-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

المجلات المتخصصة وسؤال: ماذا يريد القارئ؟

حسان زهار
  • 601
  • 0
المجلات المتخصصة وسؤال: ماذا يريد القارئ؟

تشهد الصحافة الورقية عموما، في الجزائر وخارجها، مرحلة حرجة بسبب سطوة الأنترنيت ومواقع التواصل الإجتماعي، في حين يقف سوق المجلات المتخصصة، في قضايا المجتمع والفن والمرأة تحديدا، أمام تحديات أكبر، مرتبطة بكثير من القضايا الشائكة الأخرى والمعقدة، كسوق الإعلانات، وطبيعة المادة الإعلامية، وشريحة القراء، والتوزيع وما إلى ذلك…

وتقف مجلة “الشروق العربي” الرائدة في هذا المجال في الجزائر، لتواجه ذات التحديات تقريبا في باقي أنحاء العالم، كما تطرح ذات الأسئلة الصعبة على نفسها، في محاولة لتجديد حلتها ومضمونها، ولعل من أبرز الإشكاليات المطروحة هنا القضايا الشائكة التالية:

1/ ماذا يريد القارئ؟ وهو السؤال الكبير الذي أصبحت مجرد الإجابة عنه ملغمة، في ظل غياب استطلاعات رأي حقيقية ودقيقة، ما يدفع أصحاب العناوين إلى الاعتماد على نسبة المبيعات في تحديد طبيعة المادة الإعلامية، الأمر الذي يحدث صداما مريعا بين أصحاب المهنية الكلاسيكية، والواقعية التجارية، على اعتبار أن محاولة الرفع من المستوى ومخاطبة العقل بمواد دسمة، أصبح للأسف من الماضي، بدليل أن المواضيع التي تحقق أرقاما قياسية في عدد القراءات عبر المواقع الالكترونية جميعها تقريبا، هي مواضع الاغتصاب ونجوم الفن والشعوذة بأنواعها، بينما تتذيل المواضيع الفكرية والسياسية قائمة المتابعات بشكل دراماتيكي يثير الشجن.

2/ الإثارة والصورة: وهنا أيضا نقف على إشكاليات كبرى، بين ما تفرضه فخامة الورق وجمالية الصورة، وما تستدعيه تقاليد المجتمعات المحافظة، إلا أن المدهش أن نمطية الصورة المثيرة، المختزلة إجمالا في المرأة بارعة الجمال، لا تكاد تجد منافسا لها لحد الآن، حتى وإن وضعت في مقابلها، صورة لعالم جليل أفنى حياته في طلب العلم وهداية الناس، فلن ينتبه إليه أحد، حتى من أولئك الذين يرفعون في العادة شعار المحافظة.. وقد تبين ذلك بوضوح أيضا حتى في المجتمعات غير المسلمة، حيث الانحلال بضاعة رائجة في الشارع والمدرسة، ومع ذلك، عندما قررت مجلة “بلاي بوي” الإباحية، في العام الماضي، التخلي عن الصور العارية على غلافها، تراجع سحبها من 5.6 مليون نسخة، إلى حدود 700 ألف نسخة، ما اضطرها إلى إعلان “توبتها” والعودة إلى الصور العارية.. وهو الأمر نفسه حدث مع الصفحة الثالثة لصحيفة “ذا صان البريطانية” المخصصة للمرأة العارية، أين تم حذفها، ثم إعادتها لذات السبب.

3/ عقلية المجتمع: يكون من الصعوبة بمكان، تطوير سوق المجلات، التي تعتمد على جمالية الصورة تحديدا، في ظل عقلية مجتمعية، ماتزال ترى في الصورة “عارا”، يتجنبه الجميع، بما في ذلك المرأة والرجل، إلى درجة تصبح فيه عملية التصوير أو محاولة التصوير مخاطرة حقيقية، قد تجر صاحبها إلى ما لا يحمد عقباه، وبينما يفرض السوق وجوها كالصاروخ، لا نكاد نجد وجها جزائريا، إلا قليلا، يمكنه أن يتكلم (ليس من وراء حجاب)، أو أن يلبي من ناحية الجمال متطلبات شريحة “تغربت” بفعل المسلسلات والأفلام الأجنبية.

4/ النمطية: وهي أخطر الإشكاليات التي تواجه هذا النوع من الصحافة، من خلال قلة الإبداع والمبادرة، والاقتصار على كماليات التجميل والديكور وعروض الأزياء وتفسير الأحلام والأبراج  والسحر والشعوذة والجن وعروض الزواج وما إلى ذلك.. الأمر الذي يفرض رؤيا جديدة تماما، تعمل إلى جانب كل ذلك، على اقتناص المميزين والمبدعين، والترويج لحفظة القرآن الكريم والعصاميين وغيرهم، باعتبار أنهم أيضا نجوم تستحق أن تكون في سماء الإعلام والوطن.

يبقى أن تراجع سوق الإعلانات في العالم، نتيجة الأزمة الاقتصادية العالمية، وظهور بدائل أخرى غير الصحافة المكتوبة، يزيد من تعقيد المهمة، إلا أنه مع ذلك يزيد في درجة التحدي، ونحن في الجزائر، على الرغم مما خلفته أزمة تراجع المداخيل البترولية، وتراجع الإشهار، واعتماد الكثير من المؤسسات لسياسة “التقشف”، سيكون التحدي الذي نرفعه أكبر من أي وقت مضى، معتمدين في ذلك بعد الله، على رصيدنا الكبير من الأوفياء لهذا العنوان، عبر مسيرتنا الحافلة خلال أكثر من ربع قرن من الحب والعطاء.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!