الرأي

الراقصة‭ ‬والسياسي‭!‬

قادة بن عمار
  • 7573
  • 17

لا نعرف سببا واحدا يدفع القائمين على وزارة الثقافة ومنظمي مهرجان السينما في وهران سنويا، للبحث والتدقيق، واللهث باستمرار خلف نجوم السينما شرقا وغربا، في حين أنّ الساحة السياسية والحزبية في الجزائر مليئة بهم، بل تكاد تضيق بأعدادهم الغفيرة!

ممثّلون على طول الخط، يخدعون الناس في الانتخابات بالقول إنهم يمثلونهم، والحقيقة أنهم يمثلون عليهم، هؤلاء الذين أطلقنا عليهم يوما تسمية جماعة “بوكو نفاق” على طريقة “بوكو حرام” النيجيرية، والتي وإن قتلت الأبرياء باسم الدين، فإن المنتمين للجماعة الأولى قتلوا الحقيقة‭ ‬باسم‭ ‬الشعب،‭ ‬وكلاهما‭ ‬في‭ ‬ضلال‭ ‬مبين‭!‬
ليس غريبا أن يعلّق أحد المواطنين على كثرة المهرجانات في البلاد، بالقول إن هذه الأخيرة تحولت فعلا إلى مسرح كبير، فقد سبقه لقولها بعقود، وليام شكسبير، وربما كان في دم الأديب الإنجليزي جزء عربي مستنفر من كثرة الحفلات والمهرجانات، وهو الذي سماه العقيد الليبي الراحل‭ ‬بـ‮:‬الشيخ‭ ‬وليام‭ ‬الزبير‭!‬
الجزائر وهي تستقبل كبار ضيوفها من صناع السينما، يحق لها أن تتساءل، هل ما نراه تحت قبة البرلمان من تشريع للقوانين الجاهزة ورفع للأيادي العاجزة حقيقة.. أم جزء من فيلم سينمائي طويل اسمه “نورمال” على طريقة المخرج مرزاق علواش في عمله الجديد. أليس واقع الحريات الفردية والجماعية التي يرافع وزير الداخلية عن توفرها شبيهة بعنوان الفيلم السينمائي الخالد “وقائع سنين الجمر” للخضر حامينا؟ أليس الحال الذي وصلنا إليه سياسيا واقتصاديا واجتماعيا في البلاد يضاهي، بل يفوق ما أطلق عليه المخرج إلياس سالم “مسخرة” في فيلمه ذائع الصيت‭!!‬؟
هل‭ ‬يوجد‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬هؤلاء‭ ‬السياسيين،‭ ‬سواء‭ ‬كانوا‭ ‬وزراء‮ ‬أو‭ ‬نوابا،‭ ‬أو‮ ‬رؤساء‭ ‬أحزاب،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬سياسيين‭ ‬بالوراثة،‭ ‬وأوصياء‭ ‬علينا‭ ‬بيولوجيا‭ ‬وثوريا،‭ ‬من‭ ‬قتلته‭ ‬الشهامة‭ ‬والرجولة،‭ ‬على‭ ‬طريقة‭ ‬‮”‬عمر‭ ‬ڤتلاتو‭ ‬الرجلة‮”‬‭!!‬
في فيلم الراقصة والسياسي، تُخاطب البطلة ـ وهي المتهمة في مجتمعها بنشر الرذيلة والخلاعة ـ الوزير “صاحب النفوذ الكبير”، بالقول إنه لا فرق بينها وبين معاليه، فهي تهز وسط جسمها لتعجب الناظرين، وهو يلوي لسانه لينافق السامعين!
بل‭ ‬إن‭ ‬الراقصة‭ ‬تدافع‭ ‬عن‭ ‬جمهورها‭ ‬فتراه‭ ‬يدخل‭ ‬الكباريهات‭ ‬بحثا‭ ‬عنها‭ ‬حبّا‭ ‬ووفاء،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬جمهور‭ ‬السياسيين،‭ ‬غالبيته‭ ‬من‭ ‬مدفوعي‭ ‬الأجر‭ ‬أو‭ ‬المخدّرين‭ ‬بالوعود‭ ‬الزائفة،‭ ‬وربما‭ ‬أيضا‭ ‬من‭ ‬زمرة‭ ‬المنافقين‭! ‬
حتى الراقصة في عالمنا العربي، بوسعها أن تتوب أو تنشئ مستشفى مجانيا أو دارا للأيتام، وتتحول بين ليلة وضحاها إلى شخصية عامة محترمة، في حين أن الوزير ومثلما بدأ مجده الشخصي بتلفون التعيين، يُنهيه بتلفون التغيير، وقد يجد في طريقه لوحة تقول.. من هنا مزبلة التاريخ‭!‬؟
قبل سنوات قليلة، وحين دكّت الآلة الصهيونية قطاع غزة دكّا، فقتلت الأبرياء وهدمت البيوت ونسفت الجسور، واعتقلت الأحرار، وفيما كان السياسيون العرب، الرسميون منهم وغير الرسميين، يقاومون باللسان الفصيح، ويدعون الله أن تنتهي الحرب سريعا، قبل أن تصلهم نيرانها وشظاياها، خرجت في السويد مظاهرة ضخمة نظمتها راقصات الملاهي الليلية وعاهرات الشارع في أوروبا، دفاعا عن أطفال فلسطين، فرفعن شعارات تستنكر وتدين نازية إسرائيل وتحذر من خطر الصهيونية.. أفليست عاهرات أوروبا هنا أشرف من سياسيي وحكام العرب!!؟

مقالات ذات صلة