-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الروس في بلاد العم “شام”

عمار يزلي
  • 1234
  • 0
الروس في بلاد العم “شام”

لم يعرف العالم تصعيدا أخطر من الذي حدث خلال سنة 2015، على فداحة حرب العراق! ففي العدوان على العراق، كان العالم كله غربه وشرقه وعربه و”مسلميه”، إن لم يشاركوا، فلم يمانعوا من ضرب المارد الخارج عن الطاعة! لكن هذه السنة، وخاصة مع أواخرها، صارت “سوريا” هي عراك العراق الثاني، وغير مستبعد أن يتطور هذا التصعيد ليصبح القدس عاصمة كل الصراعات الدولية والكونية!

ما حدث في سوريا خلال الأعوام الأخيرة ورضوخ أمريكا لتجبر روسيا بشأن مصير الأسد، صار الآن أكثر وضوحا: روسيا لن تسمح مرة ثانية باستعمال الإسلاميين لتقويض نفوذها كما فعلته أمريكا معه في أفغانستان! مجيب الرحمن، هو نفسه السد اليوم! مسلمون علمانيون، أحسن من مسلم متدين! والأمس علم دروسا للمستقبل! وهذا ما جعل روسيا نخرج أنيابها في وجه التمدد الأمريكي الأوروبي باتجاه حدوده القومية لضرب مصالحة واستقراره! موقف إيران وروسيا وسوريا السد وحزب الله، يقف على نفس الأرضية: محاربة التمدد الأمريكي الأوروبي باتجاه الشرق! ويأتي إسقاط السوخوي الروسية من طرف أف 16 التركية الأمريكية الصنع، كتتويج لتراكم قد يتعاظم ليشعل فتيل حرب عالمية ثالثة بالمنطقة، لاسيما وأن تركيا المهزومة في الحرب العالمية الأولى مع ألمانيا، لاتزال ترى في حقها الإمبراطوري على المنطقة المحيطة بها والإرث العثماني. نفس الوضع لروسيا التي كانت الآلة التي أسقطت المارد النازي بثلاثين مليون قتيل لكي تدخل جيوشها إلى برلين، لتصبح بعد فترة من عمل الحرب الباردة هدفا للرأسمالية الغربية والذي انتهى بها إلى الانكماش بعد انهيار جدار برلين والقضاء على الشيوعية و”الاتحاد السوفيتي” الإمبراطوري! روسيا تعلم أنها صارت أقوى من عهد غورباتشوف، وأنها لن تبقى مكتوفة الأيدي، أمام المد الأمريكي بعد حرب العراق! لهذا، فالموقف مشبع بالتناقضات والتقاطعات والتجاذبات والتنافرات في المنطقة! والحرب القادمة، بالتأكيد ستكون المنطقة مسرحا لها، وفلسطين على رأسها!

نمت لأجد نفسي أنا هو خامنائي المنطقة وقد اجتمعت مع قيادتي السياسية والعسكرية والأمنية على أعلى مستوى تحضيرا للمرحلة القادمة من تطور الأوضاع في المنطقة المشتعلة: قلت لهم أننا وقفنا مع سوريا الأسد على علمانية دولة البعث، لأنه لا يهمني تدين بشار أو تدين الأسد! رغم أنه علوي قريب من الشيعة، إلا أن هذا لا يهمنا بقدر ما يهمنا دوره في المنطقة! فكما حدث مع العراق، نريد أن يحدث مع الأسد! لن نقبل باستبدال الأسد بضبع! نريد أن نستبدله إذا اقتضى الأمر في النهاية بذئب وليس بأي مخلوق، شرط أن يكون الذئب هذا قريبا منا ومتورطا في أكل يوسف بن يعقوب! يعني أنه ضد العدو الصهيوني، العدو الأول للأمة الإسلامية شيعتها وسنتها وزيدييها ودروزها! هذا الوضع سيسمح للتاريخ بأن يلوي يد القضاء والقدر ويعجل بعودة الغائب الأكبر، ليعيد للمسلمين من خراسان إلى طنجة زمانها الغابر.

هكذا، سنحضر قوتنا الاقتصادية والعسكرية بعد أن رفع الحظر عنا وندخل في تحالف قوي مع روسيا في سوريا ونقوي مواقفنا التفاوضية مع الغرب. سنمول نحن أيضا الحركات الجهادية ضد الحركات الجهادية الممولة من الخليج والأمريكان والخارج. سنكون جيوشا تقابل جيوشا والغلبة للأقوى والأمكر!

لقد ألقينا القبض على أبي بكر البغدادي، دون أن يعلم أحد من غير الروس، وقلنا له سرا: أنت لا يمكن أن تكون خليفة للمسلمين ولهذا داعش لن تبني الخلافة! أولا لأننا ضد الخلافة، فنحن مع الإمامة! وأنت لست لا إماما ولا حتى خليفة، أنت ما عليك إلا أن تساندنا مع جماعاتك ونحن سنوكل لك ولاية العراق والشام. أما بقية الأقطار فسيحكمها باسمنا ولاة الأمصار المفتوحة من جديد على أيدينا نحن ورثة الأئمة المعصومين!

وهذا ما فعله، بعد أخذ ورد ونقاش ومراسلات مع الأمراء تحت وصايته وحاكميته، والآن صارت داعش صناعة فارسية خراسانية! وهكذا، صار الغرب أكثر تخوفا من انتشارنا السريع والمريع، لهذا، سوف يجهز العدة لحرب لا هوادة فيها في المنطقة. وعليه، سنجعل من تحرير بيت المقدس وفلسطين من براثين اليهود شعارا لنا وعنوانا لجهادنا ضد الإرهاب! سنعمل على سحب البساط من المسلمين المتخاذلين والفساق والمنافقين: فمن لا يشارك في تحرير فلسطين، فهو لدى العامة ولدينا نحن، من المخلفين الأعراب الذين وردت فيهم آيات وأحاديث صحاح! هكذا، سترغم تركيا على الخروج من الحلف الأطلسي والانضمام إلى حلفنا مع روسيا وبقية الدول الإسلامية في كازاخستان وأذربيجان والقوقاز وشرق آسيا والشمال الإفريقي وجنوب شبه الجزيرة ومصر التي ستسقط الطاغوت وتكسر أغلالها وتنضم إلى الحرب المقدسة الجهادية التي ستفضي حتما إلى انتصارنا في الأخير! سنحرر القدس وسيعود المسيح عليه السلام وسيقتل الدجال ويظهر المهدي! إن لم يكن هذا قريب، فليس ذلك ببعيد!

كان قادة الأركان والمخابرات يسمعون وهم يتساءلون: هذا حلم رآه أم خلط يراه؟ فلا شيء من هذا حدث إلى حد الآن! هل هذه رؤية أم “نبوءة”، أم مجرد وهم، أم حقيقة قائمة لا محالة!


لا أحد سأل أو تساءل بصوت مسموع، لكن لما خرجوا من الاجتماع السري، الكل كان يقول: إن لم يحدث هذا، فأكيد العصمة تغلب كل عاصمة! سنعمل كما لو أن ما قاله حقيقة ونذهب لننتظر ما ستؤول إليه قرارات الساعات القادمة، لعلها تكون قريبا!

وأفيق وأنا أهذي وأقرأ قصيدة لأبي الطيب المتنبي:

“كيف ترجي الروم والروس هدمها/ وذا الطعن أساس لها ودعائم

أتوك يجرون الحديد كأنما/ سروا بجياد ما لعن قوائم

إذا برقوا لم تعرف البيض منهم/ ثيابهم من مثلها والعمائم!”

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!