-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الزمرة.. لا تملك جوازات سفر

الزمرة.. لا تملك جوازات سفر

أحيانا أقول بأننا نهتم كثيرا بالشأن الخارجي على حساب الشأن الداخلي لبلادنا، وأنه حان الوقت لنطبق سياسة “عزلة” لمرحلة معينة ننأى بها عما يجري حولنا من اضطرابات ونتكفل بأمورنا أولا، على طريقة الأمريكيين في عهد “مونرو” و”روزفلت”، بل على طريقتهم اليوم.

لقد قرأت باستغراب منذ مدة للكاتب Rothkopf  في مؤلفه “الزمرة” أو “الطائفة” La caste أن ثلث أعضاء الكونغرس الأمريكي والثلثين من مساعديهم ليس لديهم جواز سفر، وان أربعة من الرؤساء الخمسة الأخيرين للولايات المتحدة ليس لديهم أي اهتمام بالشأن الخارجي، وثلثي الشعب الأمريكي لا يعرفون مثلا من هو الرئيس الروسي ناهيك عن موقع بعض الدول أو أسماء بعض الشخصيات العالمية…

وتعجبت من حالنا، كيف أن جواز السفر الدبلوماسي يعد من الأهداف الأساسية لبعض مسؤولينا، وكيف أن الجنسية المزدوجة لهم ولأبنائهم كادت تصبح من ضرورات العمل السياسي، وكيف أن النجاح بالنسبة لهم أصبح مرتبطا بإمكانية السفر إلى الخارج والاستشفاء في الخارج والتسوق في الخارج، بل والراحة في الخارج، ثم بعد ذلك يلقون الخطاب تلوى الخطاب تجاه الشباب لحثهم على حب الوطن وعدم الجري وراء الحصول على الفيزا أو الارتماء في البحر…

هذا الواقع دعاني إلى التساؤل ما إذا لم نكن اليوم في مرحلة تستدعي منا إعطاء الأولوية لسياستنا الداخلية ولمشكلاتنا المحلية قبل سياستنا الخارجية، وإلى من يدرك حقيقة المشكلات الداخلية قبل من يدرك واقع المحيط الخارجي، ولمن يبني سياسته على المقدرات الذاتية قبل اللجوء إلى الخبرة الأجنبية، ومن يمكّننا من أن يكون لنا برلمان وأن تكون لنا حكومة لا يهتم الأعضاء فيهما بجوازات السفر الدبلوماسية بقدر اهتمامهم وعنايتهم باكتساب جوازات سفر داخلية وفيزا داخلية لقلوب وعقول ومشكلات الجزائريين…

 

لقد نجحت ثورتنا التحريرية في الاعتماد بالأساس على الداخل، وإن دفع ثمن ذلك عدد كبير من الرجال المخلصين وأولهم الشهيد عبان رمضان، وقمنا بإطفاء نار الفتنة التي اكتوينا بها في التسعينيات الماضية بحل من الداخل، وإن دفع ثمن ذلك المئات من خيرة أبنائنا، واليوم نحن أمام تحديات ضخمة لا يمكننا مواجهتها إلا بالانطلاق من مقدراتنا الذاتية ومن قوانا الداخلية ومن استعدادنا للإعلاء مرة أخرى من الشأن الداخلي على حساب الشأن الخارجي بعيدا عن تفكير الزمرة عندنا وعندهم…

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!