لم تمنع عنا يوما تسرب مياه الشتاء، سراويل أغلبنا من “الشيفون” لا تخلو من “طبّات” غير متناسقة الألوان، وقمصاننا تكاد تتشابه في كونها جميعا طويلة الأكمام…

كان آباؤنا يتألمون لحالنا، ولحال أمهاتنا، ويبكون دمعا على هذه الأرض المغتصبة، وعلى هذا الوطن المنفي في أعماق البراري وأعالي الجبال، بدينه وقيّمه وشعبه وتاريخه، ولم يكن أمامهم بدا من أن يحملوا السلاح لأجل أن يزيحوا عنا كل هذا، فكانت الغاية هي الحرية والاستقلال.

.

وتحررنا، ورحم الله الشهداء الأبرار.. وحمدنا الله أولا…

  وبدأنا نخطو الخطوات الأولى نحو المدارس، وبدأنا نلبس الملابس الجديدة في المواسم والأعياد، وندخل المدينة من غير خوف، ونعرف الطبيب والصيدلي، ونسكن مساكن الطوب الإسمنتي، ونعرف دورات المياه والحنفيات والكهرباء، ونركب سيارات الأجرة والحافلات ونأكل الخبز الأبيض، ونلبس الأحذية الجلدية في الشتاء، بل ومنّا، من وصل إلى المعاهد العليا والجامعات، وفاز بمنحة للتعليم في أوكسفورد وباريس وبغداد والقاهرة ودمشق…

.

وحمدنا الله ثانيا..

وما أن استقر بنا الحال في المدينة، وما أن انفتحت عيوننا على المَدَنية والحرية الجديدة، حتى دبّ بيننا الخلاف، وتحول الخلاف إلى نزاع، وتحول النزاع إلى حرب بين الأخ وأخيه، قتل بعضنا بعضا بالآلاف، وفقدنا طعم الحياة التي بدأنا نعيش، وانقلب علينا العلم الذي تعلّمناه والاستقلال الذي ضحى من أجله آباؤنا، وأصبحت كل أمنيتنا أن نعيش في أمان، حتى وإن عدنا إلى أكواخنا البالية وملابسنا الرثة وحياتنا البدائية التي عشناها غداة الاستقلال. ودعونا الله أن يحفظ بلادنا وأن لا يُشَفّي فينا أعداؤنا.. ومَنَّ الله علينا بالأمن.. وحمدناه تعالى ثالثا..

وهكذا حمدنا الله ثلاثا، ونكاد ننسى اليوم ونحن نعيش الذكرى الـ 59 لثورتنا المظفرة أننا حمدناه وشكرناه..

فيقوم بعضنا بلعن كل شيء، لأنهم لم يحصلوا على حق من الحقوق أو لم يرفعوا عن أنفسهم مظالم، فيفسحوا المجال لمن كانوا للاستعمار خدما وعبيدا، يتمسحون بلغته ويتبركون بطباعه، للتقليل من تضحيات الشهداء، والجهر بالقول في آذان شبابنا: ليته يعود…

ناسين أننا حمدناه أولا وثانيا وثالثا، لأننا فُزنا بالحرية أولا، وبالتعليم ثانيا، وبالأمن بعد المحنة ثالثا، وفي هذه نشترك جميعا… وعلينا أن ندعوه اليوم رابعا ليسخر لنا رجالا مخلصين ينقذوا عائلاتنا من أزمة السكن، وأبناءنا من محنة البطالة، وضعفاءنا من جبروت وتسلط الأقوياء… لنحمده رابعا وإلى يوم الدين… وتلك مساحة الأمل…

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
17
  • نور الدين محمد

    ليس التشاؤم هو الذى غلب،كما غلبت عليك العاطفة،ولكن النظرة الواقعية والفهم الصحيح لهموم الجزائريين ،وكيف كان من المفروض ان تكون الجزائر بعد نصف قرن من الاستقلال المصادر والمبتور من الكرامة
    نظرة كاتب المقال تشبه الى حد بعيد سياسة الوهم والشعبوية التي صدرها بومدين .ودعنى اقول لك اننى اعرف سليم من 76الى80
    ولم اعلم ان اباه شهيد رحمهم الله جميعا اما جنرالات وما جنرالات فهذا ما يعرف بتزييف التاريخ ولغة الخشب لغة FLN وما فائدة ان تمرر الرسائل بطرق دبلوماسية وهى تصب فى خانة خدمة وبقاءالنظام والتنويم

  • يونس.ق

    يبدو انك ايها المعلق ان تشاؤمك غلب على نفسك وطغى، ويبدو انك لا تعرف صاحب المقال، وإلا كيف تقول ان من حكم في ابيك هو من يحكم الجزائر ؟؟ وهل تدري من هو ابيه ؟؟ ألا تعرف ان ابيه واجه جنرالات فرنسا اثناء حرب التحرير واستشهد معدما ؟ ورغم ذلك لم يكره بلاده ولا من يحكمها رغم اختلاف المبادئ ووجهات النظر... إن هذا المقال موجه إلى اناس مثلك تماما لتدرك ان هذا الوطن فيه رجال افذاذ ليس مثلك طبعا يواجهون المصاعب ويمررون رسائلهم بطرق دبلوماسية ويطمحون ويسعون إلى مستقبل افضل

  • مواطن يتالم

    اذا عربت خربت .غزو الريف للمدينة يجعل منها ريفا ويقضي على مناظر التحضر فيها وما اقوله نشاهده فيي كل المدن الكبرى للجزائر شرقا و غربا و شمالا و جنوبا. المدن اصبحت اغلب احيائها الجديدة عبارة عن مداشر متناثرة هنا و هناك براك و قربيات و "عشش" خيم عدا بعض الاحياء القليلة جدا و التي بها تناسق عمراني محافظ عله من وقت الاستعمار . لما تريفت المدينة فلنقول للمدنية و الحضارة و الثقافة سلام و لا بقاء لكم اليوم في جزائر القرن الواحد و العشرين الذي فيه كل شيء موزون وفق ما تنص المعارف و العلوم و التكنولوجيات

  • يحياوي عبد الكريم

    شكرا لك يا أسـتاذي أولا ، وشـكرا لك ثانـيا وشـكرا لك ثـالثا و شـكرا لك رابـعا والحمدلله خامسا ، فالأربعة الأوائل فهي شكر على اعترافك بهذه النعم التي حمدنا الله جميعا عليها ، وأما الحمدلله الخامسة فهي على نعمته أن كرم الجزائر بأستاذ كبير مثلكم ، قل الزمان وأن يأتي بمثله ، جعلكم الله ذخرا لهذا الوطن العزيز .

  • حكيم

    كم هو جميل هذا التواصل المعنوي بين ما أنجز في الماضي والحاضر،في مسيرة الانسان العربي ضد القهر والاستبداد،و محاولة إفراغه من معتقداته،يالها من مسيرة عظيمة لم نعطي لها حقها في البحث،لنظهر الكفاح الفكري والروحي للآباء والأجداد ،ونقوي به ثقتنا بأنفسنا من اجل الاستمرار والبقاء أقوي واجمل.

  • faroukomar

    شكرا استاذنا الكريم ،وكل ما تطرقت اليه عين العاقل ويرى بعين البصيرة قبل العين المجردة ,,,,,وبنعمة ربك فحدث،، والله يحب أن يرى نعمه ظاهرة علي عباده,,,,, والعباد ملزمون بالحمد والثناء والشكر والمحافظة ..وجاحد النعم لئيم ،،،ولكن السؤال الملح هل الرفاهية والتحول السريع للمجتمع غَيّرَ طبائعه وفجاة وجد أمامه كل شىء مكتسب في زمن قياسي والسياسات العرجاء افقدته التوزان وانطلق مسرعا بلا مسالك آمنة وخطوات ثابتة وبلا وعي مسؤول...

  • سليم قلالة

    إلى الأخ عكرمة التعليق رقم 07
    السلام عليكم
    شاكر لكم هذا التوضيح وهذا الاهتمام وهذا التصحيح وأؤكد لكم أننا دوما في حاجة إلى تعلم وتعاون فقلما يكتشف المرء أخطاءه. أحسست عند كتابة العنوان بان هناك أمرا ما ولم انتبه
    شكرا

  • نورالدين محمد

    اين الرد الذى وقعه نور الدين محمد يا شروق
    وعلى ما يبدوا من الردود الواردة فانها تدخل كلها فى خانة الاطراء وضرب الدف للاستاذ سليم .
    ام ان جريدتكم دخلت هى ايضا الى الصف واصبحت تتعامل بالانتقائية
    والتفريق بين القراء . هذه الطرق لا تمت لللاحترفية فى شىء .
    وعلى كل حال فاننى لم ارتح يوما لهذه الجريدة . باى باى .

  • مراقب

    المدنية عدوتها البداوة منذ الأزل .................

    العرب إذا تغلبوا على أوطان أسرع إليها الخراب ابن خلدون

    الخراب يأتي بالتدريج الذي لا يشعر به إلا القليل القليل..........

    ذلك أن الجهل عند العربي هو جهل مركب فهو يخرب دون أن

    يقصد أو يستطيع أن يستشعر أن كل أعماله تؤدي ـ لا محالة ـ

    إلى الخراب

    لذا تقرر أن :

    العرب لا ينتظم لهم ملك أو حضارة إلا بالدين و بالدين فقط و ما عدا

    ذلك فهو كالذي قال فيه الشاعر :

    كناطح صخرة يوما ليفلقها فلم يضرها و أوهى قرنه الوعل.

  • نور الدين محمد

    ما فائدة الحرية بلا كرامة ,وما نوعية ومستوى هذا التعليم الذى تتكلم عنه,وهل حقا الحزائرى ينعم بالامن والاستقرار بمعناه الواسع
    اعلم ان الذين حكموا في ابيك ,هم يحكمون فيك الان ,وسيحكمون في ابنك او ابنتك مستقبلا. هذا الكلام ليس واقعى وليس برىء وهو يشبه كلام ائمة المساجد الماجورين لتنويم الدهماء .
    لا تمسك العصا من الوسط فاجزائر وابناءها ليست و ليسوا بخير
    التفاوءل الذى يقفز على الواقع هو مثل الدواء المنتهى الصلاحية سيادتكم تدرسون الاستشراف ,وبعد طرح حوالى600مليار $ هل الجزائر من الدول الصاعدة .

  • عكرمة

    السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
    نشكرك يا استاذ على هذا الامل الذي تبعثه فينا عن طريق كتاباتك خاصة المقالات الاربعة الاخيرة التي من خلاللها وضعت الاصبع على مكان الجرح الحقيقي.
    طما اريد ان الفت انتباهكم للخطأ اللغوي الواقع على ما أظن سهوا و هو وارد في عنوان المقال حيث كتب "ثلاثا و رابعا "و الأصح ثالثا ورابعا يعني المد في الثاء لا اللام. و شكرا
    السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته

  • Salah

    يرحم الوالدين غير قولوا لي ... واش جاب vitajus مع مقال بهذا المستوى ?

  • الزهرة البرية

    أسكنك الله جنة عليين لقاء هذه الجنة التي تبسطها لنا بزرعك لبذور الأمل و حب العمل . أتمثلك مثل الغيث الذي يترك كل مكان مر به مخضرا ينبض بالحياة.

  • ابراهيم ح.

    السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
    شكرا لكم ايها الجزائري الاصيل ، حقيقة كنا وأصبحنا وهذا فضل من الله ورسوله الكريم ثم بتضحيات رجال مخلصين رحمهم الله الشهداء الابرار..وأطال الله في عمر المجاهدين الاحرار..فحمدا وشكرا لله الى ان يرث الله الارض ومن عليها.. وعيد نوفمبري مبارك سعيد لكم وللشعب العربي الجزائري وكل عام والجزائر بمليون ونصف مليون خير ان شاء الله رب العالمين..الله اكبر الله اكبر الله اكبر الله و لله الحمد والشكر على نعمه التي لاتعد ولا تحصى..شكرا لكم ايها الجزائري المحترم..

  • kamel

    السلام عليكم استاذ وبارك الله فيكم وفي اللي قراكم(اقولهابالجزائريه)
    والله اصبت في ماتقول واختصر, لو ربطنا شبابنا بما كنا نقاصيه ايام الاستدمار(على قول ا.قاسم رحمه الله)على الحقيقه المرة لما كفر باللنعم والحرية وقدر تضحيات الرجال والنساء في الارياف و المدن ولكن للاسف الذين اغتصبوا السلطة وزورا التاريخ وانسوا عمدا الاجيال بتاريخ الاباء وزرعوا ما عجز فيه الاستدمار من طمس الهوية و التفرقة والجهوية والكره البغيض لبعضنا
    والنتيجةبعد نصف حول من الزمن عندما ارى المجاهدة بلقمبور في شاشة التلفزة??????????

  • صالح عوض

    احسنت يا حامل مشعل الامل واقول لك ايها الاخ العزيز الكبير نحمده رابعا وخامسا وسادسا وكل ما يفينا يلهج بحمده ان ازاح عنا الاستعمار الفرنسي البغيض

  • قادة

    نعم نحمد الله جهرا وسراونحمده بكرة و اصيلة ونحمده في كل زمان و مكان ولانسمح ابدا للشيطان ان ينال منا كما فعل في كثير من الاوطان.ماتقوله عشناه وعنينا منه ولانتاسف على ذلك الزمان..لكن نتاسف على الكثيرمن اشباه تلك الامكنةالتي عشنافيهالانها بقيت على حالها من وقت الاستعمار ولم تتغير بهاكثيرا الاحوال.لهذانرجوا من الله ان يرزقنا رجال يُعلمون الشباب عدم الاتكال على اي كان كماكنا زمان ويغرسون فيهم حب العمل لبناء الوطن بايديهم لا بايدي البرتغال والصين وفرنساواليابان.و ان يتحابوا في الله و في الوطن اخوان.