-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
وزير المالية لعزيز فايد في حوار حصري لـ"الشروق":

الوضع المالي مُريح وهذا جديد الصرف والبنوك والرقمنة

إيمان كيموش
  • 14633
  • 5
الوضع المالي مُريح وهذا جديد الصرف والبنوك والرقمنة
أرشيف
وزير المالية، لعزيز فايد

يتحدّث وزير المالية، لعزيز فايد، عن وضع مالي مُريح للجزائر مطلع سنة 2024، نتيجة تحسّن مؤشّرات الاقتصاد الكلّي وانتعاش التصدير وتحقيق فائض تجاري، كما يؤكّد أن السنة الحالية ستكون سنة مواصلة الإصلاحات.
ويكشف الوزير في حوار خصّ به جريدة “الشروق “، عن توصيات أسداها رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبّون، لإيلاء أهمّية كبرى للقدرة الشرائية للأُسر الجزائريّة، وتكريس العدالة الاجتماعية وتوفير مناصب الشغل، حيث تم بدء السنة الجديدة بالمسارعة إلى تنفيذ زيادات الأجور التي تضمّنها قانون المالية لسنة 2024.
ويشدّد لعزيز فايد على أن الحكومة قد تلجأ إلى قانون مالية تصحيحي في حال ما إذا اقتضى الوضع ذلك، وقد يتم اعتماد أكثر من قانون مالية تصحيحي في سنة واحدة، وهو ما يُتيحه القانون العضوي لقوانين المالية رقم 15- 18.
ويؤكّد الوزير اعتماد خُطوات مخالفة للتجارب السابقة في فتح مكاتب الصرف قريبا، حتى تلقى نجاحا وإقبالا هذه المرّة أوّلها تقليص الهوّة بين السوق الرسمية والموازية، كما يكشف فايد عن مستجدات تدشين فروع للبنوك الجزائرية بالخارج وحصيلة أوّلية لفتح أسهم القرض الشعبي الجزائري للاكتتاب بالبورصة، التي حقّقت طلبا عاليا جدا من طرف الأفراد، في حين يؤكّد أن مشروع قانون التأمينات الجديد سيُعرض على النقاش بالبرلمان قبل نهاية السنة الجارية.

في البداية، تحدثتم في تصريحات سابقة، عن مؤشرات مالية جد إيجابية تخص الوضع المالي للجزائر خلال سنة 2024، هل يُمكن ذكر أهمّ هذه المؤشرات؟
قبل أن نتكلم عن أهم المؤشرات المالية المتعلقة بالوضع المالي للبلاد، اسمحوا لي بأن أعرّج على الإطار الذي جاء فيه قانون المالية لسنة 2024، حيث أن سنة 2024 ستكون سنة مواصلة الإصلاحات في إطار تعزيز شفافية الجهود العمومية وتعزيز التسيير القائم على النتيجة، بهدف دعم الاقتصاد الوطني.
كما أن قانون المالية لسنة 2024 يندرج في إطار ظرف يتميز بعودة استقرار الوضعية الاقتصادية الناتجة عن تحسن مؤشرات الاقتصاد الكلّي عبر تحسين إيرادات التصدير وتحقيق فائض تجاري، هذا ما سيعزز قاعدة المنشآت والرفع من ديناميكية التنمية الاجتماعية والاقتصادية والحفاظ على القدرة الشرائية والعدالة الاجتماعية وتوفير مناصب الشغل، فضلا عن ذلك، فإن قانون المالية 2024 يهدف إلى التكفل بالآثار المالية الناتجة عن الإجراءات الرامية إلى ضمان الأمن الغذائي والتموين بالماء الصالح للشرب لمواجهة مشكل شح المياه وترقية الاستثمارات وبعث المشاريع المهيكلة.
يتعلق الأمر، كذلك، بمؤشرات النمو الاقتصادي والتجارة الخارجية وميزانية الدولة، فتحسن مؤشرات الاقتصاد الكلي والميزانياتي، من شأنه تحقيق الأهداف الاجتماعية والاقتصادية، ومختلف التدابير المتخذة لتعزيز القدرة الشرائية للأسر في ظل التوترات الجيوسياسية المؤثرة على الأسعار العالمية، بالإضافة إلى الزيادة في رواتب الموظفين وإنشاء وإعادة تقييم منحة البطالة وزيادة إعانات ومعاشات التقاعد لصالح فئات اجتماعية معينة، علاوة عن تجسيد برنامج الرقمنة وترقية الاستثمار، ذلك لأن توجيهات التأطير الميزانياتي متوسط المدى 2024-2026 تتميز بالحذر وبصرامة أكثر في آفاق التزامات الميزانية، الذي يجب أن يتجسد من خلال تسيير ميزانياتي أمثل للاعتمادات وزيادة تعبئة الإيرادات الجبائية وتعزيز الفعالية والمساواة في الإنفاق العمومي، فالتدابير الجبائية المتخذة في إطار قانون المالية لسنة 2024 المتعلقة بتحسين تعبئة الموارد من خلال توسيع الوعاء الضريبي ومكافحة الغش والتهرب الضريبيين وتبسيط الإجراءات ستسمح بمواصلة تحسين مناخ الأعمال والاستثمار.
أما في ما يتعلق بالنفقات، فإن توجيهات التأطير الميزانياتي توصي باتخاذ تدابير لترشيد وتحسين جودة وفعالية الإنفاق العمومي التي ستتعزز باستمرار الإصلاح الميزانياتي، وعصرنة الأنظمة المعلوماتية ومتابعة تنفيذ الميزانية والصفقات العمومية، حيث سيسهم اتخاذ كل هذه التدابير في تعزيز الانضباط والشفافية في الميزانية وتحسين نوعية الوثائق الميزانياتية.

مع بداية السنة الجديدة، دخلت قرارات الحكومة الخاصة بزيادات الأجور حيز التنفيذ، كيف تقيّمون تنفيذ هذه الإجراءات التي تضمنها قانون المالية لسنة 2024 ميدانيا؟ وهل بدأ التحضير اليوم لقانون المالية التصحيحي؟


كما هو ملاحظ، فقد تم البدء في تنفيذ تدابير قانون المالية مع بداية العام 2024، بدء بزيادة الأجور، وذلك تنفيذا لتعليمات السيّد رئيس الجمهورية في إطار برنامجه الإصلاحي الذي يمس الجانب الاقتصادي والاجتماعي على حد سواء.
وفي الواقع، سيتم الشروع في تحضير قانون مالية تصحيحي عندما يتطلب الأمر ذلك، حيث إن قوانين المالية ليست كغيرها من القوانين، وبحكم أن الميزانية في مفهومها عبارة عن فعل تقديري تنطوي على توقعات يمكن مراجعتها في مرحلة ما، فإن قانون المالية يتعلق بسير عمل الدولة والخدمات العامة بشكل عام، وهو ذو طابع اجتماعي واقتصادي، وينبغي توضيح أن هذا القانون قد صدر بموجب أحكام المادة 4 من القانون العضوي رقم 18-15 المؤرخ في 02-09-2018 والمتعلق بقوانين المالية، وهذا القانون يعد دستورا ماليا لمالية الدولة وينص على ثلاث فئات من قانون المالية على غرار قانون مالية السنة وقوانين المالية التصحيحية، والقانون المتضمن تنظيم الميزانية، الذي يقدم تقارير عن تنفيذ الإيرادات والنفقات.
وبالتالي، إذا كان القانون العضوي ينص على قانون مالي واحد فقط في السنة ولائحة ميزانية واحدة، فإنه يمكن اعتماد قانون مالية تصحيحي واحد أو أكثر خلال السنة، من أجل تغيير مسار نفقات السنة بالنظر إلى انتعاش الإيرادات، لتغطية بعض النفقات التي لم يتم تقديرها، ولعلّ الأزمة الصحية المتعلقة بـكوفيد 19 خير دليل على ذلك.
ويسمح هذا القانون للحكومة بإجراء تصويبات على التقديرات، وفقا للمعطيات الفعلية المتاحة من أجل الحفاظ على التوازن المالي والميزانياتي للبلد وإجراء التعديلات اللازمة، وتجدر الإشارة إلى أن إدراج قوانين المالية التصحيحية لا يقتصر على بلدنا فحسب، بل هو شائع على نطاق واسع في بلدان أخرى بما في ذلك البلدان المجاورة التي تعتمد أكثر من قانونين لتعديل قوانين المالية في سنة معينة.

يتزامن هذا الحوار مع عملية فتح رأس مال بنك عمومي عبر البورصة لأول مرة والشروع في عملية اكتتاب أسهم القرض الشعبي الجزائري، كيف تقيمون سيرورة العملية وماذا ستضيف للقطاع البنكي؟
إن عملية فتح رأس مال القرض الشعبي الجزائري تعدّ عملية تاريخية تمت بقرار من رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، حيث تم فتح جزء من رأسمال البنك بنسبة 30 بالمائة، هذا ما سيعزز من نشاط السوق المالية، حيث بلغت الخطوة الأولى لهذه العملية أهدافها المنشودة، وسجلت قفزة نوعية ملحوظة في سيرورتها، كم يمثل فتح رأس المال البنوك العمومية فرصة كبيرة لتشجيع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وبالتالي، تعزيز التنمية الاقتصادية للبلاد، ذلك لأن هذا الزخم الإيجابي يفتح الطريق أمام آفاق واعدة للقطاع المالي ويعكس إمكانات سوق رأس المال الوطني، وبالتالي، إرساء حوكمة بنكية قوية وفعالة، مع تشجيع مسار الإصلاحات الإستراتيجية، استجابة لتطورات القطاع المالي في سياق مقاربة استباقية وشفافة.
وتمّ تنظيم عملية الاكتتاب في رأس مال القرض الشعبي الجزائري على ثلاث مراحل تمتد على مدار سنة، حيث تمّ طرح عدد محدد من الأسهم للاكتتاب في كل مرحلة، ولكن بعد انطلاق العملية لاحظنا أن المرحلة الأولى شهدت إقبالا كبيرا من قبل المكتتبين، خاصة من فئة الأفراد الأشخاص الطبيعيين. فحتى تاريخ 7 مارس 2024، تمّ تسجيل 42628 مكتتب، منهم 39011 من الأشخاص الطبيعيين، أي ما يعادل 70 بالمائة من إجمالي العرض بينما توزعت الحصة المتبقية بين الأشخاص المعنويين أصحاب الشركات بنسبة 22 بالمائة والمستثمرين المؤسساتيين بنسبة 8 بالمائة وبلغ المبلغ إجمالي المكتتب إلى غاية هذا التاريخ 98,6 مليار دينار أي ما يعادل 71 بالمائة من إجمالي المبلغ المطروح للاكتتاب.
وتبشّر أرقام الاكتتاب الحالية بتعزيز الشمول المالي، حيث تُظهر إقبالاً لافتًا من فئة الأفراد، إذ سيساهم ذلك في توسيع نطاق الخدمات المالية لتشمل المزيد من المواطنين الجزائريين، مما سيُتيح لهم فتح حسابات بنكية والحصول على الخدمات المالية الأساسية، إذ من المتوقع أن تُساهم هذه العملية في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الجزائر.
وتكتسي عملية فتح رأس مال القرض الشعبي الجزائري وإدراجها في البورصة أهمية اقتصادية بالغة من شأنها تعزيز الثقة في إمكانيات الاقتصاد الوطني وتحقيق النمو الاقتصادي، فهو إعلان جريء عن الثقة في إمكانات اقتصاد الجزائر وتأكيد على نضج القطاع المالي والرغبة في التكيف مع التطورات الاقتصادية العالمية، بالإضافة إلى دورها في تعزيز النظام المالي الوطني، حيث إنها تهدف إلى إصلاح وإعادة تنظيم القطاع المصرفي في بلادنا عن طريق إرساء وتكريس الحوكمة الرشيدة، والشفافية والنجاعة كمعايير لا مناص منها لتحقيق القفزة النوعية التي تسعى إليها البلاد.
ستُضفي عملية الاكتتاب هذه ديناميكية جديدة على التداولات في بورصة الجزائر، مما سيُساهم في رفع القيمة السوقية للبورصة، كما ستُحفز هذه العملية شركات أخرى على الإدراج في البورصة، نظراً للثقة التي تُعطيها البنوك المدرجة للأسواق المالية، وسيؤدي ذلك إلى تمكين بورصة الجزائر من تأدية دورها الأساسي في تمويل الاستثمار والاقتصاد الوطني بشكل عام ويُساهم في التحول تدريجياً من اقتصاد الدين نحو اقتصاد أسواق المال، وتحقيق الإصلاحات والأهداف المنشودة.

تشهد بورصة الجزائر عملية إعادة هيكلة وإنعاش، هل يمكن طرح تصوركم حول مستقبل البورصة قريبا؟
بخصوص تنشيط السوق المالية، وإعادة هيكلتها، لقد تمّ اتخاذ عدّة إجراءات لتقديم حلول فعلية وفعّالة للتحديات المتعدّدة التي تواجهها. تتضمن هذه الإجراءات بشكل أساسي تكييف التشريعات، وتحديث أنظمة معلومات الهيئات الناشطة في السوق، وإصدار سندات “صكوك”، وبين اهمها إدراج البنوك العمومية في البورصة،على غرار القرض الشعبي الجزائري وبنك التنمية المحلية (BDL).
ففي الحقيقة سيسمح فتح رأس مال البنوك الذي تم الشروع في تنفيذه بإنعاش نشاط بورصة الجزائر، نظرا للعلاقة الوطيدة التي تربط هذه العملية بزيادة عملية تداول السندات على مستوى السوق المالية،وسيسهم دون شك في تشجيع الاستثمار ودعم الابتكار وخلق فرص لرواد الأعمال والمستثمرين، وكذا المشاركة الفعالة في هذه الفترة الحاسمة من تاريخ الاقتصاد الوطني، من خلال استثمار في رأس مال القرض الشعبي الجزائري وبنك التنمية المحلية قريبا.

أين وصلت عملية فتح رأسمال بنك التنمية المحلية؟ وما هو البنك الثالث المعني بالإجراء أيضا؟
حاليا لقد تم الشروع في التحضير لإجراءات فتح رأسمال بنك التنمية المحلية، ويمكن القول إن عملية فتح رأسمال البنك تأتي تتمة ودعما لاستراتيجيتنا لتعزيز ودعم النمو الاقتصادي، أما في ما يخص البنك الثالث المعني بهذا الإجراء سيتم الإعلان عنه في الأوقات المناسبة بناء على الأوضاع الاقتصادية والمالية.

بخصوص عملية فتح فروع للبنوك الجزائرية بالخارج، متى سيتم اعتماد البنك الخارجي بفرنسا؟ وهل هناك فروع أخرى ببلدان أوروبية وإفريقية؟
بودّي أولا تسليط الضوء على القطاع البنكي الذي شهد خلال العقدين الأخيرين تقدما ملحوظا في ما يتعلق بعصرنة بنيته التحتية التقنية والمادية، فضلا عن تطور كفاءاته، وتتجلى أوجه التقدم هذه في الأداء المالي الكبير الذي من شأنه تقوية الصلابة المالية للبنوك العمومية، بل مرونة القطاع بما يجعله قادرا على مجابهة الأزمات، هذا ما سيسمح للاقتصاد الوطني بالانخراط بوتيرة أسرع في مسار تنويع القطاع الخاص وتثمينه لأجل ضمان أن يكون النمو خارج قطاع المحروقات مدعوما ومستداما.
وانطلاقا من هذه العناصر، وبعد أن أدركت السلطات العمومية التحديات الاقتصادية الجديدة، رأت وقدّرت أنه من الضروري مباشرة نشر البنوك الجزائرية بالخارج.
ستعمل هذه البنوك على مساندة متعاملينا الاقتصاديين من أجل تنمية الاستثمارات في الخارج ودعم أنشطة المؤسسات متعددة الأطراف الرامية إلى مرافقة التحول الاجتماعي الاقتصادي على المستوى الإقليمي، وذلك بالإسهام في تحسين الاستقرار الاجتماعي وتحفيز نمو عادل وشامل.
وبالإضافة إلى الجانب الاقتصادي الذي تكتسيه هذه العملية النابعة عن الرؤية الاستراتيجية وإرادة السيد رئيس الجمهورية، فهي تطمح لتجسد على أرض الواقع عبر كفاءات بنكية جزائرية، الالتزام التام لتطوير نموذج أعمال متين وروح تجارية يقظة ومسار تحسين مستمر في إطار التنظيم المعمول به والمعايير العالية للقطاع المالي.
وهنا ألفت إلى أن القطاع البنكي تعزّز بمشاريع هيكلية تمثلت في إنشاء أربعة بنوك جزائرية في الخارج والمتعلقة بإنشاء بنك الاتحاد الجزائري ((AUB بموريتانيا حيث دخل حزي الخدمة في 20 سبتمبر 2023 وتم افتتاح وكالة جديدة لهذا البنك بمدينة نواديبو الموريتانية في شهر فيفري الفارط، وإنشاء البنك الجزائري السنغالي ( (ABSحيث دخل حيز الخدمة بتاريخ 21 سبتمبر 2023، وقيد إنشاء بنك الجزائر الخارجي الدولي بفرنسا حيث من المتوقع أن يتم الإطلاق الرسمي لهذا البنك في الأيام القادمة.
بالإضافة إلى ذلك، سيتم إنشاء بنك جزائري آخر بأبيدجان بكوت ديفوار وسيدخل حزي الخدمة في السداسي الثاني من سنة 2024.

أين وصل مشروع فتح مكاتب صرف معتمدة للخواص بالجزائر؟ وهل سيرى النور خلال سنة 2024؟


لتجنب التجارب السابقة وضمان نجاح فتح مكاتب صرف بنجاح، اتخذت الحكومة الجزائرية جملة من الإجراءات الهيكلية التي ستسهم في امتصاص السوق السوداء، وذلك من خلال تقليص الفجوة بين السوق الرسمية والسوق السوداء، هذا ما سيساعد في تقليل الجاذبية نحو السوق السوداء ويعدّ تعزيز الثقة في السوق الرسمية أمرا بالغ الأهمية لضمان نجاح هذه المبادرة.
إن قرار المراجعة العميقة لنص القانون النقدي والمصرفي يعد استجابة لتطور البيئة البنكية وسياق الاقتصاد الكلي، التي طرحت تحديات مهمة من حيث تحديد السياسة النقدية والتطور التكنولوجي ومراقبة المخاطر وتقنين المهنة، حيث يدخل القانون النقدي والمصرفي الجديد، في إطار الإصلاحات التي باشرتها السلطات العمومية من أجل إعادة هيكلة القطاع المصرفي والمالي في الجزائر بما يتماشى والمنظومة الاقتصادية العالمية لمواكبة المستجدات والاستجابة لمقتضيات الإصلاح الاقتصادي المنشود.
إن وضع إطار قانوني جديد يحكم النشاط النقدي والمصرفي، والذي يندرج ضمن الالتزامات الـ54 لرئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، المتعلق بالإصلاحات الكبرى للحوكمة المالية في الجزائر، يهدف إلى مواءمة تطوير البيئة البنكية مع الانتقال الاقتصادي والمالي والتكنولوجي الذي تعرفه الجزائر واستجابة للتحديات الجديدة المطروحة.
وبالرجوع إلى مسألة فتح مكاتب الصرف، فمن المهم أن تكون هذه العملية مفتوحة وشفافة، وذلك عبر توفير بيانات دقيقة ومحدثة عن العمليات المالية، هذا ما يساعد في الحد من الفساد كذلك من خلال ضمان وجود بنية تحتية ملائمة لمكاتب الصرف هذه.
وتكمن أهم المفاتيح التي يمكنها المساهمة بشكل فعال وجوهري في هذه العملية في توعية الجمهور حول أهمية اللجوء إلى السوق الرسمية والفوائد التي قد تعود عليهم وعلى الاقتصاد الوطني بصفة عامة من خلال انضمامهم لهذه القناة الرسمية.
والجدير بالذكر أنه تم إعداد نِظَام متَعَلق بمكاتب الصرف من طرف بنك الجزائر، يحدد ترخيص وتأسيس واعتماد ونشاط مكاتب الصرف. ويندرج في إطَار تنفيذ أحكام القانون رقم 23-09 المؤرخ في 21 جوان 2023، المتضمن القَانُون النَقْدي والمصرْفي، الذي يهدف إلى إِرساء إطَار مُنَظم ومتنَاسِق لتَسْهِيل عَمَلِيَات الصَّرف بصفة تدريجية.
وللإشارة، فإن نَشَاط مَكَاتِب الصَّرف سَيَشْمُل عِدَّة عمليات بيع وشراء لصالح المقيمين وغير المقيمين مع العلم أن عمليات بيع العملات الأجنبية القابلة للتحويل بصفة حُرّة بالنِسْبَة للمُقِيمِين، تتعلَّق بحق الصَّرف أو مِنْحَة الصَّرف من أجل السَّفر إلى الخارج وتَكَالِيف الدِّراسَة والتربصَات وتَكَالِيف المُهِمَّة والرِّعَايَة الطِبيَّة في الخارج.
ويشكّل هذا النظام مرحلة أولى في عملية تحديث الإطار التنظيمي الذي يحكم عمليات الصرف، الذي يجب أن يَستوفِي شُرُوط تَنْمِيَة الاقتصاد الوطني.

ما هو جديد قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص؟ ومتى سيكون جاهزا؟
إن الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص، باعتبارها نمطا من أنماط تمويل مشاريع الاستثمار العمومي وإنجازه في مجال منشآت الدعم الأساسية، هي أداة تسمح بتوفير الخدمة العمومية وإدارتها، وهذا بالنظر إلى الامتيازات العديدة التي توفرها هذه الشراكة.
لذلك، تعكف وزارة المالية حاليا على استحداث مشاريع قوانين قيد الدراسة والمصادقة من شأنها دعم الترسانة القانونية للقطاع ليساهم في مرافقة الديناميكية الاقتصادية الحالية بفعالية، على غرار مشروع قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص. ويأتي مشروع هذا القانون من أجل إضفاء الطابع الرسمي والتأسيس لقانون موحد يتعلق بهذا الشكل الجديد لتسيير المرافق العمومية وتأطيرها، وذلك مع الحفاظ على مصالح الدولة والمواطن في آن واحد.
ويعتبر هذا الشكل الجديد لشراكة أداة تسيير وتمويل استراتيجية تسمح بضمان إدارة أفضل للخدمات العمومية عن طريق الرفع من نسبة إشراك الفاعلين الاقتصاديين المتخصصين من القطاع الخاص الذين يستخدمون أساليب مبتكرة ومن المزايا الرئيسية للشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص الاستفادة من الخبرات والمهارات، تحسين الكفاءة وتقليل التكاليف، تعزيز التنمية المستدامة وتعزيز الابتكار والتنمية الاقتصادية.
ويجمع القطاع العام بين الموارد والخبرات السياسية والإدارية، بينما يتميز القطاع الخاص بالكفاءة والابتكار، وبالتعاون معًا، يمكن لكل جانب استغلال مزايا الآخر، كالاستفادة من خبرات الشركات الخاصة في مجالات مثل التسويق، وإدارة المشاريع، وتكنولوجيا المعلومات، تحسين الكفاءة وتقليل التكاليف، تعزيز الابتكار والتنمية الاقتصادية وكذلك تعزيز التنمية المستدامة.
باختصار، توفر الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص فرصا للتعاون المثمر والمنفعة المتبادلة، مما يساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتعزيز الابتكار والكفاءة في مختلف القطاعات والمجتمعات.
وفي هذا المنظور، يندرج المشروع التمهيدي للقانون ضمن الإصلاح الشامل للمالية العمومية وعصرنتها الذي يمثل حجر زاوية لنجاح كل الإصلاحات الاقتصادية، كما يشكل ركنا أساسيا لكل الإصلاحات، إلى جانب تحسين مناخ الاستثمار.

ماذا عن قانون التأمينات الجديد المتواجد اليوم على الطاولة؟
يشكل قطاع التأمينات هو الآخر بطبيعة الحال ملفا مهما من ملفات إصلاح المالية العمومية، وهو في دائرة اهتمام السلطات العمومية، حيث يرمي مشروع قانون التأمينات الجديد إلى تكييف نشاط التأمين مع التطور الاقتصادي والاجتماعي الذي تعرفه البلاد، وتطوير الشمول المالي من خلال تسريع مسار رقمنة المنتجات والخدمات التأمينية قصد تحسين الخدمة المقدمة للزبون، وتنويع العرض وكذا قنوات التوزيع، فضلا عن تحسين حوكمة شركات التأمين العمومية ونجاعتها. وهو حاليا قيد الدراسة على مستوى الحكومة وسيعرض على البرلمان بغرفتيه قبل نهاية السنة الجارية.

كيف تقيّمون تنفيذ عملية الرقمنة بالجمارك والضرائب وأملاك الدولة التي ينادي بها رئيس الجمهورية منذ سنة؟
قطع قطاع المالية شوطا كبيرا في تنفيذ عملية التحول الرقمي، حيث شهد تطوير وسائل الدفع الإلكترونية تحسنا ملحوظا بفضل إنجازات تحققت على غرار نشر53191 جهاز دفع إلكتروني في سنة 2023، بنسبة تقدم وصلت إلى 14.98 بالمائة مقارنة بسنة 2022. وقد سجلت هذه الأجهزة حوالي 4 ملايين معاملة.
بالإضافة إلى وضع حيز الخدمة حوالي 3848 موزع آلي ونافذة بنكية لسنة 2023، التي عرفت زيادة قدرها 5.69 بالمائة مقارنة بسنة 2022. كما تم تسجيل 474 تاجر على الإنترنيت جديد في سنة 2023، بزيادة قدرها 62.89 بالمائة مقارنة بالعام السابق، في حين تم تسجيل أزيد من 39 مليون معاملة دفع عبر الهاتف المحمول سنة 2023.
وعرفت رقمنة مصالح الضرائب، تقدما بوتيرة متسارعة، تمثل في نشر نظام جبايتك على مستوى (86) موقعا يضم مديرية كبريات المؤسسات و43 مركز ضرائب، و42 مركز ضرائب جواري، وتجدر الإشارة إلى أن نشر هذا النظام الجديد لا يزال يتوقف على استلام البنى التحتية.
ولتعجيل عملية رقمنة إدارة الضرائب، أنشأت المديرية العامة للضرائب بوابة مساهمتك، هذه البوابة مخصصة للتصريح والدفع بالنسبة للمكلفين بالضريبة غير الخاضعين لنظام جبايتك، ويسمح هذا النظام للمساهمين بإجراء التصريح والدفع الإلكتروني ببطاقة ما بين البنوك (CIB) على مدار الأسبوع و24 ساعة في اليوم. وقد تم وضعه حيز الخدمة تدريجيا، منذ جويلية 2021 إلى نهاية سنة 2023، ليغطي حتى الآن، 256 قباضة ضرائب.
أما في ما يخص رقمنة إدارة الجمارك، فقد تضمنت ثلاثة مشاريع فرعية متمثلة في مركز البيانات ومشروع شبكات الاتصالات اللذين تم الانتهاء منهما وتسليمهما، فضلا عن إطلاق نظام المعلومات الجديد المسمى “النظام المعلوماتي للجمارك الجزائرية، الذي من شأنه تيسير عمليات التخليص الجمركي، ونشر المعلومات حول التجارة الخارجية، وإرساء الشفافية وتطوير آليات مكافحة الغش والتهريب.
في حين تضمن إنشاء نظام المعلومات العقاري والخاص بالأملاك الوطنية إطلاق تطبيقات رقمية على غرار تطبيق MACF ” لتَعْبِئة عقود الحفظ العقاري”، وتطبيق «GES-DOM» لتسيير العمليات المتعلقة بالأملاك الوطنية للدولة، وتطبيق «MAHJOUZET» لتسيير المواد المَحْجُوزَة، وتطبيق «CONFISC» لتسيير الممتلكات المصادرة، ونظام المعلومات الآلي «PATRIMOINE-DZ» المُكَلَف بِجَرْد ومتابعة أملاك الدولة الجزائرية في الخارج والذي تم إطلاقه الرسمي في 24 فيفري 2024، بالإضافة إلى رَقمنة العمليات على مُستَوَى مُديريَّتيْ مَسْح الأراضي والحِفظ العقاريِّ مِن خِلَال إِطلَاق أَنظِمتي الإدْماج والرَّقمنة INTERGRAL و”GSPO”.

ما هي خطتكم لرفع نسبة التحصيل الضريبي؟
بهدف تعزيز نسبة التحصيل الضريبي، تبنت وزارة المالية عن طريق المديرية العامة للضرائب استراتيجية شاملة تركّز على مجموع من التدابير تتضمن تقديم تسهيلات جبائية للمؤسسات والأفراد المكلفين بالضريبة، مع مراعاة تخفيض الضغط الجبائي على الفئات المنخفضة والمتوسطة الدخل للحفاظ على القدرة الشرائية.
وترتكز هذه الخطة على المحاور الاستراتيجية متعلقة بتحسين أداء النظام الجبائي الوطني من خلال توسيع الوعاء الضريبي وتعزيز العدالة الجبائية عبر مراجعة توزيع العبء الجبائي بين المواطنين والمؤسسات الاقتصادية.
كما تشمل هذه الخطة تبسيط الإجراءات الجبائية وتوفير الأمن القانوني لتحسين مناخ الأعمال وتشجيع الاستثمار الخالق للثروة ومناصب العمل، فإن عصرنة تسيير الإدارة الجبائية من خلال إطلاق عملية رقمنة المصالح المكلفة بالوظائف المختلفة للضرائب ستساهم بشكل كبير في تحقيق هذا الهدف.
وحرصا منها على تجسيد هذه الخطة، انطلقت المديرية العامة للضرائب في مشروع المراجعة التدريجية للتشريع الجبائي من خلال قوانين المالية لسنوات 2021 و2022 و2023، وذلك بإعطاء الأولوية، وفقاً لتوجيهات السيد رئيس الجمهورية، للتدابير المتعلقة بتخفيض الأعباء الجبائية للأسر والأجور المنخفضة، وتشجيع الاستثمار وإعادة بعث الاقتصاد، من جهة أخرى، أولت المديرية العامة للضرائب اهتماماً خاصا لتبسيط الإجراءات من خلال رقمنتها وذلك من خلال تقديم خدمات عن بعد لفائدة المستخدمين وتسريع عملية عصرنة مصالحها، سواء من ناحية المنشآت أم من ناحية رقمنة تسيير الضريبة.
في الوقت نفسه، تسعى وزارة المالية إلى تعزيز الرقابة ومكافحة الغش والتهرب الضريبي، وتعزيز التوعية لدى المواطنين حول أهمية المساهمة الجبائية في تحقيق التنمية المستدامة.
وفي هذا الصدد، تم اتخاذ تدابير مختلفة لصالح المكلفين بالضريبة من اجل تسهيل دفع الضرائب والرسوم وتمكينهم من تصفية ديونهم الضريبية عن طريق اكتتاب جداول السداد، الإعفاء المشروط، وغيرها من التسهيلات، وفي هذا السياق، تم اعتماد تسهيلات عديدة تذكر منها منح للمكلفين بالضريبة الذين يخضعون للضريبة على الدخل الإجمالي والضريبة على أرباح الشركات، إطلاق الدفع الإلكتروني للضرائب والرسوم عبر الاقتطاع، التحويل، بطاقة ما بين البنوك “سي إي بي” أو البطاقة الذهبية، تبسيط إجراءات إعادة هيكلة الديون الجبائية.
كما عملت المديرية العامة للضرائب على جعل الاتصال محور أساسيا في استراتيجية الرفع من مستوى التحصيل الضريبي، وذلك باستخدام مختلف قنوات الاتصال والوسائل المتاحة لتحسين وتوطيد علاقتها مع المكلفين بالضريبة، وزيادة روح المواطنة الجبائية، وقد تميز مخطط العمل في هذا المجال بتكثيف الأنشطة المنجزة، ونذكر على سبيل المثال، لقاءات مع المتعاملين الاقتصاديين، والجمعيات والاتحادات المهنية، والهيئات العمومية، من أجل الاطلاع على انشغالاتهم والصعوبات التي يواجهونها وكذلك تنظيم ملتقيات إعلامية حول مواضيع الساعة مثل قانون المالية، الامتيازات الجبائية، الأنظمة الجبائية، الخدمات الرقمية وغيرها موجّهة إلى مختلف الهيئات والتنظيمات والغرف كالتجارة، الفلاحة، الصناعات التقليدية وغيرها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
5
  • مصطفى

    اجابة الوزير حول مكاتب الصرف غير مقنعة فوزير المالية يجب أن يعلم أن صاخب العملة هو متغير مستقل أي هو المؤثر.والشاري هو التابع اي المتأثر كيف يقوم البائع ببيع العملة لمكتب الصرف ب 150 وفي السوق السوداء 240 ؟؟؟؟؟!!!!!لماذا لا تفتح مكاتب الصرف بتمويل من البنك المركزي؟ ولماذا لا تقوم الدولة بسن قانون يلزم المهاجرين بتحويل مقدار من المال عند دخولهم إلى أرض الوطن بمقدار 500يورو مثلا فهل يعقل أن يقوم المهاجر للذهاب إلى السكوار لتغيير العملة ثم يذهب ليشتري المواد الغذائية بسعر مدعم من طرف الدولة؟

  • الربيعي بوراس

    الفرد الجزائري يريد رفع قيمة الدينار حتي يتسنى له الاستفادة اكثر من راتبه الشهر ة . و تصبح هذه القيمة تنافس العملات الاخرى

  • نصرالدين

    سلام عليكم اولا لماذا الدينار الجزائري لم يصعد.في سلم ترتيب مقابل الاورو والدولار بالنسب للدول العربية .ثانيا لماذا ويسطيع على الاقل ان ينفس الدينار اللبي و تونسي ...!!!؟؟؟

  • خثير

    كلام أدبي بحت والا كيف نفسر قيمةالدينار في السوق الموازية التي بلغت مستويات قياسية (٢٤٠دينار)مقابل أورو واحد والتضخم الحاصل على مستوى الاسواق

  • abderrahim BRAHIM

    وهل سيرى النور خلال سنة 2024؟ لم يتم الجواب على أهم نقطة!