الرأي

العالم العربي على موعد مع “سايكس بيكو” جديد

ح. م

هذا عنوان كتاب قيم، لم يكتبه مؤلفه ليمتع به القارئ، ولم يؤلفه ليمارس “ترفا فكريا”، وما ديحته يراعه ليسلي به فما أكثر “المضحكات” وما أكثر “المضحكين” في وطننا وأمتنا العربية – والإسلامية.. ، ولكنه “عصارة عقل وقلب”، و”صيحة” ناصح أمين، يرى ما لا يرى الذين لا يعيشون إلا للسطوة والشهوة من “مسئولي” وطنه وأمته..

فالكتاب “إنذار” – إن كان في الوقت بقية – لقومه مما يراد بهم، ويتربص بهم، لا من الأعداء الخارجين فقط، وخطرهم قد يكون أهون – إن كان “العقل الجماعي” سليما، والجسم صحيحا، ولكن من “الخونة” الداخليين، الذين استمرأوا “العبودية” للأعداء، سواء كانت هذه العبودية فكرية أو مادية.. ولا بأس أن يزعم أصحابها “الحرية” و”الوطنية” و”الإسلام”.. وسواء كانوا “أمراء” أو “خفراء” ألم يقل فيصل ابن حسين “أنا موظف لدى حكومة بريطانيا بدرجة “ملك”. (محمد جابر الأنصاري العرب والسياسة. ص 24) وقد يقول غيره الآن: أنا موظف لدى حكومة أمريكا أو فرنسا بدرجة “ملك” أو “أمير” أو “رئيس”..

فرجال تأنثت ونساء **رَجُلت، إذ كلاهما عُبدان..

من أجل ذلك فالكتاب كما يقول عنه “الوزير – العالم” الدكتور أحمد طالب الابراهيمي: “جدير بأن يقرأ بتمعن، لما به من حسن اختيار الموثق من المقال، ومن استشهاد بالمعلوم والمجهول من الأعلام والأعمال، ومن حصافة في تشريح الحال، ومن تبصّر في استشراف المآل”.

ومما يدل على وعي الأستاذ أمير نور، ورهافة حسه، ويقظة عمله، وصدق وجدانه أنه أهدى كتابه القيم هذا إلى “الضحية الكبرى” لاتفاقية سايكس – بيكو، أعني الشعب الفلسطيني، الذي تحالف عليه القريب والغريب.. وكان الظلم المسلط عليه من النوع الذي سماه الشاعر حافظ إبراهيم “الظلم المنظم”. وكيف لا يكون منظما وقد أصدرته “منظمة الأمم المتحدة” و”ابنها” الأشأم “مجلس الأمن” اللذان سمى الإمام الإبراهيمي أولاهما بأنها “متحدة على الباطل”، وسمى ثانيهما بأنه “مخيف”.. ولكنه تنبأ في الوقت نفسه بأن ظلمهما المتمثل في إنشاء الكيان الصهيوني لن يدوم، فقال: “إن غرس صهيون في فلسطين لا ينبت، وإن نبت فإنه لن يثبت”، ولو كان وراء من نعلمهم جميعا. ليس غرضي أن أعرض الكتاب، ولكن قصدي هو لفت النظر إليه لقراءته والاستفادة منه، وهو ليس موجها لفئة خاصة، بل هو موجه لعدة فئات.. فسيستفيد منه السياسيون، والإعلاميون، والمؤرخون، والأئمة المنبّهون للأمة..

أهنئ الأستاذ أمير نور على عمله الجاد، و”لمثل هذا فليعمل العاملون”، ونطمع أن يزيدنا من مثل هذه الدراسات الهادفة الواعية الموعية، ونشكر دار “عالم الأفكار” التي هي كاسمها ناشرة للصالح من الأفكار، باحثة عن أصحاب الجاد والجيد من الأفكار..

أما نحن العرب والمسلمين فما دمنا لا نتدبر القرآن الكريم ولا نعتبر من حوادث التاريخ فسنلدغ من الجحر نفسه عدة مرات.. ولا لوم على العقرب فطبيعتها أن تلدغ..

مقالات ذات صلة