-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

“الغوغائية” وقانون المحروقات

حسان زهار
  • 1581
  • 7
“الغوغائية” وقانون المحروقات
ح.م

لا يمكن مقارنة الجدل العقيم حول قانون المحروقات الجديد إلا بمثيله من الجدل الأخرق، حول المواد الدستورية 7 و8.

في كلا الحالتين، غاب العقل والمنطق، وأصحاب الاختصاص، وتكلم العامة و”الرويبضة” وأصحاب الأهداف والنوايا السيئة، بغرض منع الانتخابات، وإشعال الأوضاع وتعفينها.

لقد ظلت الجماعات المتربصة لعدة أشهر وهي ترفع “قميص عثمان” مزيف، عملت خلالها على تثبيت كل أنواع الخدع البصرية، من خلال المطالبة بتطبيق المادتين السابعة والثامنة، والتي تنص حسب تفسيرها المغرض على ضرورة تسليم السلطة للشعب، لكنها لم تكلف نفسها لحظة واحدة عناء تفسير عملية التلسيم والتسلم هذه، ولا آليات تطبيقها.

وبالفعل، استطاعت هده القوى بواسطة هذا الأسلوب من الخداع في جرجرة الكثيرين  خلفها، ليرددوا بلا وعي عبارات تسليم السلطة للشعب، لكن دون مصارحة تلك الجموع المغيبة، أن السبيل الوحيد لتحقيق  ذلك هي الانتخابات.

اليوم يراد إعادة نفس اللعبة ونفس الخدع البصرية التي تؤدي عادة إلى نوع من “الاختطاف الذهني”، عبر الترويج لمقولة ان قانون المحروقات الجديد، هو بيع للبلاد للشركات النفطية العالمية، وأنه خيانة للأجيال المقبلة، وما الى ذلك من “الكليشيات” المعروفة لتحريك الدهماء والعامة في اتجاهات محددة.

قبل أن تصل مسودة القانون أصلا إلى البرلمان، تحركت آلة التشكيك والتخوين، لتقول جزءا من الحقيقة وتغطي على معظمها، ولتفتح المجال للمراهقين من المعارضين الجدد للصراخ في المواقع والشوارع، وتغلق الأبواب أمام المختصين للحديث بهدوء وعقلانية..

وبغض النظر عن محتوى القانون الذي يبقى مجرد مشروع قابل للإثراء والنقاش، لم يتحدث الغوغائيون ولو بطرف إشارة أن خبراء شركة سوناطراك هم من عكفوا مند سنوات على إعداده، ولا إلى ضعف استكشاف وانتاج الغاز والبترول الذي تعاني منه البلاد مند سنوات،  بسبب عزوف الشركات العالمية عن المجيء إلى الجزائر بسبب غياب “شروط الجذب” المطلوبة، جراء القوانين القديمة التي تجاوزها الزمن.

ما لا يقوله الغوغائيون ومن ورائهم الرويبضة الذين يصطادون في المياه العكرة، أن العالم تغير بشكل كبير، وأن السوق النفطية وخارطة الإنتاج العالمي تغيرت بدورها بشدة، بعد أن تحولت أمريكا من مستورد للغاز إلى مصدر له، علاوة على الاستكشافات الضخمة التي حدثت في السنوات الأخيرة في شرق المتوسط، والتي هي اليوم محور صراع جيوسياسي محتدم، تشير إلى دخول دول جديدة مجال انتاج الغاز وبكميات ضخمة مثل اسرائيل ومصر وقبرص ولبنان، وربما دخلت تركيا غدا إلى ذات السوق وقد شرعت في الاستكشاف بقوة السلاح.

وهنا من المهم أن نذكر الغوغائيين ماذا فعلوا في ملف الغاز الصخري الذي أقيمت حوله قبل سنوات “حيحاية” كبيرة، قبل أن يصمتوا بعدها صمت القبور، بعد أن دخل المحركون في صفقات خاصة.

اليوم نحن بحاجة إالى العقل وأن يتحدث المختصون بعيدا عن كل أنواع الاستغلال السياسوي المفضوحة، وأن تتوقف الغوغائية عن توجيه الرأي العام، بعد أن دمرت البلاد بكم هائل من المصطلحات الفارغة، المليئة بعبارات التخوين، ومعاداة قيادة الجيش، وتسويق عبارات ضحلة من قبيل “لا حوار، يتنحاو قاع، رونجاصي، زوافي، مبردع”.. وما إلى ذلك.

وإلا أليس الشعار الهلامي المهلهل “لا انتخابات مع العصابات” يخرج من مشكاة واحدة مع الشعار الجديد “يا للعار يا للعار باعوا دزاير بالدولار”؟

ألم يكن حريا بالسلطة أن تقول بالفم المليان أن المادتين 7 و8 تعني تسليم السلطة بالانتخابات النزيهة، ثم تقوم بتقديم التوضيحات اللازمة حول قانون المحرقات، والتأكيد أن الرئيس القادم هو من سيفصل في الموضوع  لإسكات كل الأصوات الناعقة؟

سيقول البعض أن المعارضات من حقها ان تستثمر في غباء السلطة، وردنا أن المعركة اليوم ليست بين السلطة والمعارضة، وانما هي بين من يراهن على بقاء الجزائر واقفة، ومن يراهن على تركيعها عبر استغلال كل فرص التعفين والتعطيل وإيقاظ كل مصادر الفتنة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
7
  • خالي

    صاحب المقال إحترم عقول الجزائريين,,,الذين عارضوا خبراء و لهم باع كبير في الميدان و في البيداغوجية التي سمحت لهم بشرحه للناس ,,و الذي بثته وسائل الإعلام يكفي لمن له ذرة كرامة أن يرفض هذا المشروع المشؤوم,,,قبل أسابيع تركوا حصة أرادامكو لطوطال و اليوم يكملون ما تبقى ;و ليس هذا و فقط و لكن فتح الأبواب لتدمير الجزائر بالسماح بالتنقيب على الغاز الصخري فيما العالم كله يعرف أنن الرهان في المستقبل القريب و حروب المستقبل ستكون على المياه ,,,و هذا المشروع مثله مثل ما قام به السيسي من التنازل عن مياه النيل الذي لا وجود لمصر من دونه

  • نحن هنا

    تبريز الخطأ ليس من شيم المنصفين ياحسان

  • مناع ـ الجزائر

    ليس مستبعدا أن تكون أطراف من السلطة وراء جميع مساعي إبقاء الأزمة واستمراريتها بما يخدم أجنداتها ، لأن اختيار الزمن وأسلوب العرض يزيدان الشكوك في أهداف من تقدم به

  • ahmed

    كما ان قانون الجاذبية يجذب الاجسام نحو الارض , ولا يمكن لجسم ان يطير الا اذا تغلب على قوة الجاذبية , فكذلك الغوغاء يسيرون بالبلاد نحو الفوضى والتفكك, ولا يمكن دفع الامور اتجاه ما يقتضيه العقل الا بدفع من قوة اكبر من الغوغاء.

  • kecem yahiaoui

    expliquez nous clairement la nouvelle loi des hydrocarbures puisque puisque vous êtes partisan

  • بيبي

    لا انتخابات مع العصابات

  • أمين أمين

    من لا يبحث على الغوغائية يقرأ تصريح عبد المجيد عطار .أويستمع ما قاله الخبير شمس الدين شيتور على القناة الثلثة الإيداعية كلاهما لهم نظرة سلبية لهذا المشروع