-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

اليوم لحم بالتقلاش وغدا.. لوبيا بلاش!

عمار يزلي
  • 1975
  • 0
اليوم لحم بالتقلاش وغدا.. لوبيا بلاش!

السيناريو الأكثر واقعية لما بعد جانفي 2016، يحتاج إلى مخرج من نوع “سبيلبرغ” أو “هيتشكوك” لإخراجه، لما فيها من العقد والمفاجآت غير السارة والضارة والحارة للشعب المسرور.. المضرور، بفعل كسله وتعاطيه مع الدولة على أساس أنها “أمه فاطمة التي لا تفطمه”!

سيكون علينا تصور بداية العد العكسي لنهاية الجمهورية الأولى، أي السيستام السياسي الذي تولد عن استقلال 62!

لقد قلنا فيما سبق ـ وهذا ليس مجرد تخمين أو تنبؤ مبني على فراغ أو وهم، بل على دراية ودراسة للتاريخ ولعلم اجتماع التغير الاجتماعي ـ أننا بتنا على عتبة الانتقال السريع نحو تغير جذري في الدولة الجزائرية! هذا التغير يجب أن يعد له من الآن ليكون التغير سلسا ومرنا وبدون هزات اجتماعية قاتلة من شأنها أن تعيد الدولة الجزائرية 40 سنة للخلف كما يحدث الآن في كل من ليبيا وسوريا والعراق واليمن!

كما قلنا سابقا فإن الجيل الثاني للنظام السياسي الحالي، سينتهي في حدود 2030، أي بعد أقل من 15 سنة! والعد العكسي سيبدأ مع 2016! وقانون المالية للسنة المقبلة وما أقدم عليه ممثلو الأفلان والأرندي في البرلمان والحكومة (باعتبار الدولة دولتهم وحدهم وملكا لهم يفعلون بها ما يشاءون، لأنها إرث تاريخي لهم في تصورهم، إلى أن وصلوا إلى نهاية المطاف من الحكم مع انهيار المال والنفط).. قانون المالية هذا هو من سيكون شرارة انطلاق التحول العكسي! وهذا ما نتصوره ـ دون أن نجزم أو نؤكد أن السيناريو سيكون على هذا النحو الدقيق ـ: سيبدأ الشعب بالشعور بأن الأم الحنون، دولته التي طالما “قلشته” وسكتت عن “قبائحه” وأسكتته بكل اللعب والمهدئات والإشغالات الشبابية وأنواع اللعب والتلهية الطفولية، لم تعد قادرة على تلهيته أكثر! فقد هرمت الأم وكبر الطفل المدلع الذي لن يقبل بعد اليوم، بأقل مما كان عليه مدلعا في صغره أيام العز والبحبوحة المالية والسكوت عن أفعاله وشغبه! سيبدأ يشعر تدريجيا بأن أمه تخلت عنه وأنه لم يعد في مقدوره أن يشتري السيارة وأن يركب الطيارة وأن يسكن العمارة وأن يسوق كما لو كان راكبا على حمارة، وأن يستهلك الفرد ما يستهلكه فريق، وأن يقطع متى يشاء الطريق، وأن يهدد أمه بحرق نفسه بالبنزين، إن لم يمنح سكنا أو اثنين! سيبدأ يعرف هذا الموطن الطفل الذي صار عمره 40 سنة “أن أمه ضيعته صغيرا وحملته دمها كبيرا” عندما قلشته ولم يتعلم العمل ولم يكلف نفسه حتى عناء البحث عنه مادام أن الجود من الموجود! سيعلم أن أمه قد كبرت وأفلست وأنه لم يعد معها ما يكفيها سوى لنفسها ولعلاجها وبقية حياتها بعد أن فر كبار الأبناء والبنات بمال الورثة! بعدها، ستأتي موجة الغلاء لتصدم الجميع! سيعرف الجميع كم كنا أغبياء عندما اعتقدنا أن الجمهورية الأولى هي “جمهورية شعبية” وأن التكفل الاجتماعي هو مبدأ أساسي في النظام “السيسي” للدولة. سيعلم الجميع ساعتها أن دولته قد أهملته وكانت سببا في ضياعه كبيرا بعد أن دلعته صغيرا. وهذا ما يزيده شعورا بأنه محقور أكثر وليس له لا إمكانية ولا قوة العمل، ولن يكون بمقدوره أن يعيش كما كان في السابق! وسيضطر إلى الخروج إما للتظاهر بشكل عنيف تخريبي كما يفعل أي طفل مدلع، وإما إلى سيناريوهات استعراضية من قبيل الانتحار الفردي أو حتى الجماعي في الأماكن العمومية أو الإدارات العامة بعد أن ينتهي به المطاف إلى اليأس والتذمر والوصول إلى غاية التفكير في “سلاح التدمير الشامل”.

ردود المؤسسات السياسية والأمنية لن يكون سهلا، وقراراتها لن تكون ماء ولا بردا ولا سلاما! ستضطر قوات الأمن والجيش إلى التدخل لحفظ النظام الأمني ومؤسسات الدولة والمجتمع! لكن ممن؟ من عامة الشعب المنكوب؟ أم من حفنة من المرابين والمرتشين والفسدة والمتسلقين والتجار ورجال الأعمال والسياسيين و”الكيادر” المكيدة من رؤوس “الإضارة”؟! لن يكون الأمر سهلا! وسيكون على مؤسسات الدولة الأمنية اختيار الطرف الذي تقف معه: أتقف مع الأقلية التي اتضحت نواياها وأعمالها ومصادر ثروتها و”قوة غالبيتها الشعبية” المبينة على التزوير وسرقة أصوات الموتى؟ أم مع الشعب المنهوب المنكوب الذي جوع بين عشية وضحاها بعد ما عاش 60 سنة “لا أبا لك يسأم”!؟

ستكون مؤسسات الدولة الأمنية وعلى رأسها الجيش الوطني الشعبي أن يتدخل لحماية الدولة والشعب من الانهيار الذي حفر خندقه القابضون بزمام الأمر من المتسلقين و”الأقلية الساحقة” المتحكمة في دواليب الحكم.

سيستمر التصعيد أكثر مع 2020، وسيكون موعد التحول قريبا بعد أن يزداد إعصار الانتفاضات الشعبية والاحتجاجات وبروز فتن داخلية وقلاقل خارجية على الحدود وبتأثيرات خارجية من أجل تقويض أركان الدولة الضعيفة! الرجل المريض الذي حان وقت موته أمام غربان وعقبان الغرب والعرب للتدخل من أجل نهش الجيفة قبل أن تجف دماؤها.

لن يكون الموقف سهلا ولا مفرحا أن ترى ثمار قانون مالية 2016 قد أشعل نار الحرب الداخلية وأجج لهيبها ليطال بقية أركان الدولة القائمة القاعدة!


ستعمل بعض القوى السياسية الخفية على تأليب الوضع وسيستثمر التطرف الديني والعرقي والمذهبي هذه الأوضاع لصالحه، ويتحول كل باحث عن السلطة إلى مطالب بها ومنتقم لها وعليها! سنتفرق شيعا وطوائف ومللا ونحلا، ولن نتحد بعدها إلا بعد جيل بكامله على الأقل، أي بعد 40 سنة بعد 2030! أي في حدود 2070!

هذا كله إن لم نسع من الآن، إلى التحكم في الوضع الذي بدأ في التآكل زمانيا! الوقت لم يعد كاف بما فيه الكفاية لتحضير النقلة السلسة تحضيرا للمرور إلى نظام جديد لجيل جديد! المؤشرات كلها تقول أننا في الطريق السيء إن لم يتدخل الرئيس ـ وهو المسئول الأول والأخير ـ على إخراج البلد من عنق الزجاجة أمام تردي الأوضاع، وهو وحده القادر على تدارك مخاطر خيارات حكومته التي يتحكم فيها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!