-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

براهيمي “شاهد ما شافش حاجة”

براهيمي “شاهد ما شافش حاجة”

كنت أحمل تقديرا واحتراما للأستاذ لخضر “براهيمي”، لما قرأت عن نشاطه ضمن “الجيش الدبلوماسي” لجبهة التحرير الوطني، في أثناء جهادنا التحريري 1954– 1962، الذي كان يواجه- كجيش التحرير- بوسائل بسيطة الجيشَ العرمرم لفرنسا. كما كنتُ أتابع نشاطه بعد استرجاع “استقلالنا” عندما كان سفيرا للجزائر في القاهرة في الستينيات وبداية السبعينيات من القرن الماضي، والقاهرة أيامئذ كانت إحدى العواصم التي يصغي العالمُ لِما تقول ولو لم تفعل، ولا أنسى ما قام به سي لخضر لتقريب وجهات نظر اللبنانيين في حربهم الأهلية.

لكنَّ هذا التقدير بدأ في السنوات الأخيرة يتلاشى شيئا فشيئا، ويذوب كما يذوب الثلجُ تحت أشعَّة الشمس، إذ كان يُؤتَى به كلما كثرت الأقاويل والإشاعات عن الوضع الصحي لعبد القادر “مالي” فكان سي لخضر يؤدي- بعدما تُلتقَط له الصور مع “فخامة الرئيس”– دور “شاهد ما شافش حاجة”، كما تقول المسرحية المصرية وبطلها الكوميدي عادل إمام.

بوتفليقة، الذي يعرف الجميع– بمن فيهم ساكنو “جوان فيل” في البليدة- أنه لا يدري شيئا مما يدور حوله، كان سي لخضر يخرج على الناس ليؤكد أن “فخامته” يؤدي مسئوليته، ويتابع ما يجري محليا وعالميا، وأنه يتمتع بـ”قُدرات عقلية”.. ثم “هرَدْها” بما قام به في الأيام الأخيرة لـ”زمن بوتفليقة” كما هو عنوان كتاب الصحفي التونسي رياض الصيداوي.

وفي الأسبوع الماضي، اكتمل ذوبانُ ذلك التقدير بعد “فعلة” سي لخضر براهيمي بذلك التصريح الذي أدلى به إلى الصحيفة “المحبَّبَة” لبعض المسئولين الجزائريين.. إذ غمط حق شعبين مجاهدين، وبخسَهُما أعمالهما العظيمة، وهما الشعبان المجاهدان الجزائري والأفغاني، فقد اعتبر سي لخضر براهيمي ما حققه الشعبان من طرد فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية “مِنَّة” امتنَّـتا بها على هذين الشعبين، اللذين أصرَّا، فأرغما بإصرارهما وتضحياتهما ذينك المجرمين الكبيرين.

من يقرأ “هدرة” سي لخضر عن فرنسا والولايات المتحدة، وهما– مع إسرائيل– أكبر المجرمين في التاريخ المعاصر، يخالهما “لصًّا ظريفا”، كما يقول الكاتبُ الفرنسي موريس لوبلان في قصَّته التي قرأناها ونحن مراهقون.

هل رأيتم يا معشر الإنس والجن لصًّا “خْزَى الشيطان” وأعاد فصًّا لصاحبه؟ والله ما سمع الناسُ في الأولين والآخرين بهذا، ولن يسمعوا به…

المفروض، أنَّ سي لخضر براهيمي يعرف– إن لم يكن قد أدركه أرذلُ العمر– أنَّ أيَّ انتصار لا تحققه المعاركُ الحربية فقط؛ ولكنه “صراعُ إرادات”، وأن كل “تحدٍّ” تواجهه “استجابة” كما يقول المؤرِّخُ الإنجليزي أرنولد توينبي. ولا شك في أنَّ استجابة الشعبين المجاهدين وإرادتهما كانت أكبر من تحدِّي فرنسا وأمريكا فـ”استجاب القدر” كما قال أبو القاسم الشابي.

أرجو أن يقرأ سي لخضر “مذكرات الأمل” للمجرم دوغول إن لم يكن قرأها، أو يعيد قراءتها إن كان قد نسي ما قاله دوغول عن أفعال المجاهدين الجزائريين في فرنسا، التي جعلوها “رجلَ أوربَّا المريض”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!