-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

باب التّوبة لا يزال مفتوحا وطريق الجنّة يبقى سالكا

سلطان بركاني
  • 416
  • 0
باب التّوبة لا يزال مفتوحا وطريق الجنّة يبقى سالكا

غربت، مساءَ الأحد الماضي، شمس آخر يوم من رمضان.. ورحل شهرنا الفضيل وغادر ضيفنا العزيز الذي علّمنا أنّ الحياة في كنف طاعة الله، هي أسعد وأمتع وأفضل حياة.. رحل بعد أن ترك وصيته لنا بأن نبقى على العهد حتّى يعود في العام القابل بإذن الله.. رحل لكنّ باب التوبة لن يغلق برحيله، والمساجد لن توصد أبوابها بانقضائه، والصّدقات لن تحجب أجورها وجوائزها بتصرّمه.. حياتنا كلّها يمكن أن تتحوّل إلى رمضان، وشهورنا كلّها يمكن أن تكون أشهرا للتّوبة والإنابة والأعمال الصّالحة.
رحل رمضان، لكنّ حياتنا كلّها ستكون رمضانَ، عندما نصوم عن الحرام في كلّ وقت، ونقوم لله بحقه في كلّ حين، ونأنس بكلامه وننير به ليالينا كلّها ونهتدي بهداه في أيامنا جميعها؛ وبذلك نجد الحياة الطيّبة ونسعد ونسود كما سعد وساد الأوّلون الذين كانوا يقومون بالقرآن في اللّيل ويجعلونه دستورا لحياتهم بالنهار.

باب التّوبة لم يغلق
التوبة وظيفة العمر كلّه، وليست خاصّة برمضان، يتعيّن على كلّ عبد مؤمن أن يخلصها لله بعد كلّ ذنب أو خطأ أو تقصير، ويستشعر معها عظمة واطلاع من يعصيه، يستحي منه بقلبه وينكّس رأسه ويتذلّل له ويدعوه؛ ليجده مولاه الغفور الرّحيم في كلّ مرّة يتلقّاه برحمته وعفوه، بل ويفرح به، فهو -سبحانه- غفور ودود، يغفر لعبده، وفوق ذلك يتودّد إليه بنعمه وآلائه. يأتيه عبده تائبا وقد تكرر ذنبه وعظمت معصيته، وربما تكررت توبته، فيقيل عثرته ويغفر حوبته، ويتودد إليه ويتحبب، ويثني عليه في الملأ الأعلى.. عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيما يحكي عن ربه -عز وجل- قال: “أذنب عبد ذنبا، فقال: اللهم اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا، فعلم أن له ربا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: عبدي أذنب ذنبا، فعلم أن له ربا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب فقال: أي رب اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبا، فعلم أن له ربا يغفر الذنب، ويأخذ بالذنب، اعمل ما شئت فقد غفرت لك، قال عبد الأعلى: لا أدري أقال في الثالثة أو الرابعة: اعمل ما شئت” (صحيح مسلم).

أبواب الجنّة تغلق.. لكنّ طريقها تبقى سالكة
إذا كانت أبواب الجنّة قد أغلقت مساء آخر يوم من رمضان، فإنّ الطّريق المؤدية إلى الجنّة لا تزال سالكة وتنتظر من يسير فيها، والأعمال والأقوال الموجبة للجنّة لا تزال مبذولة لكلّ من أراد، وهي كثيرة ولله الحمد، لمن حرص وجعل الجنّة نصب عينيه، وهاك بعضها أخي المؤمن: يقول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: “ما منكم من أحد يتوضأ، فيحسن الوضوء، ثم يقول: “أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين”، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية، يدخل من أيها شاء” (رواه مسلم).. ويقول الحبيب أيضا: “من قال: “أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله، وابن أمته، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وأن الجنة حق، وأن النار حق”، أدخله الله من أي أبواب الجنة الثمانية شاء” (البخاري ومسلم).. ويقول كذلك: “من غدا إلى المسجد أو راح، أعد الله له نزلا من الجنة كلما غدا أو راح” (البخاري ومسلم).. بل انظر إلى ما هو أعجب من كلّ ما سبق، يقول الحبيب عليه الصّلاة والسّلام: “من سد فرجة، رفعه الله بها درجة، وبنى له بيتًا في الجنة” (صحيح الترغيب).

فرص المغفرة لا تزال متيسّرة
رحل رمضان وانقضت مهلة الفرص الثلاث العظيمة التي حملها معه لمغفرة الذّنوب. لكن ولله الحمد، ففرص المغفرة كثيرة من حولنا في كلّ مكان وفي كلّ وقت، في أكلنا وشربنا، وعند نومنا، وفي صلواتنا وطاعاتنا، كلّ يوم وكلّ ساعة، ودونك أخي بعض الأمثلة:
يقول الحبيب عليه السّلام: “من قال حين يسمع المؤذن: “وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا”، غفر له ذنبه” (صحيح سنن ابن ماجة).. ويقول أيضا: “من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم صلى ركعتين لا يحدّث فيها نفسه، غفر له ما تقدم من ذنبه” (متفق عليه).. ويقول: “إذا أمّن الإمام فأمّنوا، فإنّه من وافق تأمينه تأمين الملائكة، غفر له ما تقدم من ذنبه” (متفق عليه).. ويقول: “إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد، فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه” (متفق عليه).. ويقول: “الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر” (رواه مسلم).. ويقول: “من أكل طعاما فقال الحمد لله الذي أطعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة، غفر له ما تقدم من ذنبه” (رواه الترمذي وابن ماجه).

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!