-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

بؤس الكلام .. بؤس السياسة

بؤس الكلام .. بؤس السياسة

إلى أي شيء تصلح الانتخابات إذا كان الجميع يعرف أن نتائجها ستكون محسومة مسبقا؟ ماذا يفيد الحديث عن وجود منتخبين ومراجعة قوائم انتخابية، وتنظيم مكاتب انتخاب، وطبع أوراق، وتجنيد طاقات، وخسارة الملايير إذا كانت النتيجة ستكون معروفة مسبقا؟ أليس في ذلك عودة إلى عصور غابرة، حيث لم يكن لبقية الشعب من دور في العملية السياسية سوى الدعوة لولي الأمر بالمنابر وإعلان الولاء والطاعة من غير نقاش؟ هل نريد أن نقضي نهائيا على ذلك الشعار الذي ضحى من أجله الشعب الجزائري: “لا بطل غير الشعب” هل نريد أن نقضي على ذلك الحلم الذي مازلنا نتمسك به بأننا يمكن أن نتدرج في تعلم الممارسة الديمقراطية إلى أن نصل إلى المرحلة التي لا تثور ثائرة أي مرشح منا حتى وإن انهزم ببضعة أصوات وينتظر دوره في المرحلة القادمة؟ لماذا يريد البعض أن يضع نفسه عنوانا لليأس بدعوى الولاء أو الوفاء أو البقاء في حين أننا نريد منه أن يكون عنوانا للأمل بكسر ذلك الخوف الذي سكن الناس بأن كل شيء محسوم، وما عليك أيها الشعب المغبون سوى أن تنزل برجالك ونسائك كالرعاع، لتعلن ولاءك ومبايعتك لهذا الحسم؟ هل قدرنا أن لا نعيش انتخابات لا نعلم من الرابح فيها ومن الخاسر قبل أن تبدأ، كما يقول المنطق وكما يقول العقل؟ هل قدرنا أن نبقى بلا قدرة على المساهمة في هذا القرار الذي سيحكمنا في الحاضر والمستقبل؟ هل قدرنا أن نهرم ونموت ونحن نتفرج على نفس اللعبة بنفس الإخراج ونفس الفاعلين ونفس الأدوات؟ أليس في ذلك تحطيم لأحد أسس الدولة بأنها لجميع أبنائها وبأنه يمكنهم أن يتنافسوا على قيادتها تنافسا شريفا ليصل منهم للأكفأ والأقدر والأجدر؟ هل قدرنا أن نبقى رعايا من الدرجة الثانية أو الثالثة لا نصلح سوى إلى التزكية القبلية والبَعدية لآخرين نصبوا أنفسهم قادة من الدرجة الأولى لا ندري على أي أساس وبأي مبرر وكيف ومتى؟

إن بلادنا اليوم تمر بمرحلة حرجة  ينبغي أن لا نتهاون في التعامل معها، إننا نعيش مرحلة مفصلية في تاريخنا المعاصر، إما تتجه بنا نحو الأمل أو تعمق لدينا اليأس الذي أصبح يرافقنا حيث نذهب. إننا إذا أردنا خيرا بهذه البلاد لا بديل لنا عن الأمل، أما إذا أردنا بها شرا فتعميق اليأس لدى الناس هو الطريق.. ونحن لا نريد اتباعه… الشعب الجزائري يريد أن يستعيد الأمل في السلطة التي تحكمه، في الإدارة التي تسيّره، في التعليم الذي يدفع أبناءه نحوه، في الصحة التي يعالج بها في زراعته وصناعته وخدماته ومنظومته السياسية… لا يريد أن يحاصر مرة أخرى باليأس، بوجوه يعرف أنها لا تحمل في تقاسيمها ليس فقط إشارات اليأس بل إشارات البؤس أيضا: بؤس الكلام وبؤس النظرة وبؤس السياسة.

 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!