-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

بأسُهم بينهم شديد

عمار يزلي
  • 602
  • 0
بأسُهم بينهم شديد

كيان الاحتلال الذي يجد نفسه في فم كماشة متعددة الأضراس والأنياب والقواطع، مشتتا ومقسما وممزقا بين الفوضى الداخلية والانقسامات الهيكلية التي تهدد تماسكه، الذي قامت عليه دولة الاحتلال بالاغتصاب قبل نحو 75 سنة، وكما كان متوقعا قبل رمضان من كل عام، يعمل على بقاء شبه وجوده قائما بافتعال معارك جانبية تبعد أنظار الداخل عن مشاكل الكيان الداخلية، محاولة منه لتصدير الانقسامات الداخلية تحت يافطة “العدو الخارجي”، بكل ما يعنيه “الخارجي” عندهم من معنى، حتى المقاومة الداخلية في حدود 48 والضفة وغزة، يضاف إلى ذلك “التهديد” الإيراني وأذرعه في المنطقة حسب وصفهم.

الاعتداءات المتكررة على الحرم القدسي وعلى المعتكفين والمصلين، نساء وشيوخا وشبابا، والسماح للمستوطنين باقتحام المسجد الأقصى وتأدية طقوس تلمودية في ساحات وصحن الأقصى، أكبر تصعيد في سياق التطرف المستمر لحكومة التطرف اليميني الحالية المطعمة من كل أطياف مجتمع الكيان الدينية والعلمانية على حد سواء.

كما يمثّل قرار حكومة اليمين القائمة حاليا، تشكيل ميليشيا من المستوطنين تحت قيادة وزير الأمن الصهيوني، التي ستعمل تحت أوامره مباشرة، خارج دائرة شرطة الكيان، هو في حدّ ذاته تصعيد، ليس ضد الفلسطينيين والمقاومة وحسب، إذ أن وظيفة هذه الميليشيات هي تنفيذ هدر الدم الفلسطيني بلا حسيب ولا رقيب وعلى أعين الناس والأشهاد، بل ضد التحالفات الداخلية القائمة، والمتمثلة في السعي إلى خلق كيان داخل الكيان: كيان أمني ميليشياوي يتمتع باستقلالية القرار الأمني ضمن وزارة الأمن ممثلة في وزارة “بن غفير” الممثِّلة لليمين المتطرف الاستيطاني العنصري، بما يمكِّنها من فرض إرادتها وحتى منع أي انفلات أو انقلاب داخل النظام أو إحداثه إن لزم الأمر، وهذا ما يخيف الطرف الثاني في المعادلة الصهيونية الداخلية الذي يرفض ما يسمى “الإصلاحات القضائية” المعلقة إلى حين بعد أكثر من 14 أسبوعا من السخط الداخلي والاحتجاجات على تأميم اليمين الديني للقرار السياسي وتحويل الكيان إلى ديكتاتورية دينية لا تقلّ شأنا عن مثيلاتها في المنطقة من دولة الدواعش صنيعة الغرب وضمن فعاليات “الحركات الملوّنة”.

محاولة الكيان توحيد أجزاء الجرة المهشمة بافتعال التهديد الوجودي، محاولة لرمي الطعم بعيدا عن التآكل الداخلي لنظام الاحتلال، معلنة قميص الدم الفلسطيني عنوانا مشتركا وموحدا لكل أجزاء الشتات المجموع من كل الأصقاع: فعلى دم الشعب الفلسطيني تتحد المتناقضات كما يتصورون خطأ، والشرخ بات غير قابل للاندمال، وغير قابل للشفاء، وعلى العكس، فالصدع الزلزالي، سائرٌ في التوسُّع والتعمُّق، والشرخ موغلٌ في التشكل الشبكي الذي قد يهدد بانهيار البناية على مغتصبيها.

ليس مستبعدا في ظل حكومة تطرف يمينية عنصرية دكتاتورية استيطانية، أن تحاول جرَّ المنطقة إلى حرب للهروب من المأزق الذي يحاول رئيس الكيان أن يرأبه في اجتماعات ماراطونية بين مكونات النخب المتصارعة على الحكم، لاسيما إذا رأى رئيس حكومة الكيان المهدد بالسجن في أكثر من أربعة ملفات أنه لن يفلت من العقاب، فقد يغامر بتطبيق مقولة “عليَّ وعلى أعدائي”، خاصة مع وضع لم يعد اليوم كما كان: تقارب خليجي إيراني، أزعج إلى درجة لا تُصدَّق الدوائر الإسرائيلي في تل أبيت وفي واشنطن، وتقارب روسي صيني خليجي “ألعن”، كون القبعة الأمريكية ومظلتها لم تعد الوحيدة أمام توجه نحو قطبية متعددة بعد حالة التشظي الأممي الناجمة عن الأزمة الأوكرانية. عوامل كلها تصبّ في غير مصلحة الكيان من المجازفة بجنون اختلاق حرب هامشية قد تعجّل بوضع حد لنهايتها على أيدي المقاومة الداخلية والتشرذم الداخلي.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!