-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الخياط الماهر لا يقص كثيرا

الخياط الماهر لا يقص كثيرا

يبدو أن ما يحدث من تغييرات في الجزائر في المدة الأخيرة ليس أمرا عابرا له علاقة بمستقبل فئة من الفئات أو مجموعة من المجموعات كما يعتقد البعض، إنما هو أمر استراتيجي له علاقة بمستقبل البلاد برمتها. ومادام الأمر استراتيجيا ويتعلق بالمستقبل ينبغي أن يقوم به “خياطون” مهرة حتى لا يكثروا القص والتقطيع على حد قول “لاو تسو” الحكيم الصيني: الخياط الماهر لا يُكثر القص. أي ينبغي لصورة جزائر المستقبل أن تكون واضحة كل الوضوح في أذهاننا على الأقل خلال ربع القرن القادم من حيث الاستقرار الأمني والازدهار الاقتصادي وفاعلية النظام السياسي قبل الشروع في عملية “التفصيل”. وهذا “التفصيل” الجديد لجزائر الغد ينبغي ألا يكون على مقاس هذا أو ذاك، إنما على مقاس كل الجزائريين بما في ذلك أولئك الذين يقال عنهم الفئات الشعبية إن لم يكونوا هم الأساس.

إننا نتصور أن الإصلاح الشامل ليس مهمة فرد واحد أو مجموعة من الأفراد مهما أوتيت من قوة وذكاء، إنما هو مهمة كل القوى الوطنية ذات القدرة على المساهمة فيه إن بالرأي أو بالتحليل أو بتقديم البدائل لحل المشكلات.

هل حدث ذلك؟ هل تم اعتماد المبدأ القائل أن أساس نجاح أية إستراتجية هو تبينها من قبل الذين ستطبق عليهم، أي قبولها أولا، والتفاعل معها ثانيا، والدفاع عنها ثالثا؟ هل ما يجري اليوم يتم وفق المنهج العلمي في التغيير؟ أم أنه يقوم على افتراض غالبا ما يكون خاطئا يقول: أن الشعب ينبغي أن يُقاد، وعلى مجموعة من الفاعلين أن تُبادر إلى الأخذ بيده إلى بر الأمان. وفي  آخر المطاف سيقبل الاختيار…

يبدو لي أنه ينبغي ألا نخلط بين دور فاعلين رئيسيين في رسم معالم المستقبل، ودور المجتمع بجميع مكوناته في القيام بذلك. قد يكون هؤلاء الفاعلون على صواب ولكنهم أيضا قد يكونون على خطأ ولو في بعض التفاصيل، وفي الحالة الثانية سنضطر إلى التراجع عن كل السياسة بعد حين. وهذا الذي ينبغي ألا يحدث، خاصة وأن الوقت اليوم مازال بين أيدينا، للقيام بعملية تشاركية جماعية غير مرتبطة بمصير هذا أو ذاك، في رسم رؤية لجزائر الغد نستبق من خلالها ما يمكن أن يحدث من مشكلات قبل حدوثها، ونرسم مستقبل بلدنا لكي تعيش آمنة قوية في القرن الحادي والعشرين.

 

وأفضل بديل أن يتحول الإصلاح من أسلوب القص والتقطيع المستمر الذي يُدخل الإصلاح ضمن العمل التكتيكي المرتبط بغايات محدودة، إلى إستراتيجية القص مرة واحدة، على طريقة الخياط الماهر، التي تنم عن وضوح في الرؤية وتمنع سقوط الكثير من القطع غير المستعملة على الأرض دون أن تكون لأي كان القدرة على استعادتها مرة أخرى.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
8
  • المشكاة

    يا دكتور النقد يحسنه كل الجزائرين لكن أمثالك ينتظر منهم مساحة الامل كما اخترت لعمودك نريد مزيد من المقالات على شاكلة < الفضل يرجع لهؤلاء > تسلط الضوء على الامور الحسنة التي في بلادي فقد يئس البعض لاعتقاده بانعدامها

  • hocine from sweden

    وماذا تغير أيها الكاتب الماهر؟! نفس الوجوه تتبادل كراسي الوزارة فيما بينها! وعن أي إستراتجية تتحدث ياكتب ؟! نحن لم نصل بعد هاذا المستوى من التفكير بعد! كل الإستراتجيات والمشاريع السياسية هي كيف نحتفض بنفس النضام ونفس الوجوه! وهل قال الشعب كلمته وهل أستشار في إستراتجية ما حتى يتبناها؟! حقا إنك كاتب يستحق الشفقة!!! الصحيح هو أن تقول تمويه من أجل المواصلة! مع الأسف مهمتك هي التكلاخ ولكن لاتستطيع الشعب عاش50 سنة مع الكذب حفضن كل الكذب وحيلهم ! لازم يبحثو عن شعوب أخرى يقدرو يكذبو عليهم !

  • ماو

    افكار متفرقة=
    لا تحقرن من المعروف شيئا
    طوبى للغرباء
    اذا قامت القيامة و في يد احدكم فسيلة فليغرسها

  • ماو

    اتقي الله في الدكتور فانه رجل مبادئ و لقد دفع ثمن ذلك اقامة في رقان بالصحراء في عهد بوضياف

  • ali bellala

    الى منظمات جماهرية جديدة كضحايا الارهاب ، و ابناء ضحايا الارهاب ، و ارامل ضحايا االارهاب، و ابناء المجاهدين ، و ابناء الشهداء، و زرع التفرقة بين ابناء الشعب الواحد هدا ارهابي و هدا ضحيته، بهدا قد ظمن النظام استمراريته لمدة تفوق 100 سنة، كل المؤسسات الحيوية بيد هده الفئة، ادارية محلية، شرطة، درك، حماية مدنية، الجيش، اكبر المؤسسات العمومية، انت ترى اليوم يا استاد كل ما يظعف الرئس بدنيا تقوى قراراته، هدا يعني اننا نحن المرضى و ليس الرئس.

  • ali bellala

    النظام يعلم اننا شعب لا نحسن اللباس، و لا نعشق التطور، همنا فقط في ستر عوراتنا ،و لدالك لا يهتم النظام الى نوع الخياط و لا نوعية القماش، كما قال القبائلي هدا هو لقماش ادي و لا خلي، و لكن النظام يخيط كل شئ على مقاصه، يا استاد كلنا نعلم ان النظام هو من صنع اكتوبر لتجديد ثوبه كالثعبان لما علمى ان نفوده بدأة تتقلص بعد تقدم في السن جل اعضاء الاسرة الثورية ، و المنظمات الجماهرية التي تعتبران الركيزة الاساسية للسلطة ، و وعاؤه الانتخابي ، فلجئ بعد اكتوبر بتجديد و عائه الانتخابي باللجؤو الى انشاء، (يتبع)

  • محمد

    ماشاء الله يا دكتور من قرائة مقالتك يضهر انك خبير في كل الماجالات السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية، العلمية، التكنلوجية.....لخ، هذا شيئ جميل و يفوق القدات التي يتمتع بها الإنسان العادي! فالسؤال هنا هو هل حقا انت انسان فوق العادة أو مجرد طيابة حمام من بين ملايين ٱخرين؟
    شكرا لك يادكتور!

    أرجوا النشر!

  • قادة

    انت قلت الخياط الماهر لايقص كثيرا من القماش و انا اقولها بالمفهوم الرياضي لا يغر فريق ناجح . فهل نجت سياسة التغيير في كل عهدات رئيسنا الحالي شفاه الله.كل تغييراته كانت فاشلة!لماذا؟لانه اعتمد على تغيير المناصب لفريقهالمخضرم لمدةعهداته كاملةحيث يغيرموسى الحاج بالحاج موسى.ولما غيرعلى اساس انه اصلاحفكان تغييره!فكان اسوء من ذي قبل حيث غير مفسدين و فاشلين بمن شابهوهم في فشلهم وفسادهم وشاركوهم في ذلك اي تتلمذواعلى ايدهم.الحق يقال لايمنكن للتغييران يكون خارج ارادة الشعب لان كل اصلاح خارج ارادته فهو صفر