الرأي

الظلام نعرفه.. حدّثونا عن النور

محمد سليم قلالة
  • 3684
  • 16

كل ما نعرفه من مشكلات وسلبيات صحيح.. أيٌ منا لا يحتاج إلى من يحدثه عن المرض الذي يلم به، بل ربما قد مللنا ممن يحدثنا عن أعراض وأسباب المرض، مللنا من التشخيص، ومن البكاء والعويل، شعبنا مل من حديث هذا وخطاب ذاك وصياح هذا أو ذلك؟ هل سنداوي أمراضنا بالصياح والعويل والبكاء على أننا مرضى؟ أم علينا أن نبدأ في تدريب أنفسنا على الأسلوب الأنفع والأجدى لتغيير الواقع الذي نعيش؟

أبدا ما استطاعت الأقوال وحدها تغيير الأفعال، وأبدا ما مكّنت كثرة الكلام والبكاء من تحقيق الأهداف، وأبدا ما كان إفساح المجال لك لتقول ما تريد أن تحصل على ما تريد، فالكل يعرف اليوم العبارة التي  تقول: نفعل ما نريد وقولوا ما تريدون.. ويعتبرون ذلك عنوان سياسة..

 .

هل هذا هو الحل؟

يبدو أننا وصلنا إلى مرحلة من التشبّع في مجال “تشخيص” الداء حتى أصبح ذلك سياسة، وعلينا أن ننتقل بالحديث والتفكير إلى مستوى آخر، أن نرفع المستوى قليلا،  أليس الأفضل لنا أن نعمل عملا مهما كان بسيطا لنمنع الرشوة عن أن نُكثر الحديث عنها؟ أليس الأفضل أن نكتب على واحد فقط ممن رفضوها وحافظوا على كبريائهم وكرامتهم من أن نُكثر الحديث عن ذلك المجهول الذي يقضي كل حاجاته بها؟ أليس الأفضل أن نتحدث عن ذلك التلميذ أو الطالب الذي تحدى هذا الواقع المتردي، وحقق النجاح بعد النجاح على أن نكثر الكلام عن الفاشلين؟ أليس الأفضل أن نشيد بدور ذلك الأستاذ الذي قضى عمره يقدم ما استطاع لأبنائنا دون أن يأخذ معه إلى البيت قطعة طبشور عن أن نسوّد الأوراق ونحن نتكلم عن المتقاعسين من المعلمين؟ أليس الأفضل أن نعمل على تعزيز استقلال بلادنا ولو بموقف تجاه الفرنسيين والأمريكان وغيرهم عن أن نتباكى كل يوم على حكم فرنسا وحربها لنا أو نبشّر بقدوم الأمريكيين لنجدتنا؟ أليس من الأفضل أن نكتب عن أية خطوة تقرّب بيننا والجارة المغرب على أن نطلق العنان للحديث عن الحرب والخوف والاعتذار.. أليس الأفضل لنا أن نترك وزراءنا ذوي الصيت العالي في الفشل،، لـ”فاسبوكيين” يسخرون منهم، ونتحدث نحن عن الاستثناء منهم الذي نرى أن لديه هِمّة وقدرة، ويمكن أن يكون بحق وزيرا للجزائريين؟

 .

هل انتهينا تماما؟ وإلى هذه الدرجة؟

 

أليس من الأجدى بنا سياسيين كنا أو إعلاميين أو صنّاع رأي أو مواطنين، أن نعمل على تغيير أسلوبنا من منهجية البناء بالسلب إلى منهجية البناء بالإيجاب؟ أم أن ذلك يتطلب مزيدا من استخدام العقل، ومزيدا من استخدام الجهد، ونحن نفضّل التحطيم والتخريب الذي لا يحتاج سوى إلى التجييش العاطفي والتحريك الغريزي؟ ألسنا في مرحلة نحتاج فيها إلى الكف عن الحديث عن الظلام لنتحدث قليلا عن النور؟ 

مقالات ذات صلة