-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

العربي واعتزازه بلقبه دماغ العتروس

عثمان سعدي
  • 6677
  • 8
العربي واعتزازه بلقبه دماغ العتروس

كان يعتز بلقبه دماغ العتروس، قلت له “التيس أي العتروس ذُكر في الشعر العربي كرمز للمقاوم الصّلب، في الريف الجزائري إذا تناطح عتروسان وتُركا يتناطحان لا بد أن يموت أحدُهما إن لم يُفضَّ العِراك. لعلمك يا العربي ، أن الشاعر العربي البدوي علي بن الجَهْم وقف مادحا الخليفة العباسي هارون الرشيد فقال له:

 أنت كالكلب في حِفظك للودّ     وكالتّيس في قِراع الخُطوب

أي أنت مجاهد صلب كالتيس أي العتروس ، فسخط كبير الحراس على الشاعر، فقال له هارون الرشيد ، دعه إنه بدوي لا يعرف سوى الكلب والتيس، لكنه شاعر مجيد دعوه يقيم في قصور بغداد أسابيع وسترون كيف يتحول شعره وهذا يشير إلى ثقافة الحاكم العربي عندما كان العرب يعيشون نهضة راقية. وتم ذلك فنعِم الشاعر بمحاسن بساتين بغداد وجمال فتياتها،  فأنشد بيته الغزلي المشهور :

عُيون المَها بين الرُّصافة والجِسْر    جلبْن الهوى من حيث أدري ولا أدري  فصار هذا البيت على كل لسان مشرقا ومغربا.

فما كان من العربي دماغ العتروس إلا أن قال لي “بفضل العتروس جدت علينا بهذه القصة الجميلة عن هارون الرشيد وعن بساتين وحسان بغداد وعن شعراء اللغة العربية، وهذا البيت الغزلي حفظته وأنا تلميذ صغير لكن لم أكن أعرف خلفياته، فشكرا لك يا عثمان.

فقلت له أزيدك قصة عن هذا البيت تشير كيف كانت المرأة العربية مثقفة، يروي أبو الفرج الإصفهاني في كتابه الأغاني، أن صديقين كانا واقفين قرب حيّ الرصافة في بغداد، فمرت أمامهما حسناء فغازلها أحدهما بلطف فقال “رحم الله علي بن الجهم” ، فأجابته قائلة: “رحم الله أبا العلاء المعري”، وانصرفت، زميل هذا صاح فيه “لقد تكلمتما بألغاز ماذا تقصدان؟” فأجابه قائلا : عندما قلت لها رحم الله علي بن الجهم أقصد بيته المشهور :

عيون المها بين الرصافة والجسر     جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري

وعندما أجابتني بقولها رحم الله أبا العلاء المعري تقصد بيته:

أيا جارتا بالحَزْن إنّ مَزارها قريـ    بٌ ولكن دون ذلك أهوالُ   والفتاة كانت متجهة لحيّ الحَزن

فصاح العربي قائلا: “كل هذه الروائع الأدبية ذكرت بفضل العتروس فشكرا للعتروس وشكرا لك يا عثمان” .

رحم الله العربي الذي اختار جده من ريف الحروش بسكيكدة لقب العتروس وهو مؤمن بالمقاومة للمستعمر الفرنسي.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
8
  • سهيل

    أجمل مافي تعليقك أنك اعترفت أن لنا مشكلا لغويا وقحطا ثقافيا ، وهذا يَجُبُّ ماقبله ومابعده ......... تحياتي لك .

  • بدون اسم

    ليكن في علمك لو أن العلماء العرب الموجودون في أوروبا و أمريكا عادوا إلى أوطانهم ، لأصبح الغرب ومعه أمريكا يعيشون في العصر الحجري ،ولك أن تتأكد بالدليل القاطع ، العرب هم أصحاب الحضارة ، والآ خرون طفيليون فقط . يحيا العربي دماغ العتروس ، - تفضيل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب -كتاب قيم لمن أراد أن يعرف مزايا الحيوانات الأفضل من الغربيين الذين يتزاوجون كالخنازير لا يعرفون محارم ، ولاحرمات .

  • بدون اسم

    1 - نعم نعاني مشكل لغوي وقحط ثقافي فأصلا لا نملك لغة بل نملك خليط من لغات عدة
    ( لغة هجينة ) 2 - قال لك المصري : تتكلمون الفرنسية بطلاقة ولهجتكم غريبة...فهم أيضا يتكلمون
    الإنجليزية بطلاقة بل بطلاقة مطلقة ويتقنونها أكثر من إتقاننا للفرنسية التي يتقلص إستعمالها
    عندنا من سنة لأخرى أما لهجتنا التي يراها غريبة فلهجتهم أغرب 3 - لا يعرف عن الجزائر الا وردة
    الجزائرية لأنها فقط عاشت في مصر وأنا شخصيا لا أعرف عن مصر الا إسمها
    4 - للأسف نحن الجزائريين نحتقر أنفسنا وتاريخنا وهويتنا...ونعتز ونقلد الشرق والغرب

  • سهيل

    تعرفت على صديق مصري مثقف في الفايسبوك ، وتواصلنا بلغة فصيحة عذبة راقية ، فقال لي سبحان الله أنت لست مثل الجزائريين أبدا ، قلت لماذا ؟؟ ، قال : يتكلمون الفرنسية بطلاقة ولهجتهم غريبة ، ولا أعرف عن الجزائر سوى وردة الجزائرية ................................ الخلاصة : يبدو أن الجزائر تعاني فقرا لغويا مدقعا وقحطا ثقافيا حادا ..........

  • عميروش

    لهذا السبب تأخٌر العرب..العالم يفتخر بالإبتكارات والتكنولوجيا أما العرب ما زالوا في شعر الغزل..أيعقل أن يفتخر الإنسان بدماغه المنسوب للحيوان؟ كونوا منطقيين يال ناس

  • عبدالحميد السلفي

    السلام عليك يا أستاذ و*لا فض فوك* يا شهم العرب و الأمازيغ.
    لا تبخل علينا بأدب الأدباء الفطاحل لعل اللسان القويم يزيد الأواصل.

  • hocheimalhachemihh

    ما أخطأ من قال "معرفة الرجال كنوز وتحواس البلدان رياسه" فالناس أعداء ما جهلوا " والحديث قياس ، وما يفهم غير خفيف الراس ؟ " والرجال من وضعوا تحت الثرى ،وهم بين الناس أحياء* ورائعة ابن الجهم وبيته " جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدر é" و...روائع التراث العربي بما فيه من روائع لانسمع عنها أي شئ!!! وكأنها من الممنوعات التي كنا لانقولها "ابان العهد الأستدماري ؟! خوفا من بطشه ومع ذلك لم نصل الى درجة الانبطاح والعياذ بالله بارك الله فيك يا د. عثمان سعدي وما تجود به علينا من ذكريات رائعة ومحفرة للأمل

  • المولدي

    رحم الله الفقيد و أدخله فسيح جنانه