-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الملتفون حول لحوم الشاة

الشروق أونلاين
  • 4065
  • 8
الملتفون حول لحوم الشاة

المتتبع للمشهد الإعلامي العربي في الآونة الأخيرة يلاحظ ممارسة تعدّت الحريات إلى التعدّي على الحريات، وديمقراطية ألغت ديمقراطية الآخرين، وجرأة بلغت أحيانا درجة الوقاحة من أشخاص كانوا يُنظفون ذيل الشاة ويلتقطون برازها وبمجرد أن سقطت على الأرض حتى تبنّوا ذبحها وسلخها وصاروا يأكلون لحومها ويجترّون….

  • فالفضائيات المصرية التي كانت تُدلّع جميعها من دون استثناء الرئيس المصري السابق حسني مبارك بكلمة “الريّس” صارت تُفطر وتتسحر على موائد مستديرة تلتهم سيرته التهاما، وكبار سوريا الذين أمدتهم السلطة بالدعم حتى يمثلوها ثقافيا وعلميا وأمدوها بالدعم والمساندة صاروا يكشّرون عن أنيابهم للأسد ولأتباعه .. ومن الحوارات التي قدمتها قناة المحور المصرية مع محامي أراد امتطاء الثورة أن الضيف قام بوصف الفنان الذي كان هو نفسه يحضر مسرحياته والقناة تتوسل استضافته وهو عادل إمام بالكلب وهو التصريح الذي هلّل له المشاهدون من كل بلاد العرب رغم أن هؤلاء المشاهدين من دون استثناء هم من جعلوه زعيما ومنحوه الشهرة التي ما كان يحلم بها وهو يضحك على أذقانهم بـ”مدرسة المشاغبين” و”شاهد ماشافش حاجة” والزعيم فيستقبله الرؤساء والملوك جميعا من دون استثناء كما يستقبلون كبار العالم وكما لا يستقبلون أبناء شعبهم من البسطاء ومن العلماء ويتزاحم أفراد الشعب على مشاهدته، حتى أن هذا الفنان الذي يقال بأنه سيعتزل قريبا بعد أن ضحك علينا وضحكنا له وضحكنا على أنفسنا أقسم مرة بأنه متأكد بأن لا منزل في العالم العربي لا يحتوي على شريط أو قرص لأفلامه ومسرحياته ولا نظن أن الضاحك مُجبر على صوم ثلاثة أيام بسبب قسمه لأنه كان صادقا فعلا لأول مرة في حياته.
  • لقد شاع دائما أننا أمة ردود الفعل حيث لا يكاد حتى علماء الدين عندنا أن يتحركوا أو يقولوا إلا بعد أن يفعل ويقول الآخرون، لكننا الآن وبعد الثورات التي كان بعضها تلقائيا من صنع الشعب نفسه والبعض الآخر من صنع الخارج، صرنا أمة تُغيّر جلدتها بين عشية وضحاها وتلك أخطر صفات البشر على الإطلاق، فالذين انتقدوا المتظاهرين أنصار مبارك أمام باب المحكمة التي شهدت جرّ الرئيس المصري للمحاكمة نصرة له وتنديدا بمحاكمته عليهم أيضا أن ينتقدوا الذين تظاهروا مطالبين بإعدامه لأن الكثير منهم كانوا إلى جانب الرئيس وكانوا يهتفون بالروح وبالدم فداء له على وزن المواطن المصري البسيط والعربي عموما الذي كان في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي يستمع لشريط غنائي لأم كلثوم فيهلّل ويبكي، ثم يستمع لشريط تلاوة وترتيل لعبدالباسط عبد الصمد فيهلل ويبكي ثم يستمع لشريط من خطاب لجمال عبد الناصر فيهلّل ويبكي حتى صارت حياتنا أشبه بالمخدر الذي ينقلنا في لحظات من عالم إلى عالم آخر يناقض الأول بعيدا عن الواقع الذي من المفروض أن نعيشه.
  • ما حدث في مصر وتونس ويحدث في سوريا وليبيا وسيحدث أيضا في بقية البلدان العربية هو نتاج سياسات عاطفية وأحيانا نفاقية تورّط فيها الحاكم والمحكوم لا شيء فيها مبني على القناعة، لأجل ذلك يتحول السياسي عندنا في الجزائر مثلا من حزب إلى حزب آخر وأحيانا إلى أحزاب أخرى، وقد تتحول لجان المساندة جميعها إلى معارضة، وكل شيء متوقف على حالة الشاة .. وفقط؟      
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
8
  • رامي السهام

    إن الشعب الجزائري ليس بالضرورة أن يكون مناصرا لقتلة شعوبهم ولمن وصفوا بالمجرمين في حق شعوبهم سواء كان ذلك في مصر أو تونس أوليبيا أو سوريا .. ولم يعد قاصرا على تحديد موقفه دون استشارته فهو قادر على التمييز بين الغث والسمين..

  • اللهم رد المسلمين الى دينك ردا جميلا

    السلام عليكم و رحمة الله
    الى الصحفي و الأخوة أصحاب الردود ...لا تتمادو في التشاؤم ....فالزمن زمن هزائم و الأمة تعيش مرحلة أخبر بها النبي (صلى الله عليه و سلم)و هي مرحلة الأنهزامية = حب الدنيا و كراهية الموت فالكل يربد أن يعيش و لا يموت و الكل يربد أن يحكم و العلاج بسيط: حتى نرجع الى دين الله و سنة رسوله ..حتى يكون دستورنا القرآن و ليس الكلام الغربي الوضعي -الوضيع-
    ماذا ننتظر من شعب مازال يسب الله في رمضان و هو صائم من أجل الخبز او الحليب او حتى الزلابية ...فلا عجب (كما تكونو يولى عليكم)سلام

  • mhmd

    أنا أقول..مازال الشعب العربي..وسيبقى مع الأسف..كقطيع الغنم ينظر أين يقوده راعيه................ولا أظن أن ما حدث في العالم العربي وما سيحدث ـ كما يرى كل الناس ويؤيده الواقع ـ ليس بالثورة التي ستغير من العقلية العربية (القبلية) شيئا....وبعد الأزمة (والأزمات) سيرجع كل شيئ إلى ما كان عليه ـ استبداد ظلم حقرة......والقائمة طويلة........................متى يرى الإنسان العربي نور الحرية والكرامة؟؟؟..لست أدري ..وما أنا متأكد منه ، هوأنني لن أر ذلك اليوم أبدا.

  • يوسف dzـــجي

    راك توحي يا عبد الناصر أم تحظر نفسك مسبقا كي لا يقال غيرت جلدتك مثلهم؟
    تجنوني لما تلعبوها اطالعتوا على الغيب كبقية المحلولين: سيحدث لدى الجميع.قارعوا.
    أما خلاصة ما كتبت: الناس مع الواقف ولا أمانٌ في عربٌ..الثقة في الله ومن البشر في الوالدين والأخ وبس

  • hachemi

    في عالمنا العربي لايحكم سلوك الناس فكر اوثقافةاودين انما يحكمهم الولاء للحاكم
    ولذلك قيل= الناس على دين ملوكهم

  • سوري يعشق الجزا~ر

    بداية ..تحية للشعب الجزائري المقاوم ..لم أدخل على صفحتكم منذ أحداث مباراة مصر والجزائر وقد شاهد الجميع دعم السوريين لإخوانهم الجزائريين ..ونحن في سوريا نتمنى دعمكم لشعبنا ورئيسنا في وجه المؤامرات التي تحاك ضد بلدنا المقاوم والممانع ..
    عاشت سوريا حرة أبية
    عاشت الجزائر بلد الشهداء والأحرار

  • مواطن

    ليست لنا قناعات ثابتة ورؤى نستنير بها في تقييم الأزمةنحن نحب أنفسنا فقط ونتظاهر بغير ذلك كل ما هو في صالحنا جيد وما يخالف أنانياتنا سيءلا نحب التنظيم والقيم الحضارية إذا كانت ضد مصالحنا ونسعى لتدميرها بالفوضى واللانظام والتشكي المفرط من أن السلطة والنظام هم أساس البلاوي لكن الحقيقة شيء آخر..نصوت لحزب في الانتخابات..ونحتفل مع الفائزينإذا خسر من صوتنا له..إن أزمتنا أعمق م..ليست قضية مظاهر دينية فالكل يؤم المساجد.وليست قضية فكرية فالكل يفتي وينظر أنها أزمة سلوك حضاري ومدني .نعتمد الحيلة في المعاملة

  • خالد

    تحليل رائع وممتاز وعقلاني هكذا عودتنا السي دناصر وعودتنا الشروق صح رمضانكم