الزواج للمرة الثانية.. هل تلدغ من جحرك مرتين؟

خطوة الزواج للمرة الثانية بعد تجربة فاشلة، صعبة جدا للكثير ممن عاشوا جحيم علاقة وصلت إلى طريق مسدود، ومستحيلة للبعض ممن كانت تجربتهم أكثر إيلاما ووجعا… الشروق العربي تخوض للمرة الأولى في موضوع الزواج للمرة الثانية.. فهل سيلدغك ثعبان الزواج للمرة الثانية؟

هناك نوع من المطلقين الجدد الذين يريدون أن يثبتوا لأنفسهم أنهم قادرون على إعادة ترميم حياتهم، دون أن يتريثوا قليلا للملمة بقايا الماضي وشيء من الكبرياء. فيهرعون إلى خوض تجربة ثانية دون أن يستخلصوا الدروس من التجربة الأولى الفاشلة.. هي حال عبد المجيد، الذي عانى في زواجه الأول، من امرأة مزاجية وغيورة إلى حد المرض، نغصت عليه عيشه بتصرفاتها الوسواسية… ولأنه أراد أن ينتقم منها، أو بالأحرى، أراد أن ينتقم لنصيبه، سارع إلى الزواج مرة أخرى من امرأة ظن أنها عكس زوجته الأولى.. بعد سنة من الزواج، اكتشف أن زوجته الثانية ليست لا مزاجية ولا غيورة، لكنها عنيدة وعنيفة… والعبرة، أنه لم يعتبر من تجربته الفاشلة.

القلب قد يحب مرتين

السيدة ليلى، خاضت تجربة ثانية، كانت ناجحة مقارنة بما عانته من ويلات في زواجها الأول، من رجل سكير، لم تدرك عربدته إلا بعد الزواج.. وحمّلت والدتها مسؤولية هذا الفشل، بعد أن ألحت عليها بقبول عرض زواج كل ما يحمله من مغريات هو المال فقط.

سفيان، بدوره أعاد الزواج بعد ست سنوات من العزوف، كان متخوفا جدا من التجربة الثانية، خاصة أن سبب طلاقه عناد زوجته، التي أرادت سكنا منفردا، رغم أنه ابن أمه الوحيد. يقول بتوتر شديد: “لقد ترددت كثيرا كي أرضخ لفكرة الزواج مرة ثانية، لكن ترددي زال بعد أن وقعت في حب زميلتي في العمل.. أنا الآن زوج سعيد”.

قصة أميرة مختلفة بعض الشيء. فهي تعترف بأنها السبب في طلاقها، بسبب مطالبها التي لا تنتهي، بينما كان زوجها يعمل في شركة خاصة صباحا، وفي تطبيقات سيارات الأجرة بعد خروجه من العمل وفي نهايات الأسبوع والعطل. تقول وهي تعض على شفتها السفلى من الندم : “لم أكن ممتنة للحياة التي كنت أنعم بها… لقد طلبت من طليقي أن يسامحني لكنه رفض… هو الآن متزوج وأنا في بيت أهلي”. وتستطرد: “لا نية لي في الزواج مرة ثانية”.

طرحنا هذا السؤال على شريحة لم تخض أي تجربة بعد، فكانت الإجابات سلبية أحيانا وإيجابية أحيانا أخرى. فكوثر ترفض فكرة الزواج ثانية إن فشل زواجها الأول لسبب من الأسباب. أما خير الدين، فلا يجد حرجا في إعادة التجربة على أن يعتمد على أخطائه السابقة كي لا يكررها. من وجهة نظر نبيلة، فإن الزواج ثانية حين لا يكون لدى المرأة أطفال ممكن وصحي، لكن وجود الأطفال يعيق نجاح هذه التجربة أو حتى الإقدام عليها. وتضيف: “أما الرجل، فزواجه ثانية مستساغ جدا، سواء كان بأولاد أم من دونهم”.

ونستشف من هذا الحديث أن زواج الرجل للمرة الثانية بعد الطلاق أمر سهل للغاية، ومطلوب، وتباركه الأسرة والمجتمع. وهذا، لأن مجتمعنا لا يزال مجتمعا ذكوريا، يغفر زلات الرجال، ويزج بالنساء في غيابات البيوت دون معرفة الأسباب والخبايا.

زواج مع سبق الفشل

دراسات حديثة تؤكد أن زواج المرأة مرة ثانية بعد تجربة فاشلة أصبح أكثر تيسيرا، مقارنة بالسنوات الماضية، ولكنها لا تزال تعاني من نظرة المجتمع القاسية إليها، رغم ذلك… وأمام رفض العائلات تزويج أولادها من امرأة مطلقة، حكم عليها بأنها رأس المصائب وبومة شؤم لكل من يجازف بالزواج بها.

وبحسب بعض الدراسات النفسية التي تصفحناها، فإن سبب التردد في الزواج مرة ثانية يكمن في ارتفاع سقف التوقعات بعد خيبات التجربة الأولى. فالزواج من رجل فقير يجعل المرأة تبحث عن الزوج الميسور. والزواج من بخيل يدفعها إلى البحث عن زوج مسرف مبذر.. وهكذا.

ويتسبب الزواج الفاشل في تشكيل كومة من العقد النفسية، تجف معها المشاعر، ويموت بعدها الإحساس، وتتباطأ دقات الحب، وتدخل السعادة في غيبوبة لا تفيق منها إلا بالعثور على الشريك بالصورة المثالية المتشكلة قسرا في اللاوعي.

وأخيرا

الزواج مرة ثانية لا يخضع لأي معايير اجتماعية ونفسية، بل هو وليد اللحظة والصدفة والظروف. والفشل في الزواج لا يضعك في خانة الفاشلين إلى الأبد، بل في خانة الكبوات الحياتية التي تصادفنا، فإما أن تنهض وتكمل، وإما أن تخرّ قواك وتجثو أرضا، فيفوتك قطار الفرص