-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
مهاجرون يحرصون على التزود منه في كل زيارة

“الفريك” السطايفي يحافظ على سيادته لمائدة رمضان

سمير مخربش
  • 447
  • 0
“الفريك” السطايفي يحافظ على سيادته لمائدة رمضان
أرشيف

حافظ الفريك السطايفي، على سيادته وسيطرته على الأطباق التي تزيّن مائدة رمضان، ومازال يتمسك بلقب الطبق المفضل لدى غالبية الجزائريين، مع اختراقه الحدود وتسجيل حضوره في حقائب المهاجرين، الذين طاروا وأبحروا به إلى قارات العالم الخمس، لما يتميز به من جودة تغري الأبصار قبل اللسان.
يؤكد العارفون بميدان الحبوب أن الفريك الذي تشتهر به منطقة سطيف يعد الأجود دون منازع، نظرا لذوقه الرفيع ونضارته وصفائه، فلا يمكن تصور مائدة رمضان دون شربة الفريك الحمراء التي تسحر العيون، وتسيل لعاب الصائمين، والقعدة تكتمل إذا كان الفريك السطايفي هو المادة الأساسية في تلك الشربة الساحرة. ولذلك، يكثر الحديث عنه مع حلول شهر رمضان، ويبدأ الإقبال عليه قبل الموعد مع الحرص على اقتنائه بكميات معتبرة تكفي لتغطية الشهر وتحضير 30 شربة بالتمام. والإقبال عليه يكون من مختلف ولايات الوطن وخارجه، حيث يتهافت عليه أفراد الجالية الجزائرية في كل البلدان، ويعتبرونه أفضل هدية تأتيهم من أرض الوطن.
فهذه المادة الحيوية ترافق المهاجرين إلى فرنسا ومختلف بقاع العالم لجودته ولاقترانه بشربة رمضان، التي لها نكهة خاصة في ديار الغربة. إنها الحبوب الخضراء التي امتلأت بها حقائب المغتربين الذين غادروا الوطن مؤخرا، ذلك ما يشهد عليه جهاز سكانير بمطار 8 ماي 45 بسطيف، الذي كشف عن حضور شبه دائم للفريك السطايفي المعروف وطنيا ودوليا بجودته العالية. ويفضل المقيمون بالخارج نقله بكميات معتبرة تسمح لهم بقضاء شهر رمضان آمن ومريح مع مائدة الإفطار.
فبحسب المهاجرين الذين تحدثنا إليهم، فإن هذه المادة هي بمثابة الرفيق الدائم للمائدة، لارتباطها بنكهة البلاد فمن أراد تذوق شربة رمضان عليه بفريك سطيف العالي، المعروف بجودة الحبوب. وحتى بعض المطاعم الموجودة في باريس وليون ومارساي، يتعمد أصحابها ترصد الفريك السطايفي الذي يشتهيه الصائمون في فرنسا، فتجد صاحب المطعم يؤكد لزبائنه أن الشربة مصنوعة من فريك سطايفي، وهي علامة لها خصوصياتها عند الذواقين.
وقد تمكنت هذه المادة الحيوية في رمضان من السفر إلى مختلف بقاع العالم، بما فيها أمريكا وكندا ودول آسيا وغيرها من البلدان، وذلك بفضل المغتربين الذين جعلوا منه عملة ضرورية طيلة الشهر الفضيل.
وأما محليا، فالمعروف، أن الحبوب لها أهميتها بمنطقة الهضاب العليا، المشهورة بزراعة القمح ومشتقاته، كقمح “البشير” و”البليوني”، الذي تغنَّى به البعض، وافتخر به سكان سطيف في أكثر من مناسبة.
وبحسب السيد إبراهيم قسوم، وهو فلاح من ولاية سطيف، فإن الفريك يحظى باهتمام خاص لدى الفلاحين، الذين يخصصون له حيزا ضمن محاصيلهم السنوية. ويتطلب الأمر عناية خاصة، فيجب حصده في مرحلة مبكرة تعرف علميا باسم المرحلة الحليبية، أي عندما تمتلئ السنبلة بالحليب ويميل لونها إلى الأسود، وأغلبية الفلاحين يقومون بحصده بالمنجل، ولا يستعملون الآلات الكبيرة، وذلك لأن المساحة المخصصة للفريك تكون صغيرة، ولا تتطلب تدخل الجرار.
وهناك العديد من العائلات السطايفية تتولى بنفسها تحضير الفريك، فيتم اقتناء السنابل، وحرقها بطريقة تقليدية ثم تصفيتها من القشور، وبعدها تنشر الحبوب أرضا حتى تصبح أكثر صلابة، ثم تأتي مرحلة الطحن، التي يتم فيها تكسير الحبة إلى أجزاء صغيرة تحافظ على خشونتها، ثم تصفى بالغربال، ليكون بعدها الفريك جاهزا للاستعمال.
فرغم تطور الأطباق وتنوعها، ظل الفريك السطايفي صامدا عبر الأزمان، وحافظ على مكانته المرموقة التي اخترقت الحدود، وأعطت نكهة فريدة لمائدة الإفطار.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!