-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الذكرى “رباعية الدفع”

عمار يزلي
  • 473
  • 2
الذكرى “رباعية الدفع”
أرشيف

بعد أقل من 24 ساعة، سنكون من جديد على موعد مع التاريخ. تاريخ عهد قديم لعهد تاريخ جديد: الفاتح من نوفمبر هذه السنة، هو مفتاح فتوحات الفرج إن عرفنا كيف نحمي مصالحنا بحماية ثوابتنا ومقدساتنا الدينية والثورية وأكدنا للعالم على أننا فعلا نتطلع لتغيير وليس مجرد إصلاح.. تغيير يتطلب صبرا وعملا.. لنكون قادرين بعد أقل من عشر سنوات، إن ثابرنا، عملا ومنهجا، على تكريس التغيير الجذري وتطبيق الدستور بصيغته المعدلة التي ينبغى أن نتفهم ضرورتها ومصلحة الوطن في ذلك.

الفاتح من نوفمبر جاء هذه السنة بطعم التحدي والانتصار: انتصار الأمس، ولكن أيضا انتصار اليوم.. انتصارا للغد. كما جاءت المناسبة، متضامنة مع احتفالنا المتميز هذه السنة بذكرى مولد خير الأنام، رسولنا المصطفى عليه ألف صلاة وأزكى السلام.. والذي يعمل مستعمر الأمس على تدنيس اسمه (.. من لا يدنسه بشر مهما سما وعلا أو فجر وكفر ولا يرقى إليه كائن من كان أو بشر..) ..بنشر الحقد والاستفزاز ودفع المسلمين إلى الغلو والتطرف لوسمهم بالإرهاب كما هي العادة التي تحولت عندهم إلى “عبادة”، بعد ما صارت عندهم حرية التعبير، تعني حرية تعبيرهم هم وحدهم مهما كانت “الحرية” التي تحدث عنها “فولتير” فيلسوفهم المستنير، والتي يؤلهونها ظاهريا، فيما يؤمنون بعكسها تماما: الحرية التي تتوقف عندما تمس حرية الآخرين… لكنهم، هم لا يرون هذا الآخر وهذا “الغير” غيرا… بل “لا غير” أو.. فقط شيئا.. لا غير.. إنهم ينكرون حتى ضرورة وجود غيرهم ممن لا يقاسمونهم نفس الفكر والمعتقد ولو كانت العلمانية.. التي تضمن الحرية في حدود احترام حريات الآخرين..

فرنسا الاستعمارية، التي كانت أول دولة تبشر بالعلمانية وتقطع حبل الود مع الكنيسة، لتحول “العلمانية” إلى “ديانة أنسونية”، بعد ما كفرت باللاهوت.. كانت أول ما شجعت عشية احتلالها للجزائر ضرب المقومات الدينية والأخلاقية للشعب الجزائري عبر عقيدة أسمتها “إعادة تمسيح الجزائريين” زاعمة أن المسلمين الفاتحين أجبروا الأمازيغ على اعتناق الإسلام عنوة وترك المسيحية مجبرين.. هذا الادعاء الكاذب الذي كذبه حتى مؤرخيهم الأكثر موضوعية.

على هذا الأساس، كان حفل افتتاح قاعة الصلاة في “مسجد الجزائر”، بمناسبة المولد النبوي الشريف، وعلى هذا الأساس أيضا، كان الرد التاريخي ضد استعمار الأمس الماضي في الغلو والتطرف والهجمة ضد مسلمي العالم بأسره: على هذا الأساس، كان قرار بناء مسجد الجزائر في “المحمدية”، ردا على فرنسا التي أطلقت اسم “لافيجري” على نفس المكان عندما صرح أول أساقفة الكنيسة الكاثوليكية الاستعمارية في الجزائر من هذا المكان أن “المسيح قد تغلب على محمد”… ومنه كان اختيار اسم “المحمدية” عوض “لا فيجري” ومنه جاءت فكرة بناء مسجد الجزائر الأعظم هنا.. ومن هنا، كان الاحتفال بمولد خير الأنام عشية الاستفتاء على الدستور الذي يقطع تاريخ الماضي الاستعماري لأجل بناء جزائر جديدة تنتصر لدينها ولنبيها ولثورتها ولمقاومتها وشهدائها..

ذكرى أكثر من مزدوجة.. ذكرى “رباعية الدفع”: الرد على النعيق الفرنسي من الموتورين سياسيا وأخلاقيا وإنسانيا.. الاحتفال المتميز بمولد سيد الأنبياء والمرسلين.. طمس أفواه المكابرين في الضفة الأخرى وأذيالها هنا… وأخيرا، الاحتفال ببداية عهد جديد والانتصار للمستقبل.. كل هذا في ظل مخاوف من تمدد الوباء مع طول مدته التي تمددت بفعل تقاعسنا جميعا في الحفاظ على الضوابط الصحية والتباعد والوقاية.. وفي ظل أمل كبير في رؤية عودة رئيس الجمهورية من ألمانيا.. لا من “فرنسا”.. وهذه رمزية أخرى.. سالما غانما معافى.. لمواصلة مهامه الكبيرة التي تنتظره والتي لن تكون لا سهلة ولا قليلة…

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • محفوظ

    أول نوفمبر 1954 يجب أن تكون لنا عبرة للإسترجاع لا للإنبطاح والتخلف!
    الإحتفال بالمولد، أو قل بوفاة النبي عليه الصلاة والسلام بدعة،
    إفتتاح جامع الجزائر، للأسف كان بالبدع،
    أما الدستور الذي تم تمريره في مثل هذا اليوم فحدث ولا حرج،

  • ياسين

    شكرا ...استاذ عمار على هذا التحليل القيم والوافي ...الوفي لثوابت الأمة ...فدمت ودام عطاؤك في إنارة عقول الناس ...