-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

“النار تولد الرماد”

الشروق أونلاين
  • 4409
  • 0
“النار تولد الرماد”

ذكرتنا الرائعة جميلة بوحيرد، بمناسبة الزيارة التي شرفت بها “الشروق” أمس، والتي كانت مفاجأة جميلة على اسم صاحبتها، ببعض مجريات محاكمتها من طرف قضاة فرنسا.

  •   وكيف أن المشهد كان سرياليا، واجه فيه جلادو الاحتلال شكلا جديدا من أشكال الثورة والمقاومة.. قهقهات فتيات بعمر الزهور يستقبلن الموت بـ”نكتة”.  
  • تروي جميلة بأنها وزميلاتها في الجهاد قضين ساعات المحاكمة في تبادل النكت والطرائف، مما دفع بقاضي الاحتلال إلى تهديدهن بمواصلتها غيابيا، وبأن الضحك بلغ مداه عندما شُرع في قراءة قائمة اتهاماتها هي والتي احتوت على خمس إدانات انتهت كلها بحكم الإعدام، وهو ما دفعها للاستهزاء والسخرية فاستدارت لزميلاتها ضاحكة وقالت “كلكن قطعن إلى جزئين إلا أنا ومن حسن حظي قطعت إلى خمسة أجزاء؟”.
  • ربما لم تقصد جميلة بقصتها تلك سوى وضعنا في صورة أخرى من صور عبقرية التضحية لدى ثوار ذاك الزمن، لكن القصة في الحقيقة تحمل الكثير من الدلالات العميقة التي أمكن إسقاطها على عبقرية الاسترزاق لدى انتهازيي هذا الزمن.
  • الأكيد أن جميلة وهي جالسة لحظتها في قفص المحكمة، تستعد لتلقي حكم بالإعدام، ينهي حياتها التي لم تبدأ أصلا، ويدق المسمار الأخير في نعش أحلامها التي لم تولد بعد، لم تكن تفكر لحظة بأن زمنا سيأتي على الجزائر يستعمل فيه بعض الطفيليين و”المفرمجين” و”الخبزيست” تضحيات الأوائل الأزلية سلالم لبلوغ مطامحهم ومطامعهم الآنية والزائلة.. لم تكن تفكر بأن مواجهتها الضاحكة للموت أمس ستنتج “أشباها” يقايضون مواقفهم وآراءهم ومعتقداتهم بصفقات رخيسة، وريوع تافهة.
  • إن الفرق بين الضحك من الموت، والخوف من تضييع قطعة أرض أو شقة أو منصب حقير أو سلفة بنكية، هو نفسه الفرق بين جزائر الأمس وجزائر اليوم.. بين جزائر جميلة بوحيرد و ميروش والحواس و يدوش وابن بولعيد، وجزائر عبد المومن خليفة وعاشور عبد الرحمان والأخوين خروبي، وغيرهم من مصاصي دماء الشعب وآكلي أمواله بغير حق.
  • يا جميلة.. شُرفنا بزيارتك، وشُرفنا أكثر بالاستماع إليك، والتعلم منك.. تعلُُُم أن العمالقة قد يلدون أقزاما، وأن “النار تولد الرماد”.
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!