القابلية للاستعمار
في سنة 1948 نشر الأستاذ مالك ابن نبي كتابه القيم “شروط النهضة”، وما تضمنه ذلك الكتاب ما سماه ابن نبي “معامل القابلية للاستعمار”.
لقد أثار هذا “المصطلح” ردود فعل كثيرة ممن يراؤون بـ”الوطنية”، وحاولوا أن يجعلوا هذه المقولة بالنسبة لمنظومته الفكرية كـ “حبّة الرّمل” التي توقف “المحرك” كله، فقالوا إفكا وزورا إن ابن نبي قال: إننا خُلقنا للاستعمار، وكذبوا وصدق ابن نبي.
كيف يكون لابن نبي أن يقول إننا خلقنا للاستعمار – الذي هو أعلى درجات الإهانة- وهو يعلم أن اللّه – عز وجل- كرم بني آدم؟
كيف لابن نبي أن يقول إننا خلقنا للاستعمار الذي هو الدناءة والذلة، وهو – ابن نبي – يعلم أن الله- سبحانه وتعالى- أعطى المؤمنين الحقيقيين صفتين من صفاته وهما العلوّ والعزة فقال: “ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين”، وقال: “ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين”؟
وكيف لابن نبي أن يقول إننا خُلقنا للاستعمار الذي هو أعلى درجات الفحشاء والمنكر وهو يعلم أن الله – عز وجل- نفى عن نفسه الأمر بالفحشاء والمنكر في قوله: “إن الله لا يأمر بالفحشاء والمنكر”؟
إن الذي عناه مالك ابن نبي هو أننا “كلما شعرنا بداء المعامل الاستعماري الذي يعترينا من الخارج؛ فإننا نرى في الوقت نفسه معاملا باطنيا يستجيب للعامل الخارجي ويحط من كرامتنا بأيدينا”. (شروط النهضة. ص 153. دار الفكر، ط 1981).
إن الاستعمار أشكال، أهونها الاستيلاء على أرض واستغلال شعب استغلالا ماديا؛ وأخطرها أن يتسلل “داء الاستعمار” إلى “الفكر” و”النفس” فيستحوذ عليهما، فيصير المصاب بهذا الداء لا يستطيع العيش من دونه مثله كمثل المدمن لا يقدر أن يعيش من غير مخدر..
إن في الجزائر رهطا “غير قابلين للاستقلال”، وهم منتشرون في الجزائر كالخلايا السرطانية، وهم من سماهم الأخ الدكتور ابن نعمان “حزب البعث الفرنسي في الجزائر”.
من هؤلاء الرهط “غير القابل للاستقلال” رهط في تيسمسيلت، موطن العالمين الجليلين أحمد بن يحيى، وعبد الواحد الونشريسيين، والبشير الونشريسي أشهر من قامت على أكتافهم الدولة الموحدية، ومجاهدي الولاية الرابعة الأبطال؛ هذا الرهط لم يجد في المليون ونصف المليون من الشهداء، ولا في الآلاف المؤلفة من علماء الجزائر والمغرب العربي والمسلمين من هو أهل لإطلاق اسمه على متوسطة، فسموها باسم “مخرب فرنسي” يسمى روبير لورة. (الشروق اليومي8 / 11 / 2014، ص7)، ويا ليت “الشهداء يعودون هذا الأسبوع” فأخبرهم بما فعل..
إن هؤلاء الرهط هم أصدق من ينطبق عليهم قول الإمام الإبراهيمي: “مُحال أن يتحرر بدنٌ يحمل عقلا عبدا”، ولذلك فهم حقا خُلقوا للاستعمار.