-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الصين من سلطة المال إلى سلطة الآداب

أمين الزاوي
  • 4358
  • 22
الصين من سلطة المال إلى سلطة الآداب

مو يان روائي صيني، ومعناها في الصينية: الذي لا يتكلم، مو يان الرجل الصامت، اسم جديد يسقط على القارئ الغربي كبيرا، كبيرا بحجم أكبر جائزة في تاريخ الجوائز الأدبية العالمية، يسقط جاهزا من على سور الصين العظيم ليتوج بجائزة نوبل، ويسقط علينا نحن في العالم العربي والمغاربي بالتبعية والولاء لذوق الآخر ولاختياراته.

الروائي مو يان ليس معارضا لنظام بلده ولا مهاجرا ولا منفيا ولا محجورا عليه، إنه روائي الشاي الصيني والجلسة الصينية والغناء الصيني واللباس الصيني والمزاج الصيني، ومع ذلك يتوج بجائزة نوبل للآداب لهذه السنة 2012، فلماذا يا ترى يتوج صيني بهذه المواصفات وفي مثل هذا الوقت بجائزة نوبل الغربية؟

مع كل هذا العداء التقليدي الذي تحتفظ به الجائزة ولجنة تحكيمها على اختلاف المتتالين عليها من رموز الثقافة الأورو-أمريكية وعلى الرغم من هذا النفور والاستخفاف بالأدب الصيني وأساسا ذلك الذي يكتب تحت سماء تحكمها سلطة الحزب الشيوعي، مع كل هذا فقد حاز مو يان على جائزة نوبل للآداب.

أخيرا ركع الغرب السياسي ومعه الغرب الأدبي، أخيرا ها هو الغرب يعود ربما ليقرأ الشرق الأقصى، شرق مطلع الشمس، دون خلفية سياسية وربما دون حكم مسبق، أو ها هو يقرأ بعين جديدة أملتها ظروف القرن الجديد بكل زلازله الحربية والطبيعية والاقتصادية.

أخيرا ها هو الذوق الجمالي الغربي الأورو أمريكي يتغير فيُيَمم شطر آداب آسيا البعيدة، بعيدا ربما عن سلطة الأيديولوجيا وقريبا ربما من سلطة المال!! قريبا من المصلحة!! فالصين التي كانت قبل ربع قرن في عين الغرب بلد الطوابير والتخلف والفقر والأمراض والأزمات كلها أصبحت بلد المال والسيارات الفاخرة والتكنولوجيا الخارقة وأخلاق العمل وثقافة المنافسة الرأسمالية المعاصرة، بطبيعة الحال على الطريقة الصينية. لقد أضحت الصين منقذ الغرب الذي يتخبط في أزماته المالية والاقتصادية المتلاحقة منذ بداية هذا القرن، غرب غارق في حروب لا يدرك آفاقها ولا عواقبها.

أخيرا ها هو الغرب الذي ولمدة قرن وأكثر من الكتابة الروائية الصينية المعاصرة، ها هو هذا الغرب الأدبي يعود ليعترف بأنه الخاطئ المخطئ، فيتوج الرواية الصينية بجائزة نوبل للآداب وكأنه بذلك يطلب السماح من شرق لطالما همش ولطالما عزل وأبعد عن المشاركة في النقاش العالمي حول مصير الإنسان ومصير الأرض التي عليها يقيم هذا المخلوق العجيب.

هل سيكون الإبداع الصيني الصاعد في الرواية كما في السينما وفي الموسيقى بكل أصالته وروحه الشرقية بكل ما فيها من حكمة ورؤيا هو البديل القادم لتخليص الإبداعية الغربية الأوروأمريكية من النمطية؟

ربما!!

.

هل بدأ مفهوم المركز والهامش يتغير؟

هل تتويج مو يان بجائزة نوبل للآداب لهذه السنة 2012 هو قبل كل شيء البحث عن طريق آخر للوصول إلى جيب الصين، كونها المسيح الجديد المنقذ المالي وربما السياسي أيضا، هل تتويج مو يان هي محاباة للسلطة الصينية وشراء ودها عن طريق ما يسمى طريق القلب، طريق الرواية، طريق الفن؟ ربما!!

حدثني قبل أسبوع الوكيل الأدبي الفرنسي لمو يان وهو وكيلي الأدبي أيضا السيد بيير أستيي Pierre Astier بأن وكالته بكل موظفيها تعيش حالة من الاستنفار إذ لا تكاد تنتهي الطلبات على كتب مو يان، إذ أن الناشرين في أوروبا وأمريكا يتسابقون على شراء حقوق الترجمة والاقتباس والنشر لروايات وكتب مو يان الذي كان قبل سنة كاتبا عاديا بل أكثر من عادي إذا ما قارنا بينه وبين الاستقبال الذي يحظى به أدب الكاتب الياباني هاروكي موراكامي الذي أصبح ظاهرة أدبية في الغرب.

ولكن إذا كان الغرب الأمريكو-أوروبي يتسابق على شراء حقوق الترجمة والنشر وله في ذلك مآرب فإن العرب من مشارق الأرض ومغاربها تابعون ونائمون وربما يكونون قد نزلوا ساحة القرصنة وبعد أيام ستنزل بعض كتب مو يان في القاهرة أو في بيروت مترجمة بتشويهات كما هي العادة وستكون حاضرة في معارض الكتاب العربية؟

لكن الأكيد هو أن الغرب وهو يمنح جائزة نوبل للآداب لمو يان وهو يقرأ هاروكي موراكامي بكل هذا العشق والولع يعلن عن قلب صفحة في ذوقه الجمالي والدخول في كتابة صفحة جديدة لتاريخ قارئ جديد وإمتاع جديد.

هل سيكون طريق الحرير إلى الصين الذي هو طريق الرواية فرصة لهذا الغرب الأدبي الأمريكو-أوروبي أن ينتبه إلى الأدب العربي، أن ينتبه إلى روائي مثل حيدر حيدر أو أمير تاج السر أو نبيل سليمان أو الميلودي شغموم أو… ويخرجنا من كذبة ترشيح كل من أدونيس وآسيا جبار كذبة دامت عشر سنوات وفي كل موعد سنوي للجائزة نلوكها ونصدقها ثم نسكت وتمر الجائزة لاسم آخر في لغة أخرى؟

هل الأزمة المالية في الغرب نعمة على الأدب في الشرق؟ هل هو إعلان عن بداية زمن أوروأمريكي جديد أساسه البحث عن منظومة قيم جديدة يكون الأدب والرواية أساسا هو حاملها. ربما!!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
22
  • adam

    افكارك لائكية لمن لايعرفك انت خطر على الاسلام

  • دار الضياف الذئاب

    فى قصدت المراقبة ..انا اقصد هاذوك هوما ماشى هاذوا هما والا انتما هما والا هوما انتوما كيف كيف المهم هاذوك هما المعنيين من هاذى
    والمهم الا انتوما هما ..انا حمار واش ادانى
    والا هما انتوما انا زمر واش خلطنى
    والا هما هاذوك هما ..رانا غير نلعبوا برك ياك غير الكترونات واش فيها

  • عبد القادر

    أنا ارى وكل احترامي للدكتور امين الزاوي ان الصين بلغتها المعقدة , و و علومها و آدابها هي بعيدة عنا , و أفضل ان نعود الى تطوير اللغة العربية عندنا و نكيف اللهجة الجزائرية بطريقة يفهمها اخواننا و اشقاؤنا في الشرق لأنهم لا يستوعبونها جيدا كما طور المصريون و السوريون و اللبنانيون لهجاتهم بتطوير اللغة العربية اساسا في خطاباتهم و معاجمهم , هذه أضن من الأولويات , ثم من بعدها ننتقل الى الأدب الصيني....شكرا جزيلا للدكتور امين الزاوي

  • mokaki

    القاعدة مما فسح لها المجال لتعميق الهوة بين النمو الصيني و الغربي انضر ماذا تفعلciaمؤخرا في مينمار مع الاقلية الروهنغيا حتي تجعل من العالم الاسلامي يبتعد عن تعامل مع الصين بما انها تدين بالاكثرية البودية انا اعتقد ان كثير من الدول الاسلامية ستنقص من نية الصداقة مع هذه الاخيرة لكن في الواقع هي قصة مخابراتية ليس لها اي علاقة بالمنطق البوذي الذي ينبذ العنف2

  • mokaki

    الصين هل قام بمحض ارادته ام يد العون انا اقول انها يد العون و ذلك بهجرة كل الشركات العالمية اليها بحثا عن اليد العاملة الرخيصة و كان ذلك عبر دافع خذها انت و لا ياءخذها المسلمون لكن بمواصلة عمل و انتاج الصين لسلع اصبح خطها لاحمر يهدد الغرب لانها اصبحت تخترع الاشياء في التكنولوجيا لكن ما تلبث ان تصنعها الا و تصادفها عقبات غلاء اليد العاملة في بلدها اقصد الغرب لان اصبح الغرب علي راءسها امريكا من خللا جهازهاciaيفكر في خلق حرب بين البوذة و الاسلام لان هذه لاخيرة لم تشترك في حربها ضد العدو الافتراضي 1

  • Qaddour

    انت حسود..حقود..لدود..لجوج..أفٍ لك و تف..!

  • رفيق

    الصين فرضت نفسها على الغرب والتفوق يجب أن يكون في كل شيء ولا أعتقد أن فوز الصين بجائزة نوبل مجاملة من الغرب

  • عبدو

    و الله لن نحسن فعل أي شيء ما دمنا نحْكم عاطفتنا في نقدنا الذاتي، على الأقل الأستاذ الزاوي أشار إلى نقاط مهمة من خلال مقاله و أضن انها تستحق الوقوف عندها... شكرا لك يا أستاذ.

  • basm

    والله يا دكتور انت اولى

  • صمادي سفيان

    ....لما أزيحت الصخرة عن الطريق بهت المزارع فوجد تحتها حفرة بها علبة خشفية فلما فتحها وجد فيها قطع ذهبية و رسالة مكتوب فيها من الحاكم القرية هذا جزاء الرجل ذي العزم و الروح التعاون وحب الخير و مصلحة الغير
    الخلاصة أن الصين بارك الله فيك أيها الكاتب المتألق أمين الزاوي بنيت بحكم طبقت على الأرض الواقع ففرضت وجودها كيانها روحها و ثقافتها بكل واقعية و هدوء وصرنا عكس تلك الحكمة التي رويتها لا نتكافل لا نتعاون نجد العثرات و لا نحاول التغلب عليها النتيجة هو حالنا اليوم لكن أتفائل خيرا لأن فكرتك وصلت

  • صمادي سفيان

    يحكي أنه كان هناك حاكما حكيما في أحد أقاليم الصين قديما أرتئت عليه فكرة وحدث بها أحد خدامه فذهب باكرا متجولا فتوقف على طريق يمر عبره القرويين ثم وضع صخرة كبيرة وسط الطريق وقال لخادمه أختبئ وراء تلك الشجرة وراقب ما يحدث وانصرف الحاكم بعد سويعات مرى رجل تاجر ثري فتوقف غاضبا متوعدا أن يشكو الحاكم من هذا الفعل وانصرف ثم مر بناءا فتعجب وانزعج وانصر ثم مر ثلاثة شبان مرحين وتوقفو ثم ضحكو من الموقف وانصرفو بعد ثلاثة أيام مر شيخا مزارعا توقف وأراد إزاحتها ثم ناد للمساعدة فأتوه عصبة من الناس فأزاحها .يتبع

  • كوكو

    تابعت قبل أسبوعين كما غيري،أطوار فوز صيني قُح"مويان"(صاحب
    رواية"الذرة الحمراء"الثورية،ومن الحرس القديم لشيوعية"ماو"،و المغضوب عليه من طرف بعض الحقوقيين في الصين)بنوبل للآداب للمرة الأولى(فاز قبله مواطنه"جاو كسينغجيان"، صاحب الرواية العبثية"جبل الروح"بها سنة 2000،لكنه لم يتسلمها حتى نال الجنسية الفرنسية سنة1998بعد هروبه من بلده إثر الربيع الصيني سنة1988)،ثم رجعت إلى الوراء،إلى أدباء نوبل(كلمة نوبل بالفرنسية تعني النبيلNoble)،إلى قراءة أسماءمن نالها منذ نشأتها سنة 1901حتى يومنا،فوجدت أن قارة أوربا

  • مكرفس

    ... 2 ... والله عندكم حق ورجاءا اسمحولى غلطة

    ان شاء الله درس سوف لن اتعمق كثيرا
    انا نيتى فقط ان نكشف اللعبات الخطيرة التى تشوب هذا المجال من >ات الانسان

    لعبة اغلاسهم الخبيثة

    وانا اتفهم تفهمكم والا لما كتبت ما كتبت وكن اشك انه سيدخل التبريد

    المهم ركزوا عليه واهتموا به واجعلوه مجال بحث متقدم

  • اسم بلا لقب

    أمين الزاوي لمن لا يعرفه كاتب ماكر من طينة.. الكبار،وفق في خلق أسلوب جديد في الأدب يجعل من ركاكة اللغة مصدرا لجذب القاريء وإيهامه بأن ذلك تجديد وإبداع،وذلك إنما يعود إلى البضاعة اللغوية المزجاة لأديبنا الذي مافتيء يسوق لاسمه واسم "ربيعته"كلما سنحت له الفرصة،فمثلا عندما يقول:"حدثني قبل أسبوع الوكيل الأدبي الفرنسي لمويان وهو وكيلي الأدبي أيضا"،إنما يريد إيهام القاريء بأنه قامة أدبية عالمية يذكر اسمه وتسوق أعماله في ساحة الكبار رفقة مويان..ياللمكر...!malédictiion

  • كوكو

    تابعت قبل أسبوعين كما غيري،أطوار فوز صيني قُح"مويان"(صاحب
    رواية"الذرة الحمراء"الثورية،ومن الحرس القديم لشيوعية"ماو"،و المغضوب عليه من طرف بعض الحقوقيين في الصين)بنوبل للآداب للمرة الأولى(فاز قبله مواطنه"جاو كسينغجيان"، صاحب الرواية العبثية"جبل الروح"بها سنة 2000،لكنه لم يتسلمها حتى نال الجنسية الفرنسية سنة1998بعد هروبه من بلده إثر الربيع الصيني سنة1988)،ثم رجعت إلى الوراء،إلى أدباء نوبل(كلمة نوبل بالفرنسية تعني النبيلNoble)،إلى قراءة أسماءمن نالها منذ نشأتها سنة 1901حتى يومنا،فوجدت أن قارة أوربا

  • كوكو

    تابعت قبل أسبوعين كما غيري،أطوار فوز صيني قُح"مويان"(صاحب
    رواية"الذرة الحمراء"الثورية،ومن الحرس القديم لشيوعية"ماو"،و المغضوب عليه من طرف بعض الحقوقيين في الصين)بنوبل للآداب للمرة الأولى(فاز قبله مواطنه"جاو كسينغجيان"،صاحب الرواية العبثية"جبل الروح"بها سنة 2000،لكنه لم يتسلمها حتى نال الجنسية الفرنسية سنة1998بعد هروبه من بلده إثر الربيع الصيني سنة1988)،ثم رجعت إلى الوراء،إلى أدباء نوبل(كلمة نوبل بالفرنسية تعني النبيلNoble)،إلى قراءة أسماءمن نالها منذ نشأتها سنة 1901حتى يومنا،فوجدت أن قارة أوربا

  • علي

    لعل عند اضافة ميادين اخرى لتمنح فيها جائزة نوبل سينال العرب حظهم منها ، جائزة سوء الادب .... ولن يقتسموها مع احد .

  • ابن الريف

    العالمية ليس له حدود

  • lotfi ali

    و اين انت من كل هذا ىا دكتور فاحمل لواء الادب والرواية لعلك تكون السباق في هذا

  • ملك الانثروبولوجيا

    وللننضر جل الخضروات اتى نهضت من جديد الاسلامية الى الصينية مؤخرا تصالحت مع ذاتها اولا واعادة استقرارها النفسى و الاجتماعى ورشادها بعد اعوام من الجد ليترجم هذه الثقافة النزوانية فى نتاج ثقافى ومعرفى وحضارى ثمرة شجرة التصالح مع الذات

    عندما اقارن جيلكم مع هذا الجيل صدقونى اذهل مع اعتبارى ما بين الجيل سمعت وشاهدت جيلكم متدفق بالحيوية والنزوة الصادقة مع شح التجربة والمعرفة
    وجيل نزوة خبيثة متوحشة مع كثرة الاخطاء والمعرة ايضا يعنى منافق بامتياز

    فالعمل الابداعى هو اصلا نتاج نفسية لا يحتاج

  • Baki

    الروائي مو يان ليس معارضا لنظام بلده ولا مهاجرا ولا منفيا ولا محجورا عليه، إنه روائي الشاي الصيني والجلسة الصينية والغناء الصيني واللباس الصيني والمزاج الصيني، ومع ذلك يتوج بجائزة نوبل للآداب لهذه السنة

    هذا ما يجب ان يعرفه شبه ادبائنا الذين يتوهمو بأن الأنحطاط ومسخ الشخصية هي الطرقة المثلى لأرضاء لجان الجوائز مرورا بالكتابة بلوغتهم والعبرة عندنا منها الكثير

  • ام محمد

    السلام عليكم.بصراحة انا لا اكتب كي اعلق لاعلى الجا ئزة ولا على صاحبها.فاغلب الجزائريين لا يؤمنون بها ولا بالمعايير والمقاييس اللتي
    يتخذها الغرب ويرشح-فقط -عنصرا لنيلها.ناهيك عن الفوز بها...بل لاقول ان الجزائريةاللتي تنازلت كثيرا.من اجل هذه الجائزة اوسواها لقد تعدت خطوط قيم امتها هباء...اما اذا كان ذلك عن قناعة وايمان فبئس الايمان وسخطا لها من قناعة...