-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الفعل وردود الأفعال

عمار يزلي
  • 880
  • 0
الفعل وردود الأفعال

ردود الأفعال التي تبنتها كثير من العواصم في الغرب وفي الشرق حول العمليات البطولية التي خاضتها فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة وعلى رأسها حماس والجهاد الإسلامي، كانت معروفة مفهومة ومتوقعة سلفا من كثير من دول الغرب الجماعي وعلى رأسها الولايات المتحدة التي هي الراعي “السام” للكيان المغروس في قلب الأمة العربية.

بيان الشجب والتنديد والوعيد والدعم السياسي والعسكري للكيان الغاصب جاء من واشنطن، تلاه موقف باريس الداعم للكيان والمدافع عن “حقه في الدفاع عن نفسه”، وهي اللازمة التي نجدها في كثير من المواقف الأوربية والأمريكية: “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها من هجمات الإرهاب الإسلامي”.. وهذا أمر طبيعي لدول الاستعمار السابقة في الغرب خاصة التي كانت تصف كل حركة تحريرية بالإرهاب وبحق المستعمِر أن يدافع عن نفسه.

المواقف الدولية الأخرى يمكن تصنيفها في “موقف لا مع ولا ضد”، مواقف البعض منها يضمر الانحياز للكيان ولكن من دون جهر بالقول، والبعض الآخر يضمر تعاطفه مع الفلسطينيين من دون تصريح.

ما يهمنا الآن، هو ردود فعل العرب والمسلمين عن هذه العمليات البطولية التي خاضها ويخوضها شعب أعزل ومقاوم داخل بضع كيلومترات مربعة محاصَرا مدمَّرا اقتصاديا واجتماعيا لعقود، مقاومة تسجل أروع الانتصارات على العدو الصهيوني في أقل من 24 ساعة سجلوا ما لم تسجله أي ثورة عربية، بما في ذلك حرب رمضان أو حرب العبور التي تزامن عملية “طوفان القدس” مع ذكراها الـ50.

ردود الفعل العربية والإسلامية يمكن تقسيمها إلى ثلاثة أنواع: المواقف الأكثر دعما وقوة من ناحية الدعم المعنوي والسياسي، كانت من عواصم دول غير مطبعة بطبيعتها المعادية للكيان بدءا من دول الشرق الأوسط، نجد ذلك واضحا لدى سورية، والعراق. وفي دول الشمال الإفريقي: موقف الجزائر الداعم الأقوى للقضية الفلسطينية قلبا وقالبا، وأيضا موقف تونس الداعم بشكل لا غبار عليه. في دول الخليج، ولو أن بيان دول مجلس التعاون، كان يحمّل الكيان الإسرائيلي المسؤولية على ما نتج عنه من وضع جديد، مع الإشارة إلى القلق من جراء التصعيد، إلا أن بيانات الدول على حدة تبين الخلاف بين الأعضاء فرادى: فإذا كانت كل من قطر والكويت وسلطنة عمان، تحمل المسؤولية للكيان الإسرائيلي ما حدث، فإن الإمارات مثلت الصوت النشاز في أوتار الأمة العربية والإسلامية، فخرجت الخارجية ببيان يندد فيه بالعملية و”العنف” ويطالب المجتمع الدولي بالتكتل لمنع “التصعيد من طرف الفلسطينيين”! بيانٌ يدين المقتول ويدافع عن القاتل، فكان موقف الإمارات أقوى موقف دفاعي عن الكيان، لم تصله حتى دولة “أمير المؤمنين” التي أبقت المسألة وكأنه صراعٌ بين دول لا بين شعب أعزل وعدوان غاصب. الجامعة العربية، فيما يبدو، كان صوت الجزائر وتونس وقطر والكويت وسلطنة عمان فيها، أكثر قوة، وحتى مصر والمملكة العربية السعودية كان موقفها مفهوما، بعد الضغوط الأمريكية لإدانة العملية التي أربكت حسابات جرّ السعودية إلى التطبيع.. تطبيع لم يكن من دون مقابل سعوديا، كون المملكة كانت تحرص ولا تزال على تطبيق المبادرة العربية التي كانت هي من وضعتها في قمة بيروت سنة 2002.

الضغوط الأمريكية لشجب وإدانة العملية البطولية ضد قطعان المستوطنين وجيش الاحتلال في عمق غلاف غزة بعمق 600 كلم مربع، لم تثمر إلا مع دولة واحدة هي الإمارات، لذا كان موقف الجامعة العربية متوازنا، لا يساوي بين الجلاد والمجلود ولا بين الضحية والمجرم، ولكنه أيضا يدعو إلى العودة إلى المطالب بـ”حل الدولتين”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!