” بارونات ” البطاقات الرمادية ينعشون عصابات تزوير السيارات
أصبح الحصول على البطاقات الرمادية من مصالح الدائرة الإدارية للحراش، بمثابة كابوس يؤرّق المواطنين، فهناك من الملفات من لا تزال تراوح مكانها بالرغم من مرور أزيد من عامين على إيداعها، ورغم ذلك يُطالب المتضررون من هذه الظاهرة بالتريث والانتظار.
- وثائق عديدة ومتعددة يتعين على أصحاب البطاقات الرمادية إيداعها لدى الجهات الإدارية المختصة، مقابل الحصول على الهوية الجديدة للسيارة.. المشكلة لم تعد تخص هويات السيارات المستقدمة من خارج الولاية فقط، بل وصلت حتى السيارات الجديدة، والسيارات التي تحمل ذات الرقم الولائي .
- العراقيل والبيروقراطية الإدارية تدرك مستوى لا يُطاق عندما يتعلق الأمر بمواطن يحمل بطاقة هوية من خارج العاصمة، ففي هذه الحالة يتحتم على المواطن تقديم أكثر من وثيقة تثبت مكان إقامته، كشرط لقبول ملفه، وحتى شهادة الإقامة لا تكفي في مثل هذه الحالة، إذ يتعين على المعني أيضا تقديم عقد إيجار أو وصل فاتورة الكهرباء .
- هذا أمر يراه المعنيون أكثر من غريب، لأن عقد الإيجار أو وصل فاتورة الكهرباء، عادة ما يستعملان في استخراج شهادة الإقامة.. إجراء تراه الإدارة لا مفر منه وأداة إضافية للتأكد من هوية المعني ومكان إقامته في سياق مساعيها للتقليل من حالات التزوير المتفشية، غير أن المواطن يعتبر هذا الإجراء زائدا عن اللزوم وإمعان في إثقال كاهله بالوثائق، التي لا طائل من ورائها، ودليل على غياب الثقة بين إدارات قطاع الجماعات المحلية ( ممثلة في الدائرة والبلدية ) .
- .. حتى السيارات الجديدة !
- مشكل طول مدة استخراج البطاقات الرمادية، كان إلى وقت قريب مقتصرا على هويات السيارات المستقدمة عادة من خارج الولاية، لكن الظاهرة يبدو أنها تتجه نحو التعميم، برغم الفارق الشاسع بين هذه وتلك.. خالد شاب يبدو في نهاية العقد الثاني من عمره، وجدناه متذمرا بملحقة بوروبة الخاصة بالبطاقات الرمادية، التابعة للدائرة الإدارية بالحراش، سألناه عن مشكلته فرد قائلا: “سيارتي جديدة ولم تأت من خارج الولاية، ومع ذلك، منذ 15 يوما وأنا أتردد على هذه المصلحة، وفي كل مرة يطالبوننا بالعودة في اليوم الموالي “..هذا أمر غير مقبول، يضيف المتحدث ” كنا ندفع الوثائق صباحا ونحصل على البطاقة الرمادية مساء .. إنه أمر لا يطاق، لقد سببوا لي مشاكل مع زبوني، وأنا مضطر لأعيد له عربونه ” .
- الموقف ذاته عبّر عنه شاب آخر كان ينتظر وثائق سيارته أمام شباك مصلحة بوروبة، وأضاف “عشرة أيام وأنا أنتظر، وفي كل يوم أنتقل إلى هذا المكان يقولون لي عد في اليوم الموالي”، قبل أن يتساءل: لما هذا التماطل، ماذا يفعلون هنا؟
- ملفات بعمر سنوات ولا حل في الأفق
- مشكلة البطاقات الرمادية الخاصة بالسيارات المقتناة من خارج الولاية، أصبحت قضية يستعصى حلها في نظر العديد من ضحايا هذه الظاهرة، فغياب استعمال أداة الإعلام الآلي على هذا المستوى، ترك عملية تبادل المعلومات والملفات تتم وفق الطريقة التقليدية التي تجاوزها الزمن.
- فلكي ينتقل ملف سيارة من ولاية باتجاه أخرى، يلزمه أشهر بل سنوات، وهو حال ملف سيارة عمي رابح، الذي وجدناه منزويا في آخر القاعة وبيده ملف، وعلامات التذمر بادية على محياه، اقتربنا منه وسألناه، فرد بنرفزة “أنا أسكن بولاية بومرداس..اشتريت سيارة من الحراش قبل سنتين، ولا زلت أنتظر صدور بطاقتها الرمادية إلى غاية اليوم ” ، وتابع ” لم أعد أتحمل المزيد من التأخر في استصدار البطاقة الرمادية، لأن بدونها لا يمكنني بيع سيارتي .. ” .
- معاقبة المواطن للحد من التزوير
- أحد المسؤولين في الدائرة الإدارية للحراش، فضل عدم الكشف عن هويته، لم يجد من تبرير يسوقه في هذا المجال، سوى في التأكيد على الطابع الخاص للحراش، التي تعتبر برأيه، الأكثر ازدحاما وإقبالا، مقارنة ببقية الدوائر الإدارية التابعة للعاصمة.
- وبرأي ذات المسؤول فإن الهدف الأول من التشديد على طالبي البطاقات الرمادية، احترازي بالدرجة الأولى، ويتوخى محاربة تزوير وثائق السيارات، ومن ثم التقليل من حالات السرقة التي تتعرّض لها السيارات، ويقول في هذا الصدد “عندما يشكك العون الإداري في صحة وثائق شخص أو سيارة ما، فإن النظام المعمول به يخول له طلب وثائق إضافية، حتى ولو كانت غير مذكورة في الملف ” .
- ” الرودوندو ” .. الكابوس الجديد
- ويعترف القائمون على الدائرة الإدارية للحراش، بتكدس الآلاف من طلبات الحصول على البطاقات الرمادية، لكنهم يعتبرون الأمر أكثر من عادي، بالنظر إلى الظروف التي يعملون بها، فغياب استعمال الإعلام الآلي في ملفات استخراج وثائق السيارات، جعل الإدارات تتعامل وفق الطريقة الكلاسيكية، بمعنى أن تبادل المعلومات يتم ماديا (البريد التقليدي الصادر والوارد)، وليس إلكترونيا، وهذا يتطلب وقتا معتبرا، على اعتبار أن عملية التبادل لن تتم إلا بعد تراكم كم كبير من الملفات المدروسة.
- ومن بين المستجدات التي زادت من تعقيدات الحصول على البطاقات الرمادية، ما يعرف بـ “الرودوندو” وهو إجراء جديد تم استحداثه مؤخرا، بحيث يصبح طالب البطاقة الرمادية بموجبه، ملزما بتتبع مسار السيارة عبر كافة الولايات والدوائر التي مرت بها، والحصول على وثيقة خاصة بسلامة ملف السيارة من جميع هذه الدوائر والولايات، كشرط للحصول على البطاقة الرمادية .
- الإعلام الآلي والحل المفقود
- وبرأي المسؤول الذي سبقت الإشارة إليه، فإن الكثير من المشاكل المتعلقة بالبطاقات الرمادية، ستعرف طريقها إلى الزوال مع بدء تعميم العمل بنظام الإعلام الآلي، والذي يتوقع أن يرى النور بالتوازي مع بطاقات الهوية البيومترية، بداية من مطلع العام المقبل، وكشف المتحدث في هذا الصدد، عن تكليف وزارة الداخلية والجماعات المحلية، في التحضير الجدي لهذا المشروع، وذلك من خلال تكليف مهندسين في الإعلام الآلي للقيام بهذه المهمة منذ عدة أشهر خلت .
- ومن شأن تعميم استعمال الإعلام الآلي على مستوى المصالح المعنية باستصدار البطاقات الرمادية، أن يساهم في التقليل من معاناة المواطنين، ويوفر لهم المزيد من الوقت والجهد، لأن استعمال هذه التقنية التي لم تعد جديدة، يقضي على ظاهرة “حوار الطرشان” التي تطبع العلاقة بين الجهة الإدارية التي يوجد بها ملف السيارة قبل بيعها، والإدارة الجديدة، التي سينتقل إليها ملف السيارة بعد بيعها .
- فبالرغم من وجود أدوات اتصال أكثر سرعة بين الإدارات، على غرار الهاتف مثلا، إلا أن هذه الأداة أريد لها أن تبقى معطلة إلى إشعار آخر، بحيث أكد أحد العاملين بمصالح استخراج البطاقات الرمادية، أنه لا يرد على الهاتف، ويفضل التعامل عن طريق البريد برغم محدودية فعالية هذا الخيار .
- مصلحة البطاقات الرمادية بالحراش خارج التغطية
- رفض رئيس مكتب التنظيم العام بالدائرة الإدارية للحراش، الإجابة على أسئلة الشروق بشأن أزمة استخراج البطاقات الرمادية.. فبعد أن أكد في بداية الأمر أن المخول بالتصريح في هذا الشأن، هو رئيس ديوان الوالي المنتدب، عاد في اليوم الموالي، ليعتذر عن الرد على أسئلة “الشروق”، مؤكدا بأن الأمر يتطلب ترخيصا خاصا من خلية الاتصال بولاية العاصمة، بحجة أن الأمر يتجاوز حتى رئيس الديوان. فهل بهذه الطريقة تبنى العلاقة بين الإدارة والاعلام، ولماذا الخوف من الصحافة إلى هذه الدرجة؟.