-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الفكرة والوثن..الدولة والصنم

الفكرة والوثن..الدولة والصنم

لقد قال مفكرنا الكبير مالك بن نبي ذات يوم: لنحيي الفكرة قبل أن يقتلها الوثن، وإني أقول اليوم لنحيي الدولة قبل أن يُحطمها الصنم* .. والعلاقة بين الأمرين واضحة: كانت مشكلة بن نبي الأساسية هي كيف نحيي الأفكار في الجزائر قبل أن تقتلها وثنية الجهل، أما مشكلتنا اليوم فهي كيف ينبغي أن نبني دولة قبل أن تحطمها أصنام لا تريد أن تزول أو تَحول.

مواقف بعض السياسيين اليوم تُشبه مواقف الأصنام التي لا تريد أن تزول، في الوقت الذي بدأنا نصل إلى مرحلة يمكن معها الشروع في إقامة دولة على أساس قيم العدل والقوة، لا تزول بزوال الرجال، في الوقت الذي بدأنا نأمل أن الانتخابات الرئاسية القادمة ستمكن مجتمعنا من الانتقال إلى مرحلة أكثر تقدما في مجال تطوير الإنسان وتنمية الأرض، وتدارك ما ضاع من الزمن… في هذا الوقت الحرج تماما الذي بدأت تتسع فيه لدينا دائرة الأمل أننا سندخل انتخابات لا تُباع فيها أوراق التصويت كما كانت تُباع وتُشترى وتستخدم الحروز في زمن الجهل والجهالة، ولا تُحوَّل فيها حلقات النقاش إلى”زردات” لا غاية لها سوى ملء البطون وإفراغ العقول… في الوقت الذي اعتقدنا أن “شمس المثالية ستتابع سيرها دون تراجع، وستعلن قريبا انتصار الفكرة ـ الدولةـ وانهيار الأصنام…” (مالك، شروط النهضة)، في الوقت الذي كنا ومازلنا نتطلع إلى خوض معارك على جبهات الصراع الفكري والاقتصادي والاجتماعي لتستعيد الدولة عافيتها تماما… تحركت من جديد بيننا معارك الأوثان والأصنام وظهر دراويش جدد يزعمون أنهم “سياسيون” يسعون إلى اختلاس العقول بعد اختلاس الأموال والحقول، في محاولة لإفساد تجربتنا السياسية القادمة التي كنا ومازلنا كلنا ثقة أنها ستتم، ولو في الحدود الدنيا، في صورة من الشفافية والسلم والقانون تعيد الأمل للناس وتقضي على حالة اليأس القاتلة التي كادت تعم كل الفئات وجميع الأجيال..  

ولذا أصبح لزاما علينا اليوم أن نمنع قتل الفكرة وتحطيم الدولة، ولزاما علينا أن نمكن المجتمع من اختيار أفضل بديل يُطرح أمامه، بل لا بديل لنا على تمكين كل جزائري من أن يفاضل بين الأفكار والبرامج والرؤى المستقبلية بعيدا عن كل ضغط أو ممارسة غير أخلاقية، لأن في ذلك ليس فقط قتلا للفكرة وتحطيما للدولة إنما إعادة لنا، لزمن اليأس، زمن الأوثان والأصنام والحروز والزردات بكل ما يحمل ذلك من دلالات على تلك الفترة الغابرة التي كانت تسمى حقبة الاستعمار (الاستدمار) الفرنسي…

*ما كان له صورة فهو صنم وما كان غير صورة فهو وثن. 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
5
  • lassouane kafia

    الدولة أركانها تهاوت لأظن أننا سنستكمل بنائها و لكن أشم رائحة إنهيارها و الخيار الوارد سيبقى الجلاد مسيطرا على الرعية فبقاء الحال هكذا ليس من المحال في الجزائر

  • عبد الحي

    ورد في صحيفة مصرية أنّ وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية قال :الطرف الإسرائلي لا يعطيه موقفه في جلسة المفاوضات في حينها (أي في الجلسة المنعقدة) بل يطلب فترة زمنية للتشاور مع المعنيين(سواء هيئات أو شاغلي المناصب "المعنيين") في حين أنّ الطرف المصري (أعلى سلطة) على نقيض الطرف اإسرائلي ، يرد عليه فورا ، لا يطلب وقتا ليشاور هيئات بلده ومن ثمّ يأتيه بالردّ. احكم واعتبر .........

  • حكيم

    السلام عليكم، لماذا لا تدخل النخب المثقفة في مؤسسات الدولة ؟ من البلدية الى الولاية،،،،ما نلاحظه هو عزوف هذه النخب عن القيام باي مهمة سوى الانتقاد من بعيد،فهم لا يترشحون للمناصب، ويتركون كل من هب ودب يترشح، بدعوى ان هذه الأماكن لا تشرفهم لان ليس فيها نزاهة وأخلاق ،وكان عليهم الاندماج والكفاح الفكري لإثبات ان هناك بديل اخر، وليس ترك الساحة! لا احد يفسح لك الطريق في أي مجال،عليك انت ان تبادر وتقترح وتقاوم ،هذا السلوك من النخبة المثقفة الواعية التي اختارت طريق العافية والسلامة هو مصيبتنا الكبرى،

  • عبد الوهاب

    الكثير في الوطن العربي وبكل اسف لايرقهم التجاربه الناجحة في الدول الاسلامية لانهم ببسطة يدركون انهم هم المتسببون في تكميم الافواه وغلاق الطريق امام العقول النيره والسواعد القادرة على رفع التحدي لتغير الواقع الدي نعيشه ولكن تغير الواقع هدا يفقد من يتحكمون في مفاصل اتخاد القرارات الحاسمة التي تغير وترفع من شان
    الدول مناصبهم عفوا ممالكهم ....... مالفرق بين مايحدث في تركيا وبقيت العالم الاسلامي او العربي ....الارادة الحقيقية للتغير الاجابي فقط

  • رياض

    لو لا الفكرة لما تحرك الجسد / لو لا العقل لما تاثر الضمير / لو لا الضمير لما اجتهد العقل / لو لا الجسد لما تحققت الفكرة / فكل ما على الانسان ان يكون سليم و واعي لكل شيئ يجري من حوله / مع الاخلاص و التضحية من اجل الغير ولو عمل بسيط ان يكون خدوم و شهم مع كل من يلقاهم في يومه / في الحقيقة ليس هو الرئيس و لا هم السياسيين الذين يحددون مصير البلاد هذا شيئ مستحيل / الا في حالة واحدة وهي ان يتفرق الشعب فيما بينه حتى يضعف و يصبح سهل المراس ليصبح في نظر رئيسه مجرد مخلوق مستهلك لا يعتمد عليه كمجتمع .