-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الزميل الإعلامي محمد يعقوبي يكتب:

القلوب الرحيمة لا تتوقف

محمد يعقوبي
  • 1797
  • 2
القلوب الرحيمة لا تتوقف
ح.م

يغمرني حزن شديد منذ سمعت خبر الوفاة المباغتة للعزيز الصديق الأستاذ علي فضيل، ذلك لأنني إشتغلت مع الرجل أكثر من 13 سنة متواصلة، منها قرابة عشر سنوات كرئيس للتحرير، سنوات كافية لتعجن طباعنا وأمزجتنا وطموحنا وأحلامنا مع باقي الزملاء الشروقيين على أمل وحلم واحد .. كان علي فضيل هو عراب هذا الحلم الاعلامي الكبير الذي لم يتجسد فقط في مجمع الشروق بل في كل المؤسسات الإعلامية الخاصة التي تخرج مؤسسوها من مدرسة الشروق.

أودع أخا عزيزا إرتبطت به ولازمته لسنوات .. منذ إلتحقت بالشروق العام 2002 قادما إليها من جريدة البلاد، كان مؤسسو الشروق حينها على وفاق وتناغم قبل أن ينفرط عقد المجموعة وتدخل في متاهة العدالة، لكنني كنت أرقب الفوارق الجوهرية التي كانت بين المجموعة التي أسست الشروق .. هذه الفوارق التي حالت دون إستمرارهم على مركب واحدة، كان عبد الله قطاف شخصية قوية صارمة بينما كان سعد بوعقبة قلم لاذع مبدع وكان الراحل بشير حمادي يجمع شتاتنا ويصحح أخطاءنا ويعلمنا أبجاديات الحرف .. أما علي فضيل فقد إجتمعت فيه كل تلك الصفات التي توزعت على رفاقه .. فيه من قوة الشخصية والصرامة ما قد يذهلك، وقلم لا يشق له غبار عندما يحب أن يكتب، ورجل حالم ملهم لفريقه لا يُؤْمِن بالمستحيل في مهنة كلها إكراهات ومتاعب، بل يتفوق علي فضيل على المجموعة كلها في إنسانيته والخيرية التي أودعها الله في قلبه فهو لا يرد سائلا ولا يتردد في نصرة مظلوم ولا يسبقه أحد في كرم أو سخاء .. يتفوق على الجميع بقلبه النظيف .. هذا القلب الذي فجعنا وتوقف أشهد أنه لا يعرف الحقد والضغينة فهو أحيانا سريع الغضب لكنه بحر هادىء وحضن دافىء يحتضن المقبلين عليه حتى لو كانوا في أقصى زوايا الخصومة.

أودعك أخي علي وقد سمحت لي سنوات العمل بجانبك أن أتعلم الكثير من تسامحك وسعة بالك واستيعابك المتناقضات وصناعة الحلم وتحدي الصعاب.

لن أنسى فضلك علي أخي علي فلقد تركت لي الجمل بما حمل ووضعت في ثقتك رئيسا للتحرير لقرابة عشر سنوات لم أسمع منك طيلتها كلمة سوء واحدة ولم أر منك ما يحط من قدر الرجال، منحتني من الثقة ما صقل تجربتي وعلمتني أسرار الخلطة السحرية التي كنت تستأثر بها لنفسك .. لن أنسى أخي علي ما كنت تقوله لي عن الخلطة السحرية التي كانت سببا في نجاح الشروق بجهود جميع العاملين معنا حينما عبرنا بها حدود المعقول سنوات 2008/2009 وتجاوز سحبها 2 مليون نسخة يوميا، كنت تقول لي إن السر يكمن في الخلطة السحرية التي لا يعرفها إلا أنا وأنت .. لقد مات صاحب الخلطة السحرية في الصحافة وأخذ معه خلطته لأنني لم أنهل منها إلا القليل القليل .. رحل ذلك الحالم الذي لا يعترف بالمستحيلات، رحل من علمنا كيف نثق في الشباب ولا نحتقره .. من علمنا أن الصحافة ليست مجرد أخبار بقدر ما هي إبداع وأفكار .. رحل من ساعدنا على تكريم قرابة 50 عالما بين حي وميت أرجو من الله العلي القدير أن يستقبلوه بالدعاء والرجاء في رحمة الرحمان الرحيم..

أودعك أخي الأكبر علي وأنا أعلم أنه كان في قلبك مني شيء لمغادرتي الشروق نهاية 2014 على غير ما كنت تحب، لكنني أحمد لله أنني خلال العام الأخير إسترجعت الود معك وتصافت القلوب أكثر مما كانت عليه وأنا الذي لا ينكر معروفا ولا يخون عشرة ولا ينسى لك فضلا..

ليس بيدي والدموع تغلب كلماتي إلا أن أدعو لك بالرحمة والمغفرة والثبات عند السؤال وأن يكون فضلك وخيرك علينا وذكرك بيننا شفيعا لك بين يدي الله لأن القلوب الرحيمة لا يمكن أن يتوقف نبضها، وأن يلهم أبناءك ومحبيك الصبر والسلوان.

إنا لله وإن اليه راجعون

https://www.facebook.com/photo.php?fbid=2353672468282572&set=a.1479279229055238&type=3

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • جزائري.

    إكتشفت أنه رجل عظيم من خلال كلمات الوداع لزملائه في الشروق على مختلف أعمارهم... أنا من قراء ومتابعي الشروق الأوفياء و إن كان ولابد أن يذكر الميت بجميل أفعاله رغم أنني لم ألتقي في حياتي بالمرحوم علي فوضيل إلا أنني أصدقكم القول أنني أكلت الملح أنتاع داروا وفي شهر رمضان في بداية التسعينات أين كان صهره عزالين (أخ زوجته) يأتيني بالشربة وطاجين الحلو من دار سي علي فوضيل...رحمه الله وأسكنه فسيح جناته...إنا لله وإنا إليه راجعون.

  • صالح بوقدير

    تعازينا الحارةلاسرة الفقيد _علي فوضيل _والاسرة الاعلامية _الشروق_