-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

المــرأة والأسرة

بقلم الأستاذ: لونيس بن جبل الجزائري
  • 347
  • 0
المــرأة والأسرة

تشير العديد من التقارير إلى أن ارتفاع حالات الطلاق أصبح ظاهرة تهدد النسيج الاجتماعي الجزائري، وتتسبب في آفات أخرى، كالاعتداءات والانحرافات وغير ذلك من السلبيات المنبثقة من آفة دمار الأسرة، إذ تكون الأخيرة سببا مباشرا في معظم اللواحق الكارثية البَعدية، فوفقا لإحصائيات قدّمها رئيس اللجنة الدولية للمحامين، فإن 68 ألف حالة طلاق تقع سنويا في الجزائر أي بمعدل حالة في 8 دقائق (1)، وهذا ما يقودنا إلى إدراك أنه في كل ثمانية دقائق تُدمَّر أسرة، وكذلك تولد آفات أخرى تابعة لها، ولنا أن نتخيل خطورة ذلك على المجتمع الجزائري الأصيل.

وليس ببعيد عن ظاهرة الطلاق، يشكّل العنف الأسري تهديدا كبيرا للخلية الأساسية في بناء المجتمع، ومن جهة أخرى تلعب مرحلة المراهقة دورا كبيرا في تأجيج الوضع، وفرض نفسها كمشكلة وجب أن تعالَج.

هي مشكلاتٌ تحصد أرقاما تفرض نفسها على الورق وتفرض آثارها على الواقع، لذلك وجب التحرك من أجل حماية الأسرة وحماية المجتمع، ومن هنا نضع أنفسنا في خانة التساؤل: كيف نستطيع إدارة هذا الرهان؟

العودة إلى نقاط الأهمية في كل مشكلة من المشاكل طالما كانت ناجعة وفعالة، والعنصر المهم في بناء الأسرة التي تعدّ الخلية الأساسية لقيام المجتمع (2) هو المرأة، لماذا المرأة؟ لأنها هي الوعاء الجامع لأفراد الأسرة، ولعل تتبع أنثروبولوجية المجتمع تجعلنا نرصد ذلك، إذ أنه في حالات كثيرة تتفكك الأسرة بمجرد غياب الأم لأي سبب كان ولاسيما الوفاة، وهذا راجعٌ للتركيبة الاجتماعية للأفراد.

دور المرأة في صيانة المجتمع وبناء الأسرة مهم وهو من جعلها في صورة التحدي، لذلك وجب الاهتمام جيدا بدورها والعمل على تبيانه وتوصيله للنشء، وهذا ما عمل عليه العلامة الفذ عبد الحميد ابن باديس عندما راسل مديرة ثانوية بدمشق يطلب منها استقبال طالبات من جمعيته (4)، وذلك عن وعي كامل بدور المرأة في بناء الأمة.

إذن المرأة عنصرٌ مهم جدا في قيام أسرة قوية ومتوازنة وحصينة، ونجد من بين الأدبيات القديمة التي تكرِّس أهمية المرأة والأم ما قاله الحكيم “أنى” في مصر القديمة لولده وهو يعِظه: “ضاعف كمية الخبز الذي تقدِّمه لأمك واحتملها كما احتملتك” (3)، وعند بزوغ الإسلام فجرا على البشرية، كانت نظرته ومشروعه الرباني عظيما للاهتمام بالمرأة وتبيان دورها الجليل في حفظ المجتمع وتقويته فكانت مشاركتها في بناء المجتمع ظاهرة جلية، وقيمة المرأة تظهر في قوله تعالى: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا”(النساء:1).

ومن كل هذا، كان لزاما أن نبدأ عملية إعداد وصفة تحصين الأسرة وحمايتها من المرأة، وكتوصيفات تقنية وجب أن تمارس المرأة كامل دورها التربوي الفعّال في الحفاظ على البنية الأسرية لأنها صمام الأمان، وأن تشجع ثقافة الحوار مع الأبناء والزوج والإخوة والأب والأم، لأن دورها متعدّد ومحوري، وما هو ملقى على عاتقها جليل، وكذلك في الحين نفسه أن لا نرمي عليها المسؤولية وحدها من دون أن نكون سندا لها ودعما، لذلك في توصيفنا لهذه النقطة الإستراتيجية في بناء المجتمع، وجب أن نقدم جملة من التوصيات في هذا المجال، وتتمثل فيما يلي:

– ضرورة ربط عنصر الحوار الإيجابي مع المرأة وخصوصا من الزوج في إطار ثقافة التقدير.

– تمكين المرأة من حقوقها لأن هذا يزيد من فعاليتها ورضاها وبالتالي تزداد مردوديتها.

ومن داخل الأسرة بهذه الثنائية ستكون المرأة في أحسن أحوالها، ذلك أن أغلبية المشاكل الاجتماعية تحدث عندما يحدث خرقٌ في هذين العنصرين.

أما من الخارج كسياسات اجتماعية أو مبادرات تنموية للمرأة تهدف إلى تكوين امرأة فعالة نوصي بما يلي:

– تكوين نساء في مجال الإرشاد الأسري والتعامل مع الأفراد في المنزل بمختلف فئاتهم.

– برمجة دورات تدريبية تكوينية للمرأة بمختلف مستويات تواجدها، وتكون هذه البرامج مبنية على ما يخدم صالح المجتمع ويعزز الرابط الديني الروحي وتقوية القيم الأصيلة.

– الزيادة من توعية المرأة بمخاطر الوسائط الرقمية.

دور المرأة في صيانة المجتمع وبناء الأسرة مهم وهو من جعلها في صورة التحدي، لذلك وجب الاهتمام جيدا بدورها والعمل على تبيانه وتوصيله للنشء، وهذا ما عمل عليه العلامة الفذ عبد الحميد ابن باديس عندما راسل مديرة ثانوية بدمشق يطلب منها استقبال طالبات من جمعيته (4)، وذلك عن وعي كامل بدور المرأة في بناء الأمة، إذ كان على دراية تامة بما للمرأة من وظيفة اجتماعية تربوية مهمة (5)، وجب الاستثمار فيها وإعطاؤها حق قيمتها.

www.aa.com.tr/(1):

(2): المادة 02: من قانون الأسرة الجزائري.

(3): عصام نور سرية، دور المرأة في تنمية المجتمع، مؤسسة شباب الجامعة، 2006، ص 16.

elbassair.dz/13858/(4): حجيبة أحمد شيدخ، المرأة في فكر الإمام ابن باديس.

(5): عمار طالبي، آثار ابن باديس، الشركة الجزائرية، المجلد الأول، ص 118.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!