الرأي

اِلغوا نظام التقاعد المُجحف

حسين لقرع
  • 2548
  • 6
أرشيف

للأسف، لم يحظَ تصريح فرحات شابخ، القيادي في الإتحاد العامّ للعمال الجزائريين، حول ضرورة مراجعة منظومة التقاعد مجددا، بأيِّ اهتمام أو متابعة، سواء لدى عشرات النقابات العمالية المستقلة التي كان يُفترض أن تؤيّد هذه الدعوة بغضّ النظر عن خلافاتها مع المركزية النقابية، أو حتى في الأوساط الحزبية والإعلامية والجمعوية التي كان يُفترض أن تحمل هموم ملايين الجزائريين وتعبِّر عن انشغالاتهم وتطلُّعاتهم.

فرحات دعا إلى العودة إلى نظام التقاعد بعد 32 سنة عملاً، بصرف النظر عن سنّ العامل الذي اشتغل هذه المدة الطويلة، وقال إنه من غير المعقول إرغام العامل الذي اشتغل 32 سنة كاملة ولم يبلغ الستين من عمره بعد على مواصلة العمل إلى أن يبلغها. وهو كلامٌ منطقي؛ لأن العامل الذي دخل عالم الشّغل وهو في سن العشرين، من المفترض أن يحصل على تقاعده كاملا في الثانية والخمسين من عمره، ومن الظلم أن نرغمه على مواصلة العمل حتى يبلغ الستين، فيكون قد اشتغل 40 سنة كاملة وفي الأخير نساوي بينه وبين من بدأ العمل في سنّ الـ28 واشتغل 32 سنة، أي 8 سنوات عملٍ أقلّ منه، ويحصل الاثنان على معاش تقاعد واحد وهو 80 بالمائة من قيمة أجريهما!

يمكن موافقةُ الحكومة في إلغاء التقاعد المسبق الذي يشتغل فيه الرجل 20 سنة والمرأة 15 سنة فقط، قبل الحصول على تقاعد يضمن به نصف مرتبه، فهذا النوع من التقاعد غير منطقي ولم يخدم سوى هذه الفئة التي استغلّت خبرتها وواصلت العمل مع الخواص بعُقود، أمَّا التقاعد النسبي الذي يتيح للعمّال الحصول على 80 بالمائة من أجورهم إذا اشتغلوا 32 سنة، فيجب العودة إليه بغضّ النظر عن سنّ العامل.

من غير المنصف أن يتمّ تحميل العمال مسؤولية العجز المالي الكبير للصندوق الوطني للتقاعد والذي بلغ 70 ألف مليار سنتيم، ومعالجة هذا الخلل الناجم عن سنواتٍ طويلة من سوء التسيير، باللجوء إلى الحلّ السهل وهو رفع سنّ التقاعد إلى 60 عاماً، ومن ثمة معاقبة مئات الآلاف من العمال الذين بدأوا حياتهم المهنية في سنٍّ مبكرة جدا، بذنب غيرهم.

 لا شكّ أنّ عاملاً أو موظفا اشتغل طيلة 32 سنة، قد استُنزِف بالكامل ونخرته الأمراضُ المزمنة وأرهقه غلاءُ المعيشة وضغوط الحياة ولم يعد قادرا على تقديم المزيد، واستمرارُه في العمل إلى غاية الستين معناه تقليص عمره بسنوات، فضلا عن أنّ بقاء هذه الفئة في مناصبها سيُفاقِم البطالة في أوساط الشباب ويحرم الكثير منهم من فرص العمل ويحكم عليهم بالانتظار سنوات أخرى قد تدفع بعضهم إلى “الحرقة” أو الانحراف.

أخيرا نسأل وزارة العمل والضمان الاجتماعي: لقد وعدتِ منذ نحو 4 سنوات بإعداد قائمةٍ للمهن الشاقة التي سيستفيد عمالُها من تخفيض سنوات العمل، بالتنسيق مع المركزية النقابية، فأين هي هذه القائمة؟!

مقالات ذات صلة