-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
بين التشكيك في مدى واقعيتها والتخوّف من تأثيرها على التلاميذ

المدرسة الرقمية.. جدل في البداية وتخوف من النتائج

نادية سليماني
  • 3633
  • 1
المدرسة الرقمية.. جدل في البداية وتخوف من النتائج
أرشيف

صاحب تدشين أول قسم رقمي في الجزائر من طرف وزير التربية جدلا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تزامن مع الفيضانات التي أغرقت العديد من المدارس في أول يوم من الدخول المدرسي، ليظهر الفرق جليا بين الهدف الذي تنشده الوزارة برقمنة المدارس والواقع الذي عرّته الأمطار، أين تعاني الكثير من المؤسسات التربوية من غياب أبسط الوسائل البيداغوجية، وبين هذا وذاك، انطلق الجدل بين المختصين والأولياء حول مدى قابلية تطبيق هذا المشروع وتأثيره على التلاميذ، وهل سيكون مثل مشاريع رقمية أخرى حبست في أدراج المكاتب على غرار مشروع حاسوب لكل أسرة “أسرتك”.
شرعت وزارة التربية الوطنية فعليا في التجسيد الفعلي لمشروع “المدرسة الرقمية” خلال الدخول المدرسي الحالي، مع إعلان تدشين 50 مدرسة ابتدائية رقمية موزعة على المستوى الوطني، على أن يتم تعميم العملية مع نهاية السنة الدراسية.

عبد اللوش: يجب تسيير مدارس رقمية لمدة عامين قبل تعميمها
أحمد وادي: المشروع يمكن أن يسبب آثارا سلبية على المتمدرسين

رصدت “الشروق” آراء بعض أولياء التلاميذ، حول قرار وزارة التربية الوطنية، تزويد المدارس بلوحات إلكترونية، لغرض التعلم..فخلال جولتنا ببعض شوارع الجزائر العاصمة، التقينا بعضا من الأولياء. فقالت ولية تلميذة، تدرس بالطور الابتدائي، بأنها “ضدّ” فكرة الرقمية بالمدارس. ومبررها، أن الطفل يحتاج للتعليم التقليدي، الذي أثبت نجاعته في التحصيل العلمي، وقالت “التلميذ بحاجة للمطالعة، والتي تكاد تنعدم في مجتمعنا.. والمطالعة نتعلمها من قراءة الكتب، وليس باللوحات الإلكترونية”. وساندها الطرح كهل في الستينات من عمره، والذي أبدى تخوفه من نسيان التلاميذ لعملية الكتابة بأيديهم، في حال تعوّدوا على استعمال اللوحات الإلكترونية، ومتخوفا أيضا من إهمال طفل في 6 سنوات من عمره للوحته الرقمية فتتعرض للكسر والعطب، “وجميعنا يرى التعامل السيئ لأطفالنا مع الهواتف النقالة، فمن يعوضها إذا انكسرت.. هل المدرسة أم الولي؟ زيادة على أضرار الاستعمال السيئ للإنترنت. وقال وليّ آخر “جيلنا تعلم بالطبشور واللوحة، وكنا من أنجب التلاميذ”.

تعلمنا بالطبشور واللوحة وكنا أنجب التلاميذ

وأجمع غالبية من تحدثنا معهم، على أن تخفيف المحفظة على التلاميذ، يحتاج طرقا وسلوكات أخرى، غير إدخال الرقمية للأقسام. ومنها ترك الكتب المدرسية في الأقسام، والتخفيف من قائمة الأدوات المدرسية، خاصة الكراريس، وجمع بعض المواد غير الأساسية في كراس واحد.
فيما رأى أولياء آخرون، أن إدخال الرقمية لمدارسنا “جدّ مهم..خاصة مع التطوّر العلمي الحاصل عبر الدول، والذي حوّل العالم إلى قرية صغيرة، تتواصل بينها عبر الرقمية”. وداعين لتعميم العملية على جميع المدارس.

” الطابلات” تضعف النظر وتُفقد التركيز وتُذهب النوم..

وفي الموضوع، أكد الدّكتور والباحث، أحمد وادي لـ “الشروق”، بأن أغلب المختصين يجمعون، على أن للوحة الالكترونية “أضرار بالغة على صحة الفرد ولا سيما الأطفال، باعتبارها وسيلة غير آمنة لتلقي الدروس وزيادة الفهم والاستيعاب”.
وكشف، بأنّ “الطابلات” تقلل قدرات الفرد الإدراكية، وتساهم في إضعاف بصره على المدى الطويل، كما تحول دون تعلم التلميذ للكتابة بخط اليد.. ويمكن للأشعة الصادرة منها أن تتسبب في قلة النوم، لأنها تعمل على إثارة الدماغ، وبالتالي يصاب الطفل بأمراض نفسية مثل الاكتئاب.
ويرى الباحث، بأن التلميذ قد يدمن على اللوحة الرقمية، فيعيقه ذلك في تنمية قدراته وتركيزه في دراسته، كاشفا بأن أغلب الدول المتطورة “لا تزال تعتمد في مناهجها الدراسية على الكتابة والتلقين عبر الكتب والكتابة، لأنها تحسن من قدرات التلميذ وتساهم في إيصال الرسالة التعليمية إليه، كما تحسن إدراكه للجمل والكلمات، وفهمها عبر الإملاء والاستماع مباشرة من المعلم، والنقل بالكتابة من خلال الكتاب أو السبورة”، كما تحظر هذه الدول، استعمال الألواح الرقمية في سن معينة للأطفال.
وانتقد المتحدث قرارات وزارة التربية واصفا اياها “بالإرتجالية والفردية، فهي لا تشرك الفاعلين في القطاع، والمختصين الجزائريين والباحثين الأكاديمين في مجال الإصلاح التربوي والتعليم”.
والحل، لتجاوز هذه الإشكاليات الضاربة في العمق، حسبه، هو اعتماد القطاعات الوزارية على الورشات المفتوحة، بمشاركة الفاعلين الفعلييّن في القطاع، والباحثين الأكاديميين، والخبراء والمختصين الجزائريين، ومخابر البحث.

علينا جمع أكثر من كتاب ومادة لتخفيف المحفظة

والحل، حسب محدثنا لتخفيف المحفظة على الطّفل، والرقي بالمدرسة، “يكون مثلا بتخفيض عدد كتب مختلف المواد، على التلاميذ، وجمعها في 6 كتب تقسم على 3 فصول، (لكل فصل دراسي كتابان). كما تقسم كل الكتب، إلى أقسام حسب المواد. والشّيء نفسه بالنسبة للكراس، حيث يُقسّم الكراس الواحد إلى أقسام حسب المواد. وعندها سيصبح التلميذ ملزما فقط بكتاب واحد وكراس واحد في محفظته، حتى إكمال السنة.

عبد اللوش: القسم الرقمي يحتاج إمكانيات مادية وتكوينا للأساتذة

من جهته، فند الخبير في المعلوماتية، عثمان عبد اللوش، عبر “الشروق”، المعلومات حول تضرّر عيون التلاميذ المستعملين للوحات الرقمية. ولكن الإشكال في الموضوع، بحسبه، هو في الاستعداد الحقيقي لوزارة التربية، لتحويل الأقسام المدرسية إلى رقميّة، لأن الأمر ليس بالهيّن.
وتساءل حول حقيقة فتح الوزارة لدراسة جادة على الأقل وقامت بتجارب سابقة، “.. هل لدينا مدرسة أو ابتدائية رقمية نموذجية، استعملت العملية على الأقل لمدة سنتين، حتى نعمم العملية، بعد دراسة إيجابياتها وسلبياتها. وهل لدينا الإمكانيات المادية التي تحتاجها العملية؟”. ليُذكّر عبد اللوش بالتجربة التي أطلقها النظام السابق في 2004، حول توفير حاسوب لكل أسرة، مع ضمان تدفق عال للإنترنت، التي لم يتحقق منها شيء.

إذا لم نتحكم في العملية يضيع مستقبل تلاميذنا

ويؤكد محدثنا أن تحويل الأقسام إلى رقمية، يحتاج إلى مناخ ملائم، وتكوين للأساتذة، وكتب رقمية.. وكيف سيصبح الكتاب الورقي؟ هل سنقرؤه على شكل “بي دي اف”؟ وهل أنشأت الوزارة خلية رقمية لمتابعة العملية؟ وهل تملك كل العائلات حواسيب وإنترنت في ظل انهيار القدرة الشرائية؟.. وغيرها الكثير من الأسئلة التي لابد من طرحها. فحتى الموقع الإلكتروني الرسمي لوزارة التربية، وحتى على الفايسبوك.. لا يُحيّن !!
وقاعات الدرس، بحسبه، لابد من أن تكون مهيأة بالإضاءة المناسبة، وأيضا بمقابس الكهرباء، لشحن اللوحات الإلكترونية، وفي حال وقع خلل تقني بلوحة أحد التلاميذ، من يصلحها له؟ ليخلص، عبد اللوش، إلى أن التدريس الرقمي “فهو مُختلف تماما عن التدريس العادي، وإذا لم نحسن تطبيقه، سنتسبب في ضياع مستقبل أطفالنا”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • Briki

    هده اللوحات خطر علي التلاميد وعلى الاستاد وعلى التعليم الدي هو في الحضيص