-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

بتهمة الصمت

حسان زهار
  • 352
  • 0
بتهمة الصمت

في تطور خطير ودراماتيكي، انتقلت نظم القمع العربية، من اتهام المعارضين لها بأنهم يتكلمون في قضايا أمن الدولة، ويتعرضون للنظم القائمة والذات الحاكمة، إلى اتهام الناس، كل الناس، بتهمة الصمت، لأنهم لم يقدموا صراحة وعلانية، فروض الطاعة والولاء، والتزموا جانب الصمت والحياد.

التطور الكبير هذا، يتجسد للأسف حاليا في عدد كبير من دول الخليج ومصر، فالاعتقالات العشوائية التي طالت عشرات العلماء والدعاة والكتاب وأصحاب الرأي، جاءت في كثير منها بتمهمة الصمت، أو أن أصحابها أطلقوا دعوات إلى الوحدة وعدم التفرق، فكان مصيرهم الاعتقال والتغييب، تجسيدا عمليا للمقولة الشهيرة التي أطلقها بوش قبل سنوات “من ليس معنا فهو ضدنا”.

كان الكلام تهمة، أي كلام لا يكون موزونا أو منمقا أو فيه تزلف، وها هو الصمت الآن بات تهمة، لأن أصحابه، كما يعتقد حراس المعبد، الذين انتقلوا من التفتيش عن الأدلة، إلى التفتيش في النوايا، التي سبق وأطلقها نائب الرئيس الأمريكي الأسبق ديك تشيني، يرون في الحياد تواطؤا، وفي عدم البيعة خروجا عن الحاكم، وفي اعتزال الناس وما يعبدون، تخاذلا وتآمرا.

وبالنتيجة، صارت أمتنا اليوم، أمام مفترق طرق خطير، بعد أن انتقلنا من تكميم الأفواه، إلى محاكمة النوايا، ومكمن الخطر القادم لا محالة، بعد أن خرج علينا خطيب الحرم الشريف، ليدعو بهلاك المسلمين ونصرة الكافرين، أن تصبح أي دولة مسلمة غدا عدوة تستحق الحصار والحرب، بينما إسرائيل، هذا الكيان الغاصب، يصبح رسميا وعلانية الصديق الصدوق، والحليف الاستراتيجي.

ترى أين المفر، وما عاد الصمت حكمة كما كان، ولا صار من ذهب، ولا صار هو “أقوى أسلحة السلطة” كما قال ديغول، بل تحول بين ليلة وضحاها إلى تهمة عظيمة، قد يساق صاحبها إلى حبل المشنقة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!