الفضائيات والفايسبوك والحراك وقصّات الشعر تصنع الوزارء الجدد

أسالت الحكومة الجديدة الكثير من الحبر وأثارت الجدل في أوساط الجزائريين الذين استغربوا المقاييس والمعايير التي انتهجت في تعيين الوزراء، خاصة وأنّ منهم من “سكنوا” الشاشات التلفزيونية والشوارع الحراكية، وعدّد هؤلاء، حسب منظورهم، أهم المعايير التي جعلت وجوها جديدة تطفو للواجهة، بما جعل منصب الوزير يفرغ من قيمته ومكانته الحقيقية في المجتمع.

وحسب ما يتداوله عامة الجزائريين  في الشوارع والمقاهي وحتى في مواقع التواصل الاجتماعي، فإن تعيين الوزير في بلادنا لم يعد يستند إلى المسار المهني والعلمي لصاحبه بقدر ما بات لصيقا بالظهور الإعلامي والإطلالات الفايسبوكية، حيث أن التحاليل السياسية والاقتصادية والاجتماعية هي التي عجلت بتولي البعض حقائب وزارية، حتى قال البعض أن الفضائيات تصنع الوزراء وان الظهور المتكرر على الشاشات من مختلف المنابر الإعلامية انتهى بالبعض إلى الاستوزار، في إشارة إلى وزير التجارة كمال رزيق ووزير الصناعة فرحات آيت علي.

وفي سياق ذي صلة، أشار جزائريون إلى أن بعض الحقائب الوزارية “تأنثت” منذ سنوات ومن أهمّها وزارة التضامن الوطني ووزارة الثقافة ووزارة البيئة والعلاقات مع البرلمان، التي تتداول عليها وجوه نسوية بامتياز منذ سنوات وكأن المرأة غير قادرة على تولي مناصب أخرى خارج هذا النطاق.

أمّا المعيار الآخر الذي لفت الانتباه فيتعلق بالجانب الشكلي في تسريحة الشعر القصيرة التي فتحت الباب على مصراعيه لبعض الشخصيات، ما جعل البعض يلقي بالقول “إذا أردت أن تكوني وزيرة، فما عليك إلا التوجه نحو اقرب حلاق والظهور بقصة شعر قصيرة تشبه قصّة خليدة تومي أو نادية لعبيدي أو نورية بن غبريط أو مليكة بن دودة”.

وحسب ما صرح به المختص في علم الاجتماع السياسي ناصر جابي، فإنّ محطّة الاستوزار تأتي قبل التعيين في الوزارة ومن ميزاتها أن الشخص يبدأ في الاهتمام بهندامه وكلامه وظهوره في المجال العام، الذي يمكن ان يزكيه بواسطة حضور حصص تلفزيونية أو كتابة مقالة صحافية أو كتاب، يقول فيها ما يرضي صاحب القرار ولا يغضب أي طرف.

ويؤكد ناصر جابي أنّ المعطيات العلمية القليلة المتوفرة والملاحظات المباشرة للحياة السياسية في الجزائر، تسمح لنا بالقول، أن مكانة الوزير في حد ذاتها قد تدهورت مع الوقت لتصل إلى القاع، في فترة حكم الرئيس بوتفليقة، الذي أصبح يعين وزيرا لدقائق ويلغي تعيينه، كما حصل في التعديل الحكومي، مع وزير السياحة، في حكومة أحمد أويحيى، فقد تحول الوزير مع الوقت من سياسي يصنع القرار أو يشارك في صناعته على الأقل، إلى منفذ لسياسات، يمكن الاستغناء عنه بسهولة.

وأضاف “وزراء كُثر أصبحوا يصلون في الغالب عن طريق مسار تكنوقراطي كأشخاص، من دون قاعدة اجتماعية ولا انتماء حزبي، لا يمثلون إلا أنفسهم، يمكن التخلي عنهم بيسر، عكس الوزراء السياسيين الذين ميزوا مرحلة الاستقلال الأولى، الذين دام بهم المقام في الحكومة، وكان لهم وزن سياسي نسبي”.

منصب الوزير، حسب جابي، ليس امتيازات وريعا فقط، بل بهدلة وخروجا من الباب الضيق في الكثير من الأحيان، فالوزير الذي لا يطلب رأيه عندما يعين، لا يُخبر عندما يبعد في الغالب، وقد يسمع بخبر إبعاده من سكرتيرته، أو هو في زيارة ميدانية أو في الخارج للتفاوض مع أطراف دولية، صورة تنطبق على الأغلبية الساحقة من الحكومات، مع استثناءات قليلة.

أمّا بالنسبة للنساء على قلة حضورهن داخل حكومات الرجال منذ الاستقلال، فهن أكثر تأهيلا من الناحية العلمية وبالتالي أكثر تمثيلا للتكنوقراطية من الوزراء الرجال في الجزائر، رغم أنّ حظوظ وصول المرأة إلى الوزارة ما زالت ضعيفة لدى كل الأحزاب السياسية.