-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الفرار من التعليم.. والفرار إليه

محمد سليم قلالة
  • 4136
  • 23
الفرار من التعليم.. والفرار إليه

القطاع الوحيد الذي يطلب فيه موظفوه التقاعد المسبق هو قطاع التربية، كل القطاعات يتشبّث بها عمالها وموظفوها إلى آخر رمق، وهناك قطاعاتٌ يتقاعد موظفوها وعمالها ليعودوا بعد حين من النافذة في شكل عقود جديدة وبمسؤوليات أهم، وجميع القطاعات تقبل متقاعدين للعمل بها إلا قطاع التربية الذي يفر منه الناس إلى التقاعد غير نادمين ولا متحسرين.

رغم ما يُقال عن تحسّن وضعية المعلم والأستاذ، الإداري والعامل في هذا القطاع، يبقى هذا الانفراد بالفرار قبل الأوان دليلا على سوء الحال.

 وهل يفرّ من القطاع من وجد التكريم والتبجيل والمكانة الرفيعة، من المسؤولين والأولياء والتلاميذ، كل في مستواه؟ أم يفر منه من أحس أن كل مهمته النبيلة اختزلت أمام الرأي العام في البحث عن مسكن أو زيادة في أجر بعيدا عن كل تثمين لدوره الاستراتيجي وتأثيره في كافة القطاعات؟

أليس المعلم هو الموظف والعامل الوحيد في البلاد الذي مازال يشتغل بدقات الجرس، لديه ساعة مضبوطة للدخول والخروج يعرفها الجميع ويراقبها الجميع، بغض النظر عن نوعية العمل ونوعية الأداء؟ أليس المعلم هو من أودعنا لديه أنفس ما نملك ليصنع من أبنائنا الانسان السوي ومن مجتمعنا المجتمع السليم؟

ما الذي يجعلنا إذن لا نعير القطاع الاهتمام اللازم، ونقبل أن يُسيّر بطريقة الإضراب والتهديد بالإضراب، وبطلب التقاعد أو الإسراع إلى التقاعد المُسبَق؟

ما الذي يجعلنا لا ندرك أن هناك خطرا داهما على مستقبل الأجيال والبلاد، وتهديدا كبيرا لاستقرارها وتماسكها وأمنها في العقود القادمة إذا لم نُصحِّح واقع التعليم؟

علينا أن نفكر بطريقة جدّية في كيفية إعادة الاعتبار لهذه المهنة الاستراتيجية من خلال التبجيل والتكريم والمكانة الرفيعة للمعلم ومهنته، قبل توفير المسكن والأجر الكافي الذي هو حق للجميع..

علينا  ألا نُصبح أكثر من ماديين، نُقيم الدنيا ولا نقعدها لنطالب بالشغل، والطريق، والكهرباء، والماء وتخفيض الأسعار وغيرهاوهي حقوق مشروعة ولا شك، ولكننا أبدا لا نُقيمها ولا نُقعدها على نوعية التعليم المقدم لأبنائنا، وعن حال المعلم الذي هو مفتاح المعرفة لديه، مكانةً ووضعًا اجتماعيا وتكوينًا

أَلسنا في حاجة إلى فهم احتجاجات قطاع التربية ضمن هذا السياق؟ ألا يجب علينا أن نُدرك أن المسألة أكبر من الأجور والسكن بالنسبة للمعلم والأستاذ والعامل في قطاع التربية؟ بل هي كرامة مهنة ومستقبل قطاع ووطن؟

 

علينا أن نُدرك ذلك ونفرّ إلى التعليم بدل أن نفر منه لعلنا نُبقي بعض الأمل بين أيدينا..

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
23
  • عبدالله

    بارك الله فيك وجعل كلمة الحق هذه في ميزان حسانتك يوم القيامة

  • استاذ

    اشكرك استاذي الكريم سليم ،والله العظيم وضعت يدك على الجرح، لكن ماذا علينا فعله مع هذه الدينصورات التي لا تريد الخير لهذه الأمة وتريدها دائما في الحضيض وربي ان لم ننتفض من اجل اولادنا فلا خير فينا .

  • جنرال متقاعد

    ماذا تقول يا سليم؟
    احنا نريد أن نبقى أولادنا في الجهل والفسق حتى يكونوا زبائن للمخذرات التي نستوردها، ويكونوا دمى نحركها متى نشاء.
    وأنت تريد أن تعيد للمدرسة بريقها!!! هذا غير ممكن.
    خليك في حالك يا سليم وإلا قلنا عنك أيادي أجنبية.
    اتكلموا عن الكرة والغناء، هكذا نحبكم.

  • حر من مسيلة

    أظن يا أستاذنا أن القائمين على وزارة تربية و تعليم أبنائنا لم يتحرروا من النظرة الايديولوجية للقطاع !!!!!!!!! فالمدرسة او الأساتذة بتعبير أدق بطريقة أو بأخرى يمثلون جيلا من الوطنيين المحافظين على هوية مجتمعنا وهذا ما يؤرق أطرافا نافذة في وزارتنا !!!!!!!!!!!!!!

  • معلم

    قراءة صحيحة لانها تناولت صلب قضية التربية والتغليم في الجزائر .

  • nourdine

    من أجمل ما قرأت من رجل مخلص نزيه لهذه الجزائر التي قل فيها الشرفاء فتحية تقدير للدكتور المحترم ....................

  • سارة

    و هل هذا خطأ الدولة أم خطأ الأستاذ ؟ تمنيت أن نتكون في هذه المعاهد و لكن للأسف فالجامعة لا تصنع أستاذا ؟ نتمنى اعادة فتح المعاهد التكنولوجية . و لكن المطلوب هو الجدية و الصرامة و ليس التكوين الشكلي .

  • فريد

    يمكن للمعلم العمل 20سنة على الأكثر بعد هذه المدة عمله لايجدي نفعا

  • نادين

    نشكرك سيد جميل على ما سردته علينا من حقائق ولكن ماهو الحل في رأيك فالأمر مدبر له ومفتعل ولايمكننا أن نبقى كاتفي الأيدي ونشاهد وشكرا

  • خالد25

    نشكر الأستاذ على مقاله المفيد ،حيث وضع فيه الأنامل على الدمل.
    فنظرتنا للتعليم لاتزال سطحية تقدم الكم على الكيف والشكل على المضمون والحفظ والتلقين على الفهم والنقد والتحليل وكذا النتائج و والعلامات على حساب القيمة العلمية ونزاهة الإمتحانات والسياسة على التربية والحشو على حساب الفكر والذكاء ونقدم هالة الإدارة على حساب الفعل التربوي ،والتكوين الشكلي العتيق على حساب التكوين العلمي الدقيق والماضي على حساب المستقبل ونكدس الوسائل والإمكانات على حساب الإنسان وإتنتاج والمردودية ونقدم المطعم على الكتاب.

  • جميل يسري

    يحزنني حالك يا سيدي ..
    كيف أنت اليوم؟
    و كيف كنت؟
    و كيف يمكن أن تكون؟
    فأنت اليوم معلم محزون
    وجهك الأسمر..
    خارطة جراحات و هموم....
    ثم لما غادرت التعليم صرت أقول:
    ماذا دهاني يومها؟..
    يوم بدلت عنواني
    أيكون الشيطان قد أغراني
    ماذا دهاني؟
    و الدنيا كلها فتون
    و الدنيا كلها أماني....
    ولا شك أن المعلوم الصابر المحتسب أجره عند الله عظيم "إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب"

  • جميل يسري

    4.تقليص الحجم الساعي الأسبوعي حتى يبقى للأستاذ فضل طاقة للتحضير الجيد و الإبداع في العمل
    5.محاربة الاكتظاظ في الأقسام و السعي للوصول إلى معدل 25 تلميذ في القسم
    6.إعادة بعث التعليم المهني لامتصاص التلاميذ "الضعفاء والمشاغبين" وتهيئتهم للحياة العملية بداية من الطور المتوسط
    ولا بأس بعد ذلك ان يعمل المعلم حتى يموت على كرسي الأستاذية....
    و رغم كل ذلك أصدقك القول، أستاذ سليم أنني كنت في التعليم أحزن و أحزن إلى حد الكمد فإذا رأيت باكورة عملي سري علي.كنت أقول يومها:..يتبع

  • جميل يسري

    و ثالثا أقول إن أزمة المدرسة الجزائرية هي أزمة مجتمع إن لم اقل أزمة بلد برمته حكومة و شعبا. اعني هذا ما جنينا من عصر الديمقراطية و التعددية الحزبية و الحرية و ما شئت من هذه الأوصاف الفارغة..فوضى و فوضى على أوسع نطاق.
    إن ما تعيشه المدرسة إذن نتيجة لهذه الفوضى العارمة التي نحياها.
    إن أول مفاتيح أزمة المدرسة الجزائرية هي تكمن في:
    1.زرع ثقافة قدسية التعليم عن طريق الإعلام و الأسرة و المدرسة
    2.رد الإعتبار المعنوي بعد أن مرغت سمعة الأستاذ في التراب
    3.الإستفادة من راتب محترم حتى يحصر كل همه في التعليم

  • جميل يسري

    كان يكفي في الإصلاحات أن يعاد للمعلم و الأستاذ الاعتبار المعنوي و النفسي اولا فلا يعنفه تلميذ له أضحى شرطيا ثم الاعتبار المادي ثانيا لئلا يسخر منه"بقار" ويتهمه بالبخل لأن راتبه لا يكفي لإعالة أسرة صغيرة بكرامة.
    فإذا درس الأستاذ خالصا من قلبه فإنه سيقوم بعمله ويؤدى رسالته التربوية على أكمل وجه بل إنه سيبدع مهما كان البرنامج و الطريقة المتبعة و ما التعليم في النهاية إلا حب و إبداع وإما إذا كان الأستاذ متذمرا من حاله الاجتماعي و النفسي و المادي لن ينفع التلميذ و لو امتلك أفضل طريقة للتعليم..يتبع

  • جميل يسري

    ..لنا تراث عريق في طرائق التعليم تستجيب لخصوصيتنا الثقافية و النفسية أثبتت جدارتها طوال قرون لماذا أهملت؟لماذا همش الحفظ فيما ينبغي أن يحفظ من نصوص شرعية و روائع أدبية من شأنها أن تشكل الهيكل الفكري للفرد و تحافظ على الإطار الأخلاقي للمجتمع؟لماذا يقلص الحجم الساعي للتربية الإسلامية إلى الحد الأدنى(ساعة في الأسبوع) لا تفي بالغرض وتستفيد المواد الأخرى من زمن إضافي..؟ ولا أحب أن أمضي في الأسئلة لأنها لا تنتهي..يتبع

  • جميل يسري

    أليس هذه مهزلة المهازل ؟ لما كل هذا الإسراف؟ أين ترشيد النفقات؟أين العدالة أم أن هذا من إصلاح العدالة؟!!!
    أريد أولا أن يعلم من لم يكن يعلم ان التعليم يبقى،مهما قيل عنه،انبل مهنة على وجه الأرض لأنه رسالة الأنبياء ولكن أهل الجهل والأهواء من ولاة أمورنا جنو عليه. و الإنسان عدو ما يجهل.
    وأريد ثانيا أن الفت النظر إلى أن ما قيل عنها إصلاحات لا قيمة لها ولا معنى في الجزائر لأنها مستوردة شكلا و مضمونا من وراء البحار وليست وليدة العقل الجزائري الأصيل...يتبع

  • جميل يسري

    و لا تقل لي يرحمك الله أنه وزارة التربية في المقام الثاني بعد الدفاع من حيث الميزانية فإنا لم نر ى أثر ذلك ومجرد الإطلاع على حال مدرسة من مدارس قرى الجزائر العميقة يجعلك تكذب هذا الزعم.كنت اعمل في أقسام هي أشبه ما تكون بمستودعات تتسرب إليها المياه أيام المطر من السقوف والنوافذ المكسرة و يتراكم فيها الغبار و الطين، كراسيها و طاولاتها مهترئة لا تكاد تثبت على الأرض.. ثم أصبحت أعمل في المحكمة فهالني ما رأيت من فرق: بناء محكم بديع وتأثيث رفيع و فخامة في كل شيء..حتى في دورات المياه أكرمكم الله .يتبع

  • جميل يسري

    و الله يا أستاذ سليم لقد أثرت موضوعا بالغ الأهمية لبني قومي لو كانوا يعلمون.أما أنا فأشهد بعلم،ولقد كنت أحد القائمين على التعليم في المستوى المتوسط،أن الأزمة في هذا القطاع عميقة و عميقة جدا.لذلك ترى أن الإصلاح لم ينفع فيه و تجد أن المشتغلين فيه من أتعس الناس حالا إلا قليلا منهم .و السبب الرئيس فيما أرى هو أن قطاع التربية على خطورته و جلالة شأنه يعتبر آخر اهتمامات الدولة فهو يأتي بعد الصناعة و الزراعة و البيئة وحتى الرياضة..يتبع

  • نادين

    شكرا كثيرا يادكتور على هذا المقال المهم والجوهري الذي يخص شريحة المستقبل والأجيال الصاعدة التي يجب أن ترتكز على قاعدة صلبة من العلم والمعرفة من جهة ورسالة إلىأصحاب الاحتجاجات الكثيرة وتكاد تكون مفتعلة حتى يسود الجهل والضلام في أوساط المجتمع ونقول لهم عودوا إلى رشدكم فمهما تكن المشاكل لايجب أن يقف التعليم والتعلم والله الموفق

  • وليد

    السلام عليم اخي اعجبني مقالك وضع اليد علي الجرح
    ثم اني نظمت شعرا بقلمي و الاقتباس كي تعلموا لم هجرنا هذه المهنة النبيلة

    الاستاذ و كفن الخبرة

    زار الزعيم المؤتمن
    بعض مدارس الوطن
    ولما زار بلدتي
    تفقدا لظروف المهن
    قال هاتوا شكاواكم في العلن
    بكل صدق دون خوف او حزن
    فقد ولي داك الزمن

    فقام معلم فطن
    سيدي اين الكرامة في العمل
    اين  خبرتي  في المهن....
    اين هيبتي من ذاك  الزمن...
    اين حقي الذي  كفن
    في قانون ذل و محن
    سيدي جرحي كبر حد العفن !

    کفکف الزعیم دمعا نزل
    ثم صاح   اخدا  بیدی
    احرق ربي  كبدي
    اكل هذا

  • بدون اسم

    علينا ان نصلي صلاة الجنازة على التعليم لانه مات منذ ان اغلقت المعاهد الكنولوجية التى كانت تكون الساتذة والمعلمين تكوينا بيداغوجيا وتربويا يمكنهم من اداء واجبهم على اكمل وجه فاستاذ اليوم اصبح عبئا على المدرسة لانه يفتقد الى ابسط ابجديات التعليم التي تمكنه من اداء واجبه

  • إيدير

    والله ان انسب ما في العنوان و اوله الهروب من التعليم و كن ليس
    فق للموظف فيه بل حتى التلميذ عليه ان يهرب و السبب ان ذكره
    الكاتب عما يعانيه الاستاذ انعكس سلبا على :
    - نوعية الاستاذ في المضمون و في الشكل فلا علم يعكس الشهاد
    و لا بيداغوجيا تغطي على النقص السابق و لا درية بعلم النفس التربوي
    و لا تربويات تغطي و تعوض الى النقص و القصور في الامرين السابقين
    انا موظف في التعليم من33عام و اتحدث من واقع بما كان عليه و بما أصبح عليه اليوم إنها الكارثة ...

  • لخضر

    السلام عليكم
    شكرا دكتورنا على هذا المقال ،والله أنا من المتابعين تقريبا لكل مقالاتك ،ولم أجد كيف أعبر عنها ، فهي دائما تحكي في صميم أو لب المشكل،
    شكرا مرة أخرى