الرأي

الخارجون عن القانون!

قادة بن عمار
  • 1394
  • 7
ح.م
بلقاسم زغماتي

عندما يقول وزير العدل، بلقاسم زغماتي، وهو من هو في الجهاز التنفيذي، إن “بعض الإدارات تتمرد على الدولة وتحاول إفساد العلاقة مع المواطنين عمدا”، فهذا كلامٌ خطير ويجب الوقوف عنده بشكل دقيق. 

صحيحٌ أنّ ما قاله زغماتي لا يعدّ جديدا بل يكاد يعرفه الجميع، لكن اللهجة التي استعملها والوعيد الذي أطلقه الرجل القوي في جهاز العدالة، بالحديث عن سجن كل الإداريين المتورِّطين وفصل النواب العامين العاجزين عن التدخل لحماية المظلومين، يعدُّ أمرا جديدا، بل هو في نظر البعض تصعيدٌ غير مسبوق ضدّ ما بات يُعرف بـ”الدولة الموازية” في الجزائر. 

وزير العدل كان يتحدث عن طلب الإدارة من بعض المواطنين شهادتي الجنسية والسوابق العدلية في الملفات رغم أن تعليمة وزارية أسقطت تلك الشروط، بل وتحدَّث الخطاب الرسمي طويلا عن نجاحه بالتخفيف على المواطنين صعوبة تكوين الملفات للعثور على مناصب عمل أو الاستفادة من بعض الحقوق، لكن الإدارة التي قال زغماتي إنها تتصرف وكأنها دولة داخل الدولة أو إنها تابعة لجهة أخرى غير رسمية، خالفت ذلك الخطاب الرسمي، كما برعت في إرهاق المواطنين بالملفات وساهمت في تكريس الحقرة والتهميش والمحسوبية، ناهيك عن تسببها في وقوع الكثير من الاحتجاجات الشعبية والمآسي العائلية. 

وفي الوقت الذي كان فيه وزيرُ العدل يتحدث عن هذا الإرهاب الإداري بشكل مباشر ورسمي، كان زميله في الحكومة ووزير الداخلية يردُّ على إجابات بعض النواب حول صلاحيات المنتخَبين والجماعات المحلية، معترفا بأنها محدودةٌ جدا في مواجهة الإدارة، بل إن كمال بلجود قال إن قانوني البلدية والولاية أثبتا محدوديتهما ولم يعودا صالحين من أجل تلبية متطلبات البلاد والعباد حاليا!

أين الخلل إذن؟ ولماذا يُمعن البعض في التهديد والوعيد بينما يدرك الجميع أن غياب القانون وعدم وجود رؤية مشتركة في التسيير تجعل تلك التعليمات التي تصدرها بعض الجهات، وإن كانت رسمية وعليا، تضيع في مهب الرياح! 

أين مشروع الرقمنة الذي تحدَّث عنه أكثر من مسؤول منذ سنوات طويلة؟ ألم يكن ممكنا التركيزُ على تنفيذه بأسرع وقت ممكن من أجل القفز على مثل هذه الثغرات في التسيير؟ ثمَّ من هي هذه الإدارة التي ينبذها الجميع ويتعامل معها الجميع؟ يسبُّها الجميع ويحميها الجميع؟ هل هي حزبٌ مستقلّ بذاته فعلا، ومتمرِّد على الدولة مثلما قال الوزير زغماتي، أم أنها جهازٌ يتغذى على البيروقراطية التي تنتجها جهاتٌ عليا عبر قرارات غير واضحة المعالم وغير مفهومة المقاصد؟ 

الكلام الذي قاله الوزير زغماتي والوعيد الذي أطلقه ضد المتقاعسين والخارجين عن القانون من الإداريين والرسميين، يعدُّ أمرا إيجابيا ومن شأنه طمأنة المواطنين أكثر، لكنه لن يكون فعالا إلا إذا تمت متابعتُه بشكل ميداني وملموس، بعيدا عن نغمة الاستعراض الرسمي أو مجرّد تسويقه بغرض الاستهلاك الإعلامي. 

مقالات ذات صلة