الرأي

العصابة.. و..”أذيال” العصابة

حسان زهار
  • 2652
  • 10
ح.م

يحدث أن تتحول العصابة الى مجموعة من الحملان الوديعة، تقوم على الدفاع عليها مجموعات من المحامين الملائكة، أصحاب القلوب الرحيمة.

وفجأة يتحول الجلاد، إلى ضحية مسكين، لا يحظى بإجراءات محاكمة انسانية، لتثور معها منظمات حقوق الانسان المزيفة.

في أول جلسة لمحاكمة المتهمين في قضية تركيب السيارات، قبل أن تؤجل، ارتفعت اصوات الداعين إلى احترام حقوق التقاضي، واحترام الإجراءات القانونية كاملة، وحفظ حقوق المتهمين ومشاعرهم الرقيقة أيضا..

بل أكثر من ذلك، سمعنا من يدافعون عن العصابة، يصرخون “لا انتخابات مع العصابات، ولا محاكمات مع العصابات”.. فهل تغير موقع العصابة فجأة بهذا الشكل، إلى درجة انها انخرطت في الحراك وهي من تكتب شعاراته وتروج لها؟

الحقيقة، أن ما حدث في محكمة سيدي امحمد، من محاولات التأجيل، ورفض المحاكمة، إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية، هي عملية تسييس واضحة، وابتزاز مفضوح، تشرف عليه اقطاب الدولة العميقة، هدفها تصوير المشهد على أنه “مسرحية فعلا”، بغرض توجيه ضربة للانتخابات الرئاسية.

لكن ما يهم في الواقعة، هو أن التأجيل كان لـ48 ساعة فقط، وحتى إن تم التأجيل مرة أخرى فلن يكون لمدة أطول من ذلك، لتصطدم المناورة في النهاية بإجراء المحاكمة في الوقت المحدد، قبل الانتخابات، ولو في غياب هيئة الدفاع نفسها، التي هددت بمقاطعة الجلسات.

وهذا يعني أن الصراع مع العصابة، يمتد من الشارع إلى المحكمة، ومن قصر المرادية إلى سجن الحراش، ومن مصنع الياغورت مصنع تركيب السيارات، في كل مكان تثار معركة، غير أن معركة الشارع اليوم تبدو أعظمها، حيث تلعب العصابة دور الضحية، حين تسقط الصفة عن نفسها، وتلبسها لغيرها.

العصابة التي نهبت ثروات البلاد، وسرقت أحلام الشباب، تريد محاكمة عادلة بمواصفات عالمية، بينما كانت بالأمس تمارس مع ابناء الشعب، شتى صنوف القهر والإذلال، تدخل السجن من تشاء وتخرج من تشاء، دون اعتبار لعدل أو قانون أو اجراءات تقاض.

المثير في الحكاية، أن الذين صدعوا رؤوسنا بحكاية الحرية والديمقراطية، هم اليوم على رأس المدافعين عن العصابة التي سقطت، بادعاءات كاذبة تقول أن عصابة سقطت وخلفتها عصابة مثلها، أن “أذناب العصابة” التي سقطت، تريد اليوم أن تعيد الرؤوس المقطوعة، وهي تستميت في استعادة تلك الرؤوس، ولو بالانخراط في لعبة الشارع، والانضمام إلى الحراك الشعبي.

لاحظوا فقط بعض الشعارات المرفوعة في هذا الحراك، كيف توجهت من إسقاط الخامسة، وإسقاط رموز العصابة المالية والأمنية المعروفين، اإلى اتجاه آخر تماما، لم يكن أحد يتصور أن يصل اليه الحراك يوما، وهو توجيهه السهام المسمومة إلى جسم المؤسسة العسكرية.

من يفعل ذلك، لا يمكنه الا أن يكون عصابة، مهما لبس لبوس الحرية والديمقراطية، أو سار في ركاب الحراك، أو خلق لنفسه عذرية مزيفة.

من يسعى لإسقاط من أسقطوا العصابة، هو امتداد طبيعي لها، ويكفي أن نرى تعامل بعضهم مع مجريات المحاكمة الجديدة، لنفهم كم يمتلك البعض من الحنين إلى العهد البائد.

إن المستفيدين من العصابة، والذين يتمنون عودتها، هم بالتأكيد أكبر وأخطر من العصابة ذاتها، وهؤلاء هم من يحاولون اليوم تعويم المصطلح على كل شيء، وقلب الحقائق، بجعل العصابة وطنيين شرفاء، والشرفاء من الوطنيين عصابة.

لكن علمتنا التجارب أن قطع ذيل الحية، يبقى يتحرك ويرقص رقصة الموت طويلا جدا، وكذلك تفعل أذناب العصابة الآن وهي ترقص الموتة الأخيرة، بهذا الكم من الحركات اليائسة.

مقالات ذات صلة