انتخابات.. “ربي يعاونكم”

في هذا الشهر المجيد نوفمبر، الذي كاد فيه أمثال هواري منار، أن يحيوا مناسبة ذكرى اندلاع أعظم ثورة في التاريخ الحديث، يجد الجزائريون أنفسهم مرة أخرى أمام تحدي الصندوق الانتخابي، على الرغم من نهاية صلاحية هذا التحدي، وفساد محتوى كل الصناديق المقترحة، بداية من صناديق جمع الأصوات إلى صناديق بيع الطماطم والبطاطا بالجملة.

بالأمس فقط، شهدنا عملية (انتخاب) المجلس الشعبي الوطني، لكننا صعقنا كما كنا نتوقع بالطبع، بقائمة طويلة عريضة من النواب و(النائبات)، أقل مستوى بكثير من مستوى نواب البرلمان السابق، حتى بتنا نترحم بعد كل انتخابات (شفافة وديمقراطية)، على المجالس السابقة، إلى أن وصلنا في عملية الترحم إلى المجلس الوطني الشعبي أيام الحزب الواحد، وبالتالي سيكون علينا أن نكابد فاجعة إعلان نتائج الانتخابات البلدية والمجالس الولائية، التي يشارك فيها اليوم، عشرات الألوف من “المشامشية” في الغالب الأعم، لنحضر حالنا نفسيا على الأقل، للترحم أيضا على المجالس السابقة، لأن المستوى من الواضح أنه سيواصل النزول إلى أن يصبح “يتكركر”.

هذا واقع الحال للأسف، وسواء ارتفعت نسبة المشاركة الشعبية أو انخفضت، حيث لا مجال لمصداقية النسب المفترضة، والنتائج المعلن عنها، في ظل استمرار نفس الأساليب القديمة في إدارة دفة العملية الانتخابية، فإن اهتمام المواطن البسيط لا شك، هو أبعد ما يكون عن هذه العملية الشكلية، إلا في جانبها العشائري والدشروي، وفي بعض الجوانب المرتبطة بعملية البزنسة السياسية للأحزاب الكارطوينة، وبالتالي فإن متابعة أخبار أسعار الطماطم والبطاطا وما حولهما، تبدو أنفع للناس بكثير وأفيد.

إنها بالفعل قناعة مؤلمة، وحالة تثير الأسى، لكن في بعض الأمل الذي نطرحه، بعيدا عن لغة التيئيس المفروضة، نجد أنه من واجبنا أن نضحك على الممثلين البارعين الذين سينشطون كل هذا الكرنفال، بل وأن نبتسم لهم ونقول لهم عند لقاءاتنا بهم “ربي يعاونكم”، ثم نواصل رحلتنا في زرع بذور الحب والنقاء، ونحن نغني لوطن آخر، لا يشبه هذا الوطن المزور، لنحضنه هناك عند طلوع شمس فجر قريب.