-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الذبابة… والمدفع…!

الذبابة… والمدفع…!

إن في واقعنا الوطني، المتردي، على أكثر من صعيد، وقضايانا المصيرية، الباسطة أعراضها بالوصيد ما قد يضطر المشخص، والمحلل، والمعالج إلى استخدام الرمزية، دون تنطع، وتبنّى مبدأ التقية، دونما تشيع.

  • فهذه السكونية، المستبدة بجميع أطياف الممثلين على خشبة المسرح عندنا، إنما هي نذير شؤم لما ستفضي إليه الأزمات المطلة علينا برؤوسها كرؤوس الشياطين.وهذا الصمت المحير خيم على الفاعلين الافتراضيين في ساحة العمل عندنا، قد زاد من كتم الأنفاس، وإثارة الحيرة لدى كل الناس. فمن المتدين الاختزالي، والمثقف الابتذالي، إلى المجاهد الانعزالي والسياسي الارتجالي، كلها، أصناف من النخب افتقدها الوطن في ساعة العسرة، فلاذت بالسكوت، والتزام البيوت، حماية للقوت، وخوفا من الموت.
  • ونواب، كنا ندخر “حكمتهم” ليوم الشدة، فنحسبهم دروعا نتقي بهم كيد الأعادي، وإعدادهم كعدة لأطول مدة حققوا فينا الإجماع، ولكن على غير مودة، وتباروا في استعراض العضلات المبيضة والمسودة.
  • أسدل الستار إذن على »تعديل الدستور« فانكشف المستور، وأفاق من الغفوة »الثمل والمخمور«، والآمر والمأمور، وليحم الله الوطن من الويل والثبور!
  • كان أملا فتبخر، وكان حلما فتبعثر، فأن تجند الأحزاب والجمعيات، وتحشد الوسائل والطاقات، لاختزال التعديل في جزئيات، وفيه الكثير مما يجب تعديله، وأن تسند قضايا مصيرية، إلى عينات، بدل اللجوء إلى الكليات في استفتاء تلتقي عليه كل الجماهير الشعبية من المواطنين والمواطنات، فذلك ما يمثل حقا إحدى العجائب المبكيات، المضحكات.
  • في بلادنا، درسنا فقه الدين، وفقه الدنيا، فخبرنا بعض ما فيه، ونجحنا في التعامل مع مذاهبه وفقهائه، بأدب اختلاف حكيم، وتباين في الآراء سليم. ولكننا -عبثاحاولنا أن نفقه علم السياسة، وعالم السياسيين، عندنا، ذلك أن ما راعنا هو بروز حزبية، موسمية، مقيتة، تجليها الانتخابات في وقتها كفكرة، ثم تضمحل، وتمطرنا عند الحاجة، بشلال من الشعارات المظلومة، ما تلبث، أن تزول كسحابة الصيف.
  • أمر عجيب والله ما نشاهده على خشبة المسرح، مما يعكس براعة الملقن، الذي يحسبه الجمهور لا شيء، وهو كل شيء، كما يقو “لبرنارد شو”.فالدساتيرمساطير”، تتجدد بتجدد الإنسان، وتغيُّر المكان، وتطور الزمان، لأن هذه الدساتير من وضع الإنسان، وتحدث للناس أقضية بقدر ما يحدثون من تطور. فالعقل الذي كان صغيرا، قد كبر، والفكر الذي كان مسطحا قد تكور، ومن هنا، وجبت مراجعة القوانين، والبنود، والمواد كل ما دعت حاجة الإنسان، والزمان لذلك.. ولكن لماذا ندعو الجماهير إلى الاستفتاء عندما نضع الدستور، فنطلب منها الرأي، ونستلهم منها الشرعية عند وضعه موضع التطبيق، ونتجاهلها عندما يتعلق الأمر بتفصيل الدستور على مقاس خاص، لزمن خاص، أو إنسان خاص؟
  • ومتى كان النوابفي هذا المجال المصيري بالذات- مصدرا للتشريع -برفع الأيدي- في الانتخابات؟ ألم تقدم لنا الإحصائيات الرسمية، أن نسبة مشاركة الشعب في انتخاب هؤلاء النواب، لم تتعد الثلاثين بالمائة 30٪؟ فأين النصاب الشعبي في هذه الشرعية الانتخابية؟ وهل يمكن أن نعتمد على الجزء أو الجل، في صياغة مصير يلتزم به الكل؟
  • ثم لماذا لم نر هذه الصور الجميلة من إجماع نوابها، في قضايا خطيرة سبق عرضها، مثل قانون الأسرة، وقانون الإمام، وقانون التعريب، وغيرها من القضايا الهامة؟أسئلة محيرة للعقل ستظل تبحث لها -دون جدوى- عن أجوبة، كنا نظن -وبعض الظن ليس بإثم- أن أضعف مبادئ الديمقراطية، في مثل هذه القضايا المصيرية أن يتم اقتراع النواب عليها بالطريقة السرية، صونا للمشاعر من الإحراج، وتحقيقا لأدنى حدود الانفراج، والابتهاج… أما ما أقدمنا عليه من تجاهل للاستفتاء المجدي، وإجبار النواب على التصويت برفع الأيدي، فإن مثله كمن استعان بمدفع على قتل ذبابة، ويا للبؤس، ويا للكآبة. ثم إن أخطر سؤال محير لا نجد جوابا عنه هو: من يمثل المدفع، ومن يمثل الذبابة في واقعنا اليوم؟
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!