الرأي

بحثٌ في فائدة العدالة!

قادة بن عمار
  • 3099
  • 10

الكلام الذي قاله وزير العدل بخصوص تكوين القضاة وتورُّط بعضهم في الفساد وإطلاق أحكام من دون أساس، يجب أن لا نمرَّ عليه مرور الكرام فقد يكون بين سطوره لبُّ المشكلة وعمق الأزمة التي تتخبط فيها الجزائر منذ فترة طويلة وليس فقط منذ أشهر مثلما يريد البعض أن يوحي زورا وبهتانا.

كما أنّ التوقيت الذي يأتي فيه هذا الكلام يعدّ مهما جدا بالنظر للقبضة الحديدية التي وقعت بين الوزير ونقابة القضاة واستمرّت أسبوعين، ونتيجة التجاذبات التي تعرفها الجزائر قبل الانتخابات، ومطالبة عدد كبير من المواطنين بمراجعة آليات العمل ومستوى الحريات داخل قطاعي العدالة والإعلام تحديدا.

يقول زغماتي متسائلا: “كيف لمدرسة القضاة أن تكوّن أزيد من 400 قاض في ظرف ثلاث سنوات فقط؟ هذا أمر غير معقول”، فمن وجهة نظر الوزير، فإن “التكوين ليس حشوا للعقول بالمعلومات فحسب، إنما يحتاج إلى منهج واضح ومتفق عليه”، ولعل هذا الكلام يبرهن للجميع أن ما تعيشه العدالة حاليا قد لا يكون مرتبطا فقط بالحريات، وإنما بمستوى التكوين أيضا!

وللأمانة، فقد سبق لوزير العدل السابق وأحد أبرز رموز نظام بوتفليقة، الطيب لوح، أن أغضب القضاة حين وصف تكوينهم بأقل من التكوين المهني! مسيئا بذلك للعدالة ولقطاع التكوين المهني معا، زيادة على أن قوله لم يكن بنيّة الإصلاح بتاتا، وإلا لما كان لوح رهن الحبس في سجن الحراش حاليا!

من الضروري جدا فتح ورشات لإصلاح العدالة فورا، وضروري أيضا، الحكم على برامج المتقدمين للرئاسة، بناء على مستوى وواقعية وعودهم المرتبطة بتحسين الحريات وإصلاح الدستور واحترام دولة القانون، وليس فقط بوعود الإسكان والإطعام أو بخفض الضرائب وتمديد عطلة الأمومة!

مشكلة الاتصال والتواصل ستبقى مطروحة كذلك، لأن الكثير من القوانين تبدو في شكلها جيدة ومقبولة جدا، لكن التطبيق العشوائي وعدم احترامها، أدى إلى حدوث الكثير من الكوارث، وعلى سبيل المثل: أليس عيبا أن يتورط بعض السياسيين والحقوقيين في نشر إشاعة قيام الشرطة والدرك والضبطية التابعة للأمن العسكري بتفتيش المنازل من دون إذن من وكيل الجمهورية، وهو أمرٌ لا أساس له من الصحة، لكن البعض روَّجه لتصفية حسابات سياسية ضيقة؟

من يريد خيرا بالبلاد فعليه “إصلاح العدالة” حماية للعدالة وليس للأشخاص، وعليه النضال من أجل تحقيق الحرية كمبدأ يستفيد منه الجميع، وليس كأداة للنزاع أو لتقاسم السلطة والمناصب.

مقالات ذات صلة