-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الخوف من تحوّل القضية الفلسطينية إلى روح الإسلام في رمضان

الخوف من تحوّل القضية الفلسطينية إلى روح الإسلام في رمضان

سَعى الغرب، منذ القرن الماضي، إلى تكريس كون القضية الفلسطينية قضية عربية، وأنّ الصراع هو بين الصهاينة والعرب، لا إشارة أبدا إلى كونها قضية إسلامية، ولا حتى كونها قضية فلسطينية! لم يكن إلى وقت قريب يُشير أدنى إشارة إلى أن الصراع فلسطيني ـ صهيوني، باستمرار كان يشير إليه بعنوان “الصراع العربي ـ الإسرائيلي”، واليوم هو صراع بين “حماس وإسرائيل”! كان تَغيببُ فلسطين مُتَعَمَّدًا، حتى تموت القضية ويُطوَى الملف.

وإذا كان القادة العرب في منتصف القرن الماضي قد حَمَلُوا الشعور الكافي بأن قضية فلسطين هي قضيتهم، وسَعوا لِاستعادة حقوق الفلسطينيين المشروعة، فإنهم ما لبثوا أن تَحوَّلُوا إلى مواقف غير مؤيدة تماما للحق الفلسطيني، ثم سارع بعضهم إلى الميل كل الميل إلى الجانب الصهيوني، إِنْ بِحُجّة الواقعية أو الخوف أو البحث عن تحقيق مصالح ذاتية لها علاقة بالوصول إلى الحكم أو البقاء فيه.. ولم تبق من تلك المواقف التي كانت في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي على محدوديتها سوى بعض الذكريات التي حفظها الناس عن بعض القادة- رحمهم الله- جميعا، كقول الملك فيصل: “أريد أن أصلي في القدس”، أو قول الرئيس بومدين: “الجزائر مع فلسطين ظالمة أو مظلومة”، أو مواقف العقيد معمر القذافي الشهيرة، الرافضة للاعتراف بالكيان الصهيوني، الداعية إلى تحرير فلسطين، أو مواقف الرئيس صدام حسين، الذي كان أوّل زعيم عربي يتمكن من ضرب تل أبيب بالصواريخ البالستية في الوقت الذي كانت فيه غالبية الدول العربية تسعى في السر والعلن لربط علاقات مع الكيان بعد أن استقوى أكثر بالولايات المتحدة الأمريكية التي باتت واثقة من كونها أصبحت سيِّدة العالم وأعلنت نهاية التاريخ… وهنا، خارت قوى البقية، وظنوا أن خطاب التحرير قد عفا عنه الزمن وبات من قبيل الماضي، وقُبِر إلى غير رجعة، وبَرَزَ ذلك في رمزية “أوسلو” التي تخلى بموجبها الفلسطينيون رسميا عن الكفاح المسلح وعن هدف تحرير فلسطين، كل فلسطين، ولم تبق إلا بعض الفصائل الفلسطينية الرافضة لهذا المسعى ومن بينها حركة “حماس” بقيادة الشيخ ياسين المنظّر الأول لها- رحمه الله.. ومع ذلك لم يأبه القادة العرب الجدد ولا العالم لهذا التميُّز الواضح لغزة.. راهن الجميع على أن القضية انتهت، وأَن على الجميع ركوب قطار التطبيع! وتدافعوا نحوه الواحد تلو الآخر، ومَنْ لم يتدافع حرص على قطع تذكرة الركوب بعد حين… وظن الجميع أنها النهاية، وأن الشرق الأوسط والعالم العربي سيتغيران من الآن فصاعدا على الطريقة الأمريكية الصهيونية لا بديل على ذلك…

وفجأة، فار التنور، وانبعث الطوفان، ولم ينتبه الصهاينة والأمريكان إلا والمياه تجري تحت أقدامهم، وظنوا أنه سيتم تجفيف منبع الطوفان في ساعات أو أيام كما جرت العادة مع محاولات الثورة السابقة، فإذا بمنسوب المياه يرتفع دماء ودموعا وتضحيات، وإذا بِسيوله تتجاوز العالم العربي إلى كل بقعة من بقاع العالم، فينتفض رؤساءٌ غير عرب وغير مسلمين ضد الكيان، ويرفع آخرون دعاوى جنائية بالإبادة الجماعية ضده، ويُصرِّح مثقفون وعلماء وفنانون وسياسيون أشراف في كل بقاع العالم أنهم مع الحق الفلسطيني، free free Palestine.. وفي زمن محدود عاد الميت إلى الحياة، وانبعثت فيه الروح من جديد، وزاد الفلسطينيون من تضحياتهم في غزة على وجه التحديد وفي باقي المدن الفلسطينية، وفي سجون الكيان، وارتفع منسوبُ الدماء والدموع، ولم يستسلموا، ولم يتوقفوا عن التضحية رغم القتل الهمجي والتجويع والحصار والإبادة…

ومرت الأيام والأسابيع، وبات شهر رمضان على بُعد أيام معدودات، وسكن الرُّعب قلوب الأمريكان والصهاينة والغرب.. إنَّ الخوف كل الخوف أَنْ تتحول القضية الفلسطينية إلى قضية كل المسلمين، أن تُصبح “حماس” هي رمز الدفاع عن مقدَّسات المسلمين، عن شعورهم العميق بأن فلسطين هي أرض المسلمين… لذلك، تجدهم اليوم يُهروِلون ويسابقون الزمن لإيجاد حلٍّ قبل رمضان، خوفا على أنفسهم لا على الفلسطينيين، وهم أكثر مَن يعلم أن قضايانا إنَّما انتصرت بالأمس بروح الإسلام، وبِروح الإسلام ستنتصر اليوم أو غدا، والله خير الناصرين.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • حمزة

    بارك الله فيك