-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

السياسة السياحية: الوجهات والتوجُّه

عمار يزلي
  • 882
  • 0
السياسة السياحية: الوجهات والتوجُّه

يأتي تنظيم النسخة 21 من الصالون الدولي للسياحة هذه السنة ضمن توجه جديد وإستراتيجية متجانسة نسبيا من أجل التأسيس لقواعد اقتصادية متنوعة ودعم الإنتاج المحلي سواء في المجال الاقتصادي الزراعي والصناعي ولكن أيضا في مجال ما نسميه بالاقتصاد الخدماتي.

لماذا يكتسي تنظيم هذا اللقاء الترويجي الدولي اليوم في الجزائر أهمية كبيرة؟ وهل هو استمرار لمشاريع سابقة منذ 20 سنة وأكثر التي غالبا ما كانت تراوح نفسها دون تقدّم ملحوظ، إلا في بعض المجالات دون أن يصل الأمر إلى حد التباهي والمقارنة حتى مع الجيران؟

تكتسي أهمية ذلك من حيث أننا قطعنا العهد على قطع العلاقة مع النمط الاقتصادي وحتى السياسية القديم، إذ لم نكن نولي أهمية كبيرة للسياحة كوجهات ومسارات وكاستثمارات ومصادر دخل خارج المحروقات للدولة والخواص. فلقد كنا نعتمد بشكل أساسي وكلي على الريع النفطي، وهذا ما كان يوصلنا كل مرة إلى ضائقة اقتصادية ومالية مع كل هبوطٍ في أسعار النفط وارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية المستورَدة كلها أو جلها. الاستفاقة الجديدة من أجل الخروج من هذه الدائرة المفرغة التي لم تمكِّننا من صناعة حقل سياحي مُدرٍّ للأرباح وممتصٍّ لحركة سياحية كبيرة عادة ما تسافر خارج الوطن كل سنة وطوال العام بحثا عن ملاذ لحرق العملة الصعبة في الفنادق المجاورة.

كنا نراوح مكاننا ولم نذهب إلى أبعد مدى، لأننا كنا مرتهنين إلى نظام سياسي يرتهن هو الآخر إلى السهولة والريع والفساد ولوبيات الاستيراد وما اصطُلح على تسميته بـ”العصابة”؛ فالسياحة جزء لا يتجزأ من التكامل الاقتصادي، والمثل الفرنسي يقول “إذا كانت حركة البناء تسير، فكل الأشياء تسير”، ولكن أيضا يمكن القول “إذا كانت السياحة ناجحة فكل القطاعات تنجح”.

لهذا لم تكن تنجح السياساتُ السابقة في ترميم القطاع السياحي وكان وزير القطاع أولَ من يتم تغييره مع كل تعديل وزاري، لأن السياحة كانت هي القطاع الأكثر تآكلا والأقل ديناميكية. والسبب أن السياحة كقطاع لا يمكن أن تنمو إلا ضمن مناخ اقتصادي متكامل يقف على أربع دعائم أساسية لا غنى عنها:

أولا: الاستثمار القاعدي، من فنادق ومراكز استقبال السياح ووكالات أسفار ومطارات داخلية بخطوط خارجية.

ثانيا: حركة نقل نشيطة، سواء شبكة الطرقات البرية أو الجوية أو البحرية أو عبر شبكة السكك الحديدية.

ثالثا: التكوين في المجال السياحي وفي مجال التسيير وتحسين الخدمات على كل المستويات التي تتعامل مع السياح، سواء في المطارات أو في الفنادق والمطاعم وأماكن الاستقبال القريبة من المسارات السياحية في الصحراء وفي التل وفي الجبال. وهذا يتطلب وقتا ولكن ليس بالوقت الطويل، لأن التكوين يكون وظيفيا حتى لو لم نتمكن من تغيير سلوك الموظف فإننا نؤطره ونضبطه بقواعد، وتبقى الثقافة السياحية تلك، لتأتي كتكوّن وتشكّل مبدئي وتراكمي مستقبلا.

رابعا: تنشيط الحركة الترويجية الرقمية وإنشاء منصات لذلك على المستوى المركزي ولكن أيضا تشجيع ودفع المتعاملين السياحيين على الدخول في مجال المناجمنت السياحي والاتصالي عبر التطبيقات الذكيّة الرقمية التي يعوَّل عليها كثيرا في التعريف بالمنتَج السياحي الوطني وبالمسارات السياحية عندنا وهي كثيرة ويمكن أن تكثر مع تطوير الأفراد والجماعات ومجتمع السياحة لوسائل التعريف والترويج، مع فتح الطرقات وبناء مراكز الاستقبال والإيواء وتسييرها اقتصاديا بأسعار معقولة وخدمات جدية وجيدة تدفع السائح الجزائري إلى اختيار الوجهات المحلية ومساراتها على أن يغامر ويقامر بغير ذلك خارج البلاد طوال العام وفي نهاية السنة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!